السلام عليكم أيها الأطائب، طابت أوقاتكم بكل ما تحبون وما يحبه لكم الله ويرضاه عزوجل.
أيها الأكارم كيف كانت سيرة النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – في تعامله مع الدنيا؟ هذا السؤال هو الذي نبحث – في هذا اللقاء – في النصوص الشريفة عن إجابته لكي نتأسى به – صلى الله عليه وآله – قدر طاقتنا واستطاعتنا بالطبع، تابعونا مشكورين.
نتأمل أولاً – مستمعينا الأفاضل – بما رواه الشيخ المفيد – رضوان الله عليه – في كتاب الأمالي بسنده عن مولانا الإمام الحسين – صلوات الله عليه – قال:
"حدثني أبي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب – عليهما السلام – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله -: أتاني ملك فقال: يا محمد إن ربك يقرؤك السلام ويقول: إن شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهباً، فرفعت رأسي الى السماء وقلت: يا رب أشبع يوماً فأحمدك وأجوع يوماً فأسألك".
وهكذا رفض سيد العارفين بحقيقة الدنيا – صلى الله عليه وآله – أن تجعل كل صحراء مكة ذهباً ويمتلك تلك الثروة الكبيرة ورجح عليها رزقاً مادياً يجعله مرتبطاً بالله باستمرار فيحمده عند الشبع والسراء ويدعوه عزوجل عند الجوع والحاجة.
أيها الإخوة والأخوات، وروى الشيخ الجليل الحسين بن سعيد الأهوازي – رضوان الله عليه – في كتاب الزهد بسنده عن الإمام الصادق – سلام الله عليه – قال: (دخل على النبي – صلى الله عليه وآله – رجل وهو على حصير قد أثر في جسمه ووسادة ليف قد أثرت في خده، فجعل يمسح – يعني الغبار – عن رسول الله ويقول: ما رضي بهذا كسرى ولا قيصر، إنهم ينامون على الحرير والديباج وأنت على هذا الحصير؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وآله -: لأنا خير منهما والله، لأنا أكرم منهما والله، ثم قال: ما أنا والدنيا، إنما مثل الدنيا كمثل رجل راكب مرّ على شجرة ولها فيء، فاستظل تحتها، فلما أن مال الظل عنها ارتحل فذهب وتركها).
مستمعينا الأفاضل، نشير هنا الى أن من الزهد المحمدي ما فيه مواساة لأضعف رعيته – صلى الله عليه وآله – في معيشتهم عملاً بما فرضه الله عزوجل على أئمة العدل كما ورد في حديث خليفته الوصي المرتضى – عليه السلام – مع عاصم بن زياد والمروي في نهج البلاغة، وهذا مما لم يكلف به غير أئمة العدل فيكون التأسي بصاحب الخلق العظيم – صلى الله عليه وآله – في أصل الزهد بالدنيا والتحرر من أسرها.
وبهذه الملاحظة ننهي أيها الأكارم حلقة اليوم من برنامجكم (الأسوة الحسنة) شاكرين لكم كرم المتابعة وفي أمان الله.