البث المباشر

المقاتل الحسينية -۱

الأربعاء 12 يونيو 2019 - 08:38 بتوقيت طهران
المقاتل الحسينية -۱

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، واعظم الله اجورنا اجوركم بمناسبة الذكرى الاليمة لشهادة سبط النبي، الامام ابي عبد الله الحسين سيد شباب اهل الجنة عليهم السلام.
ان مأساة الامام الحسين هزت الوجدان الانساني، فتوهجت بها مشاعر المسلمين، وتأنبت ضمائرهم، واعتصرت قلوبهم، كيف يقتل حبيب رسول الله صلى الله عليه وآله وبتلك القتلة الفظيعة؟! وهو حفيد المصطفى وسليله، وابن فاطمة الزهراء وعلي المرتضى، وهو من نزلت فيه وفي اهل بيته ايات شريفة: كآية التطهير، وآية المودة، وآية المباهلة.
لقد جرى ما جرى يوم عاشوراء، على طف كربلاء، ما ذهلت له العقول، وعاد الناس بالائمة على انفسهم: لماذا اسلموا الحسين لطاغية زمانه حتى قتله واهل بيته واصحابه بذلك الاسلوب الشنيع؟!
لماذا لم ينصروه ويؤازروه، ولماذا ولماذا؟! وانطوت الضمائر على تأنيب ملح شديد، كما انطوت الانفس على كآبة وحزن مديد... فكان لابد من النوح والبكاء... فتوسلوا الى ذلك بوسائل عديدة، رأوا من اشرفها ان تقرا قصة الشهادة الحسينية بفجائعها المرّة المريرة، لتُكسب عليها العبرات الولائية، وليتعرف الناس على المظلومية العظمى والمأساة الكبرى التي حلت بالحسين، وآل الحسين... وليتعرفوا ايضاً على الجريمة العظمى والظليمة الكبرى التي ارتكبها المنافقون أدعياء الاسلام أصحاب النزعات الجاهلية الاولى.
ومن هنا تولدت ضرورة جمع فصول مقتل الامام الحسين صلوات الله عليه، فانطلقت الالسن تقصّ وتنقل، وانفتحت الافهام تحفظ وتجمع، وأنبرت الاقلام تدوّن وتسجل لا سيما الاقلام التي شهدت جوانب من المعركة، والاقلام التي كتبت عن السنة من حضر يوم طف كربلاء، وروت عن اهل بيت العصمة والطهارة... فصاحب الدار ادرى... واشترك الجميع، في نقل الوقائع والاحداث، وما جرى من الاحتجاجات والمحاورات، وما كان قبل كربلاء وبعدها... فكتبَت مقاتل عديدة، معظمها موثق ومعضود، والباقي مشهور ومعهود.. لا يخلو من اقرارات الخصوم، ومنهم القتلة والمشاركون في قتل سيد الشهداء وآله وصحبه.
واللا ّفت للاذهان ان كثيراً من المقاتل - مفصلة بعضها ومختصرة - قد كُتبت بأقلام ليست تابعة لأهل البيت على مستوى التشيع والولاء، كان منها، بل ومن أفضلها: مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي الحنفي... لنقف عنده بعد لحضات.
قبل كل شيء لا بأس ان نتعرف على مؤلف كتاب (مقتل الحسين) هذا، وهو أبو المؤيد، الموفق محمد بن احمد، المكيّ، الخوارزمي، الملقب بـ"أخطب خوارزم" وبـ"خليفة الزمخشري" وُلد سنة 484 وتوفي سنة 568 هجرية. ذكره المؤلفون في مؤلفاتهم: كالسيوطي في (البُلغة)، ونقل له عن القطفي والصفديّ، مديحا ً واعجابا ً به.
وممن نقل عن كتابه (مقتل الحسين): الكنجيّ الشافعيّ في (كفاية الطالب)، واليماني الصنعانيّ في (الروض الباسم)، والزرندي الحنفي في (نظم دُرر السِّمطين)، وابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة)، والهيتمي ابن حجر (الصواعق المحرقة) والسمهوديُّ الشافعيّ في (جواهر العقدين)... وغيرهم كثير.
وللخوارزمي الحنفي مصنفات كثيرة، اهمها: كتاب الاربعين في أحوال سيد المرسلين صلى الله عليه وآله الطيبين، ومناقب عليّ بن ابي طالب عليه السلام، ومقتل الحسين عليه السلام في جُزءين.
وقد ذ ُكر للخوارزمي شعر جميل في ذكر فضائل أهل البيت عليهم السلام، عبّر فيه عن أعجابه بهم ومحبته لهم... من ذلك قوله:

ألا هل من فتى كأبي تراب

امام طاهر فوق التراب!

اذا ما مُقلتي رمدت فكحلي

تـُراب مسَّ نعل ابي تراب

هو البكاء في المحراب لكن

هو الضحاك في يوم الحراب

وقال كذلك:

هل ابصرت عيناك في المحراب

كأبي تراب من فتىً محراب؟!

لله دَرُّ ابي تراب إنه

اسد الحراب... وزينة المحراب

هو ضارب... وسيوفه كثواقب ٍ

هو مُطعِم وجفانه كجواب

لو لا عليّ ما أهتدى في مشكل ٍ

عُمر... ولا أبدى صواب جواب!

وقد كتب عدد من العلماء في حياة الخطيب الخوارزمي، منهم: السيد حامد مير حسين الحسينيّ في (عقبات الانوار) ما استغرق عشرات الصفحات، والعلامة الاميني في الجزء الرابع من موسوعته الفاخرة (الغدير)، والمحقق الفاضل الشيخ محمد السُّماويّ في مقدمة كتاب الخوارزمي (مقتل الحسين)... حيث حققه وراجعه، وتطرق الى نشر هذا الكتاب على يد أصحاب الخير والفضيلة في مدينة النجف الاشرف سنة 1367 هجرية، شاكراً تلك الايدي الكريمة التي كتبت المقاتل، وحفظت هذا التراث العزيز الذي يصرخ بمظلومية أهل بيت الوحي والرسالة، وظالميّة أعدائهم.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة