البث المباشر

المقاتل الحسينية -۸

الأربعاء 12 يونيو 2019 - 09:07 بتوقيت طهران
المقاتل الحسينية -۸

الحمد لله رب العالمين، وافضل الصلاة وازكى السلام على المصطفى خاتم المرسلين، وعلى اله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرة اخرى نعود الى (مقتل الامام الحسين عليه السلام) لمؤلفة الشيخ لوط بن يحيى الغامدي، المشهور بـ (ابي مخنف) مسجلين له ملاحظات مهمة وخصائص ملفتة في كتابه هذا، وقد دون وقائع معركة طف كربلاء، وهو المؤرخ الراوي الذي كان معاصرا او قريبا من المعاصرة للواقع التي سجلها عن واسطة واحدة في اغلب الاحيان.
وهذه ميزة مهمة في مؤلفات ابي مخنف ومصنفاته التي ضاع قسم منها او اضيع، وتلف البعض منها او اتلف؛ لان الرجل كان يدون الكثير من الحقائق المرة التي لا يروق للحكام الظلمة ولا للجهلة المتعصبين سماعها، فضلا عن تثبيتها ونشرها، لاسيما اذا مست الرموز من السلف.
ومع ذلك فقد فرض ابو مخنف نفسه على التواريخ، حتى كان له القسط الاعظم في اخبار العراق وفتوحاته، وكان معتمد علماء السنة في النقل عنه، كما كان اكثر المؤرخين عيالا عليه، خصوصاً: ابن الاثير، والطبري.. فلنتبين.
تناول المؤرخ الشهير ابو جعفر محمد بن جرير الطبري في (تاريخ الامم والملوك) كثيرا من تواريخ ابي مخنف، ويكفي المراجع ان يرى ان (تاريخ الطبري) يضم بين دفتيه، وفي مكان واحد، اكثر من سبعين صفحة تحت عنوان احداث سنة احدى وستين من الهجرة، ينقلها عن(مقتل الحسين) عليه السلام لابي مخنف؛ لان واقعة الطف هي الحادثة العظمى في تلك السنة، حيث كتب الطبري: فمن ذلك مقتل الحسين رضوان الله عليه، قتل فيها (اي تلك السنة) في المحرم لعشر خلون منه.. ثم قال: وقد ذكرنا ابتداء امر الحسين في مسيره نحو العراق، وما كان منه في سنة ستين، ونذكر الان ما كان من امره في سنة احدى وستين، وكيف كان مقتله. حدثت عن هاشم (ابن الكلبي)، عن ابي المخنف.. ثم يبدا الطبري بنقل الوقائع المحرمية لمسيرة الامام ابي عبدج الله الحسين سلام الله عليه، فيكتب: اقبل الحسين حتى نزل (شراف).. ويمضي مع الوقائع، وفي كل مقطع يكتب: قال ابو مخنف، حتى يقف على العنوان الاخير، هكذا: ذكر اسماء من قتل من بني هاشم مع الحسين عليه السلام، وعدد من قتل من كل قبيلة من القبائل التي قاتلته.. فيدوّن الطبري تحت هذا العنوان هذا الخبر ينقله قائلاً:
قال هشام: قال ابو مخنف: ولما قتل الحسين بن علي عليه السلام، جيء برؤوس من قتل معه من اهل بيته وشيعته وانصاره الى عبيد الله بن زياد... فذلك سبعون رأسا!
ويواصل الطبري روايته ياخذها عن الشيخ (ابي مخنف) في شان الوقائع المتاخرة عن شهادة الامام الحسين صلوات الله عليه، فيكتب:
قال ـ اي ابي المخنف ـ: وقتل الحسين ـ وامه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، قتله سنان بن انس النخعي، ثم الاصبحي، وجاء براسه خولي بن يزيد. وقتل العباس بن علي بن ابي طالب ـ وامه ام البنين ابنة حزام بن خالد.. قتله زيد بن رقاد الجنبي، او الجهني، وحكيم بن الطفيل السنبسي. وقتل جعفر بن علي بن ابي طالب وامه ام البنين ايضاً.. وهكذا يستمر في الذكر اسماء الشهداء رضوان الله تعالى عليهم، معرفا بهم حتى ينتهي الى آخر قتيل قبل شهادة سيد شباب اهل الجنة ابي عبد الله الحسين سلام الله عليه، فيكتب الطبري: وقُتل عبد الله، رضيع الحسين بن علي. فاذا اراد الطبري الانتقال الى الفقرة الاخرى، كتب هذا المؤرخ:
قال ابو مخنف: حدثني عبد الرحمان بن جندب الازدي، ان عبيد الله بن زياد بعد قتل الحسين، تفقد اشراف اهل الكوفة فلم ير عبيد الله بن الحر الرياحي، ثم جاءه بعد ايام حتى دخل عليه، فقال: اين كنت يا ابن الحر؟
قال: كنت مريضاً.
قال عبيد الله بن زياد (مستهزئا): مريض القلب، او مريض البدن؟!
قال ابن الحر: اما قلبي فلم يمرض، واما بدني فقد من الله علي بالعافية.
فقال له ابن زياد: كذبت، ولكنك كنت مع عدونا (يقصد الحسين(ع))، فاجابه ابن الحر: لو كنت مع عدوك لرئي مكاني (اي لرآ ني الناس كيف اصول.. واجول)، وما كان مكاني يخفى.
قال الراوي: وغفل ابن زياد غفلة.
فخرج ابن الحر فقد على فرسه، فقال ابن زياد: أين ابن الحر؟!
قالوا: خرج الساعة، قال: علي به.
فاحضرته الشرطة قائلين له: اجب الامير، فاندفع بفرسه وهو يقول لهم: ابلغوا عبيد الله اني لاأتيه ـ والله ـ طوعا ابداً! ثم خرج حتى اتى كربلاء، فنظر الى مصارع القوم، فاستغفر لهم هو واصحابه، ثم مضى حتى نزل المدائن، وقال في ذلك (يهجو عبيد الله بن زياد ـ ويرثي الحسين صلوات الله عليه):

يقول امير غادر حق غادر

الا كنت قاتلت الشهيد ابن فاطمة

فياندمي الا اكون نصرته

الا كل نفس لا تسدد نادمه

واني لاني لم اكن من حماته

لذو حسرة ما ان تفارق لازمه

سقى الله ارواح الذين تازروا

على نصرة سقيامن الغيث دائمه

وقفت على اجداثهم... ومجالهم

فكاد الحشا ينفض والعين ساجمه

لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغى

سراعاً الى الهيجا،حماة خضارمه

تآسوا على نصر ابن بنت نبيهم

باسيافهم... اسادغيل ضراغمه

فما ان راى الراؤون افضل منهم

لدى الموت سادات وزهراً قماقمه

ثم يوجه خطابه الى ابن زياد فيقول:

اتقتلهم ظلما وترجوودادنا؟!

فدع خطة ليست لنا بملائمه

لعمري لقد راغمتمونا بقتلهم

فكم ناقم منا عليكم وناقمه!

اهم مرارا ان اسير بجحفل ٍ

الى فئة زاغت عن الحق ظالمه

فكفوا والاذدتكم في كتائب ٍ

اشد عليكم من زحوف الديالمه!

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة