البث المباشر

المقاتل الحسينية -۱٥

الأربعاء 12 يونيو 2019 - 09:35 بتوقيت طهران
المقاتل الحسينية -۱٥

بسم الله وأزكى الصلاة على المصطفى حبيب الله، وعلى آله آل الله.
لقد حمل الامام الحسين (عليه السّلام) هموم الرسالة النبوية الشريفة، وعزّ عليه أن يهوي المسلمون في وديان الضلالة ومستنقعات الفساد وجحيم الظالمين. فبلغ حقائق الاسلام، ودعا الى الصلاح والاصلاح، لكن الطغاة ضاقوا به ذرعاً، فقرروا قتله اينما كان ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة، وكيفما كان ولو كان ساجداً لله في محراب التوحيد والعبادة، إنّه لابد أن يقتل بأي صورة وبأي أسلوب يكون ذلك القتل.
وقد شاء الله تعالى أن تقام ملحمة الشهادة على ارض كربلاء، وفي يوم عاشوراء، فاحتدمت بين عسكرين قيم الايمان والتقوى، وقيم الكفر والفسوق وقيم الاسلام الحنيف، وقيم الجاهلية الاولى وجند الثبات على الدين، وجند الرّدة والنفاق والضلال!
وانتهت المعركة فوق رمال الطف الساخنة، لتنتقل الى الضمائر والقلوب، وإلى النفوس والعقول، وكانت الاخبار تتطاير في آفاق الفضاء لتستوطن هنا وهناك، وذهل الناس وعمّ العجب، وهيمنت الحيرة...؟! نعم كان له أدلته الصارخة وشواهده الحيّة، إذن لا بدّ من تثبيت ذلك على القراطيس، بمحابر التأكيد والتوثيق، وبأقلام صارخة بالحقيقة. فكتبت المقاتل، وكان منها مقتل احتلّ فصلاً في كتاب للشبلنجي الشافعيّ، سمّاه: (نور الابصار في مناقب آل النبي المختار).
مما عرف في شخصية الشبلنجي الشافعي أنه كان يهتم ببعض قضايا التاريخ وحقائقه الكبيرة، وكان يميل الى العزلة وربما أعانته على فهم بعض الامور بعيداً عن تشويشات المزوّرين، كما كان الشبلنجي هذا يألف زيارة القبور والمشاهد، وذلك ايضاً مما عانه على أن يخطو خطوات نحو حياة الاولياء، ومنهم سيّد الشهداء. أبو عبد الله الحسين (صلوات الله عليه). ومما يذكر في سيرة الشبلنجي الشافعي وفي سرّ تأليفه لكتابه (نور الابصار)، أنّ رمداً شديداً أصاب عينيه، فالتجأ الى قبر العلوية الحسنية العارفة، السيدة نفيسة حفيدة الامام الحسن السبط ابن الامام عليّ (عليه السّلام)، فتوسل بها وبآبائها الكرام الى الله تعالى، ونذر إن شافاه الله جلّ وعلا أن يكتب في مناقب النبيّ وأهل بيته الاطهار صلوات الله عليه وعليهم، فارتدّ بصيراً، وأمرّ الله عينيه فوفى بنذره، وألفّ كتابه (نور الابصار في مناقب آل النبي المختار) سنة 1290 هجرية، فطبع سنة 1346 هجرية وقد حوى فيما حواه بين دفتيه فصلاً في مقتل سيد شباب اهل الجنة الامام الحسين (عليه السّلام) فماذا يا ترى في ذلك الفصل من الكتاب؟
بعد بيان الشبلنجيّ الشافعيّ لبعض مناقب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين علي سلام الله عليه، يمضي في عرض شيء من سيرة الامام الحسن وفضائله (عليه السّلام) حتى إذا بلغ فصله المتعلق بالامام الحسين، كتب بأختصار اشارات من حياته المباركة، معّرفاً بجوانب منها، ليقف قليلاً على عنوان: نبذة من الاحاديث الواردة في حقه، اي الاحاديث النبوية الشريفة الذاكرة لفضائل الامام الحسين ومناقبه، ذكر منها رواية أمّ الفضل زوجة عمه العباس بن عبدالمطلب حيث قالت: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت: يا رسول الله، رأيت البارحة حلماً منكراً!
قال: ما هو؟
قلت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت فوضعت في حجري!
فقال: خيراً رأيت تلد فاطمة الحسين.
فكان في حجري كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخلت عليه فوضعته في حجره، ثم حانت منيّ التفاتة، فاذا عينا رسول الله تدمعان!
فقلت: بأبي وأميّ يا رسول الله، ما يبكيك؟!
قال: جاء جبرئيل (عليه السّلام) فأخبرني أنّ أمتي ستقتل إبني هذا وأتاني بتربة من تربته حمراء!
ثم يختم الشبلنجي مقدمة فصله برواية للحافظ عبد العزيز الجنابذيّ من كتابه (معالم العترة الطاهرة) عن الاصبغ بن نباتة قال: أتينا مع عليّ (رضي الله عنه) في سفرة فمررنا بأرض كربلاء.
فقال عليّ: ها هنا مناخ ركابهم، وموضع رحالهم ومهراق دمائهم، فئة من أمة محمد (صلى الله عليه وآله) يقتلون في هذه العرصة، تبكي عليهم السماء والارض.
كان ذلك الاماجد مقدمة لذكر مقتل الحسين (عليه السّلام) في كتاب (نور الابصار) حيث يبدأ بفصل عنونه الشبلنجيّ الشافعيّ هكذا: في خروجه الى العراق واستشهاده رضي الله عنه، آتياً بمقدمات قصة كربلاء وأسبابها، والوقائع التي سبقتها، الى أن يذكر المقتل الحسيني الرهيب، ليدخل في الحوادث التي أعقبته، ولم يخل استعراضه المتسلسل من التفاتات نابهة، منها: علامات انحراف قتلة الحسين (عليه السّلام) وحالات سبي آل الحسين، واحتجاجات الامام السجاد (عليه السّلام) مع يزيد بن معاوية، وانقلاب العوالم الكونية على أثر مقتل أبي عبدالله الحسين وبعض من عوقب من قتلة الحسين في الدنيا قبل الاخرة، إمّا: بالقتل، أو سواد الوجه، أو تغيير الخلقة، أو زوال الملك في مدّة يسيرة.
ويختم هذا الفصل بهذه الاشارة وكانت عدّة القتلى التي حملت رؤوسها الى عبيد الله بن زياد، في صحبة رأس الحسين (رضي الله عنه) سبعين.
نقل الشبلنجيّ الشافعيّ ذلك عن ابن الصبّاغ المالكيّ من كتابه (الفصول المهمة) لينتقل الى فصول أخرى تتعلق بالرأس الشريف لسيّد الشهداء (صلوات الله عليه) وبمواضيع اخرى.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة