سلام من الله عليكم أيها الأطائب ورحمة الله وبركاته، طبتم وطابت أوقاتكم بكل ما تحبون، وأهلاً بكم في لقاء اليوم مع النصوص الشريفة المعينة لنا على العمل بما دعانا له الله جل جلاله من التأسي بأكمل خلقه وأقربهم إليه وأكرمهم عليه رحمته الكبرى للعالمين حبيبنا المصطفى الأمين – صلى الله عليه وآله الطاهرين -.
أيها الأحبة، كيف كانت سنة الحبيب المختار في صمته – صلى الله عليه وآله -؟
عن هذا السؤال يجيبنا أعرف الخلق بشمائله وأخلاقه، أخيه ووصيه الإمام علي – عليه السلام – فقد روي عنه في كتابي مكارم الأخلاق وعيون أخبار الرضا – عليه السلام – أنه قال في بعض فقرات حديث جامع في وصف الخصال المحمدية:
"كان سكوته – صلى الله عليه وآله – على أربع: على الحلم والحذر والتقدير والتفكر".
أي أن الصمت والسكوت المحمدي مبارك بالحالات الأربع المذكورة، فهو صمت إيجابي مثمر للخير والعطاء، وهذا ما يزداد وضوحاً بالبيان العلوي لهذه الحالات الأربع، كما سنرى بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
قال الوصي المرتضى – عليه السلام – في بيان معاني الحالات الأربع التي يقترن بها سكوت رسول الله – صلى الله عليه وآله -:
"فأما التقدير ففي تسوية النظر والإستماع بين الناس، وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى، وجمع له الحلم في الصبر فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه".
إذن فالنبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – كان يصمت إقراراً لتقدير العدل في المساواة في النظر والإستماع لما يقوله الآخرون.
كما أن سكوته – صلى الله عليه وآله – يثمر التفكر بما فيه الإعتبار مما يبقى ويفنى.
وثالثاً فإن سكوته – صلى الله عليه وآله – كان حلماً على أخطاء الآخرين يعلمنا به أن لا نرد على الكلام القبيح ولا نستسلم لإستفزازه بالغضب فينجز الأمر الى النزاع.
وقال أمير البيان الإمام المرتضى – عليه السلام – في بيان الصمت النبوي حذراً:
"وجمع له – صلى الله عليه وآله – الحذر في أربع: أخذه الحسن – يعني من الكلام – ليقتدى به، وتركه القبيح لينتهى عنه، واجتهاده الوافي في إصلاح أمته، والقيام فيما جمع لهم من خير الدنيا والآخرة".
إذن فصمت النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – يعلمنا أن لا تنفوه إلا بالحسن من القول، ونحذر من الكلام القبيح واللغو الذي ليس فيه إصلاح الناس وصلاحهم وخيرهم في الدنيا والآخرة.
أعاننا الله وإياكم أيها الأحبة على جميل التأسي بفعال أجمل الأفعال التي استجمعها من أمرنا الله بالتأسي به صاحب الخلق العظيم الحبيب محمد – صلى الله عليه وآله الطاهرين – اللهم آمين.
والى لقاء آخر من برنامجكم الأسوة الحسنة دمتم في أمان الله.