اذا نابك الدهر لا تعجب
فليس على الدهر من معتب
وان داهمتك صروف الزمان
تذكر عقيلة آل النبي
تذكر مصائبها سلوةً
وحمر الدموع عليها اسكب
رأت خطب طه نبي الهدى
بقلب بنار الاسى ملهب
وسقط البتولة بين الجدار
والباب عصراً ولم ترقب
وغصب الوصي وسحب الولي
إلى حيث لا يرتضيه الابي
وشاهدت المجتبى قاذفاً
حشاه بسم له معطب
وناهيك ارزاؤها في الطفوف
فمهما تحدثت لم تكذب
رأت رهطها صرعاً في الثرى
ضحايا الحفاظ ولم تندب
ورأس الحسين وباقي الرؤوس
تسير مقدمة الموكب
اتلحظ اسرها زاجراً
ام الطفل مهما بكى يضرب
ام القيد أثقل زين العباد
ام السوط يلوى على المنكب
ام الشتم تسمعه جهرةً
يكود من شامت مطرب
رزايا يحار لديها الصبور
احتمالاً... ومنها يشيب الصبي
وقد قابلتها بكظم الوصي
وصبر البتول ... وحلم النبي
حقيقة زينب الكبرى انها رمز الصبر ومثاله، فلم ينزل بأحد من النوائب والرزايا ما نزل بها، فكانت كالجبل الاشم، صابرةً على افظع البلاء، وشاكرةً ربها على أفجع القضاء، ومسلمةً لله تعالى كل امورها، راضيةً حامدة، رغم هول المصاب الذي الم بها يوم عاشوراء ... في ارض كربلاء.
ولولا علم الامام الحسين (عليه السلام) بايمان اخته زينب ويقينها، لما اصطحبها الى ارض الطف، ولما عهد اليها بوصاياه وجعلها نائبةً عنه في مرض ولده زين العابدين وفي تقيته. وقد لبت زينب العقيلة نداء اخيها سيد شباب اهل الجنة، وتكفلت، وتعدت، ووفت، وكانت تلبيتها صادقةً كريمة، كما كانت مواقفها حكيمةً صبورة طوال مسيرة السبي وركبه الثائر الحزين.
*******
والآن الى ضيف البرنامج الشيخ باقر الصادقي وهو يحدثنا عن سيرة العقيلة زينب في السبي:
المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم سلام على ضيفنا الكريم سماحة الشيخ باقر الصادقي.
الشيخ باقر الصادقي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المذيع: سماحة الشيخ الصادقي، كثير من اخلاق السيدة زينب سلام الله عليها وخصوصياتها برزت في سيرتها عليها السلام ايام السبي وحركة السبي، المسيرة الصعبة التي تصعب على الكثيرين تحمل مشاقها خاصة في تلك الظروف، نرجو من سماحتكم بيان ابعاد سيرة العقيلة زينب سلام الله عليها في هذه المرحلة الحساسة ليس من حياتها بل من تاريخ الاسلام ككل؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم، بسم الله الرحمن الرحيم هناك مجموعة ادوار قامت بها عقيلة الطالبيين الحوراء زينب (سلام الله عليها) في حركتها من الكوفة او بالاساس من كربلاء الى الكوفة، ومن الكوفة الى الشام، لعلنا نستوحي ونستلهم هذه النقاط، النقطة الاولى حاولت (سلام الله عليها) ان تبين للملأ مظلومية ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) من خلال خطبتها في الكوفة ومن خلال خطبتها في الشام وكذلك من خلال بعض المواقف التي تستدعي ان تتكلم وتتحدث او تشير الى مظلومية الامام الحسين في حال السبي هذه نقطة واضحة وجلية حتى ان الادباء اخذوا هذاالمعنى ونظموه في الشعر نتيجة المشاهدات في سيرة الحوراء زينب في السبي قال احدهم:
وتشاطرت هي والحسين بدعوة
حتم القضاء عليهما ان يندبا
هذا بمعترك النصول وهذه
من حيث معترك المكاره في السبا
يعني انه بمواقفها في فضح الطغاة وفضح الظلمة كان دور من الادوار المهمة في حركة السبي هذا جانب ولعل قولها امان هذا الطاغية يزيد، يا يزيد كد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لاتمحو ذكرنا ولاتميت وحينا، هذا في الحقيقة، او تقول له مثلاً، اَمن من العدل يا بن الطلقاء تخديرك حرائرك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتك ستورهن، الخ .. خطبتها هذه نبذة من فضح الطغاة والقيام بالواجب الشرعي، هذه هي النقطة الاولى، النقطة الثانية صبرها على هذا السبي، نفس الصبر من جملة ما نستوحيه من ان المرأة المؤمنة ينبغي ان تقتدي بالحوراء زينب عند المصائب وعند الشدائد وان تصبر، وصبرها كان واضحاً وجلياً ولم تفتر عن ذكر الله وعن عبادة الله حتى في السبي، رمقها بطرفه الامام زين العابدين ليلة تصلي صلاة الليل قبل ان يصلوا الى الشام بقليل تصلي من جلوس، قال لها عمة زينب هذه اول مرة اراك تصلين من جلوس، قالت على الضعف الذي نزل بي، اذن هذا مما نستوحيه في ما معناه ان الانسان المؤمن عند الشدة وعند المصيبة ينبغي ان يتضاعف ارتباطه بالله وخصوصاً تهجده الى الله ولا يعب ذلك ان يكون الجسد ضعف لكن الروح قوية متصلة بالله وبالملأ الاعلى ولذلك هذا مما نستوحيه في طريق السبي.
المذيع: عفواً سماحة الشيخ يمكن ان يكون ذلك مصداق لما ورد عنهم (عليهم السلام) ما ضعف بدن عما قويت عليه النية؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم، نعم احسنتم لكن باعتبار اجساد، والجسد يحتاج الى طعام، يحتاج الى هذا فيتأثر.
المذيع: نفس حالة الارتباط بالله تبارك وتعالى تؤدي الى ان يستجيب البدن، لم يكون قادراً على اصل الصلاة؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم، احسنتم اذا بهذا المعنى انه مع حالتها ومع ضعفها لكن كانت تكره نفسها لتصلي وتضع الجسد خاضعاً لقوة الروح.
المذيع: سماحة الشيخ النقاط الاخرى لو سمحتم نوكلها الى الحلقة المقبلة.
*******
نتابع اعزاءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج اخلاق زينبية بالاشارة الى ان مصائب العقيلة الكبرى زينب ما لا تطيقه النفوس، ولا تثبت لها القلوب... الا من كان من الاولياء الذين اوتوا حظاً عظيماً من الصبر والتسليم لامر الله - تبارك وتعالى-، وكانت زينب كذلك، وقد شهدت وهي في الرابعة من عمرها الشريف رحيل جدها المصطفى، وبعد اشهر قلائل شهدت مصيبة امها فاطمة الزهراء وشهادتها، وبعد سنوات تلقت والدها امير المؤمنين علياً (سلام الله عليه) مفضوخ الرأس محمولاً من محرابه الى بيته حتى فاضت روحه الطاهرة بعد ثلاث... ثم شهدت اخاها الحسن المجتبى وهو يتقيأ كبده المسموم قطعاً قطعاً حتى لفظ انفاسه المباركة الاخيرة بين يديها وقد عقته هذه الامة. واما كربلاء... وما ادرانا ما كربلاء! فقد ارتها اهوالاً وعجائب.. فعاينت فيها اشلاء الضحايا، مجزرين على صعيد المنايا، ورأت فيها مصارع الشهداء من عشيرتها، واخوتها وبني عمومتها، قد فرق السيف بين الرؤوس والابدان، وحرارة الشمس قد غيرت منهم الالوان، وبينهم ريحانة المصطفى سيد شباب اهل الجنة صريعاً على الرمضاء، فاجهشت بالبكاء، ونادت بهذا الدعاء: الهي تقبل منا هذا القربان. ثم انثنت شاكيةً وجدها الى جدها وهي تقول: يا محمداه، هذا حسين بالعراء، مرمل بالدماء، مقطع الاعضاء، وبناتك سبايا وذريتك مقتلة...
لله صبر زينب العقيلة
كم صابرت مصائباً مهوله
رأت من الخطوب والرزايا
امراً تهون دونه المنايا
رأت كرام قومها الاماجد
مجزرين في صعيد واحد
تسفي على جسومها الرياح
وهي لذوبان الفلا تباح
رأت عزيز قومها صريعاً
قد وزعوه بالظبا توزيعا
رأت رؤوساً بالقنا تشال
وجثثاً اكفانها الرمال
رأت رضيعاً بالسهام يفطم
وصبيةً بعد ابيهم ايتموا
رأت شماتة العدو فيها
وصنعه ماشاء في اخيها
*******