البث المباشر

خطب السيدة زينب(ع) وآثارها في الامر بالمعروف سيرتها (عليها السلام) في السبى اشعار في بلاغتها (عليها السلام)

السبت 25 مايو 2019 - 14:25 بتوقيت طهران

بنفسي ابنة الزهرا عقيلة حيدر

وجل قراباتي وقل التقرب

لقد أشبهت فخراً اباها وامها

لقد أنجبت أم وانجبها اب

يناط الى بيت النبوة بيتها

واستاره بالنيرات تطنب

فأين بنات العرب منها، وانها

لأفصح ممن قد نماهن يعرب

فان خطبت فالسيف دون لسانها

وان خاطبت فالسمهري المدرب

ودان لها اهل الخطابة ناكسو

رؤوس ... وان لم يجد فيها المؤنب

ولكنها أبكت قلوبهم دماً

بتقريعها... واستاء كهل وأشيب

لخطبتها بالشام اكبر موقع

بها ثفر أبناء الضلال مقطب

لقد ألبست فيها ابن ميسون خزيةً

بها برد عار للقيامة يسحب

كان لابد من نهضة الامام الحسين (عليه السلام) من تواصل ينهض به شخص من اهل البيت النبوي، يتحلى بخصال شريفة خاصة، من علم وهداية وتقوى، ومن معرفة وبلاغة وحكمة، ومن غيرة ومعايشة للواقع التي جرت على سيد شباب اهل الجنة (سلام الله عليه)، ولما كان الامام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) يعيش في حال تقية شديدة، نهضت العقيلة زينب الكبرى بتلك المهمة العظمى بعد شهادة الامام الحسين، من رعاية للمفجوعين. لأطفال وأرامل وعوائل الشهداء، ومن مقارعة للظالمين... من قتلة ومتشفين بقتل سيد الشهداء ‌ابي عبد الله الحسين، فانبرت زينب وهي العفيفة الخفرة تخطب لتبين ماجرى في ساحة كربلاء، ولتكشف كل الاقنعة عن الوجوه الجاهلية المتسترة بالاسلام .. في بلاغة كأنها افرغتها عن فم ابيها سيد البلغاء بعد رسول الله (صلى‌ الله عليه وآله).
هكذا قال حذيم الأسدي: لم أر والله خفرةً قط انطق منها، كأنها تنطق وتفرغ عن لسان علي وقد اشارت الى الناس ان انصتوا، فارتدت الانفاس، وسكنت الاجراس (أي اجراس الدواب) ثم قالت بعد حمد الله تعالى والصلاة على رسوله (صلى الله عليه وآله):
اما بعد يا اهل الكوفة، يا اهل الختل، والغدر والخذل.. اتبكون؟! فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الزفرة، انما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثاً، تتخذون ايمانكم دخلاً بينكم، هل فيكم إلا الصلف، والعجب والشنف والكذب، وملق الاماء، وغمز الاعداء... الابئس ما قدمت لكم انفسكم ان سخط الله عليكم وفي العذاب انتم خالدون.. الى ان قالت، اتدرون ويلكم اي كبد لمحمد (صلى الله عليه وآله) فريتم، وأي عهد نكثتم، واي كريمة له ابرزتم، واي حرمة له هتكتم، وأي دم له سفكتم؟! لقد جئتم شيئاً ادا، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا، .. افعجبتم ان تمطر السماء دماً؟! ولعذاب الآخرة اخزى‌ وهم لا ينصرون!
فلا يستخفنكم المهل، فانه عزوجل لا يخفره البدار، ولا يخشى عليه فوات الثار، كلا ان ربك لبالمرصاد، ثم انشأت تقول:

ماذا تقولون لو قال النبي لكم

ماذا صنعتم وانتم آخر الامم؟!

باهل بيتي واولادي وتكرمتي

منهم اسارى... ومنهم ضرجوا بدم

ما كان ذاك جزائي اذ نصحت لكم

ان تخلفوني بسوء في ذوي رحمي

قال حذيم: فرأيت الناس حيارى قد ردوا ايديهم في افواههم، فالتفت الى شيخ في جانبي وقد اخضلت لحيته بالبكاء، ويده مرفوعة الى السماء، وهو يقول: بأبي وامي! كهولهم خير كهول، ونساؤهم خير نساء، وشبابهم خير شباب، ونسلهم نسل كريم، وفضلهم فضل عظيم!
لقد كانت كلمات العقيلة المكرمة زينب (صلوات الله عليها) امراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، لا لأهل الكوفة فحسب، بل للأجيال جميعاً، وكانت توبيخاً للمتخاذلين وذوي الاطماع الذين باعوا دينهم وآخرتهم وكرامتهم للطفاة من اجل دراهم معدودة وايام عدة عديدة، وكانت كلماتها (سلام الله عليها) حكماً خالدةً بليغة تشمر عن الوعي واليقظة والتوبة والندم في بيانات حازمة مؤنبة، وقوة جنان فريدة ثابتة، وفصاحة رائقة مؤثرة حتى كتب عمر ابو النصر: اما زينب بنت فاطمة، فقد اظهرت انها من اكثر اهل البيت بلاغةً وفصاحة، بما اظهرت يوم كربلاء وبعده من حجة وقوة وجرأة وبلاغة، حتى ضرب بها المثل، وشهد لها المؤرخون والكتاب.
كما كتب عمر رضا كحالة في (اعلام النساء): زينب سيدة جليلة، ذات عقل راجح، ورأي وفصاحة وبلاغة.
كذا كتبت الدكتورة بنت الشاطيء في كتابها (بطلة كربلاء): كانت زينب عقيلة بني هاشم في تاريخ الاسلام والانسانية،‌ بطلةً استطاعت ان تثار لأخيها الشهيد العظيم، وان تسلط معاول الهدم على‌ دولة بني امية، وان تغير مجرى التاريخ.

*******

اما الآن احباءنا فمع ضيف البرنامج الشيخ باقر الصادقي وهو يتحدث عن سيرة العقيلة في مسيرة السبي.
المذيع: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته وسلام على ضيفنا الكريم سماحة الشيخ باقر الصادقي.
الشيخ باقر الصادقي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المذيع: سماحة الشيخ ضمن الحديث عن قضية العقيلة زينب في السبي تبرز ظاهرة الشجاعة، قلما يجري عنه الحديث يجري عادة عن صبر العقيلة (سلام الله عليها)، وعن رضاها بقضاء الله تبارك وتعالى وعن ايصالها لرسالة سيد الشهداء، ولكن كل مسيرة السبي تحمل معالم كثيرة من شجاعة السيدة زينب حبذا لو تبينون لنا هذا الجانب من اخلاقياتها (سلام الله عليها)؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، لايخفى ان العوامل الوراثية انها تلعب دور لو ولد ابو طالب جميع الناس لصاروا شجعانا، الحوراء زينب (سلام الله عليها) هي بنت امير المؤمنين (سلام الله عليه) ولذلك حملت كل معنى الشجاعة التي كانت متمثلة بأمير المؤمنين وعن حرم الله وعن الاعتقادات ولذلك نراها لم تعبأ للطواغيت سواء عبيد الله بن زياد او يزيد، اما بالنسبة لعبيد الله بن زيادة حينما قال الحمد لله الذي اكذبكم، فقالت بكل جرأة انما يفتضح الفاجر ويكذب الفاسق وهو غيرنا يا عدو الله ثم انطلقت كالسيل الهادر حتى تحدث ذلك الرجل لم ار خفرة انطق منها كأنها كانت تفرغ عن لسان امير المؤمنين وما اعتنت لما قالت ثكلتك امك يابن مرجانة، هذا جانب شجاعة والجانب الاخر حينما ردت على يزيد في الشام حينما تمثل بهذه الابيات:

لعبت هاشم بالملك

فلا خبر جاء ولا وحي نزل

او حينما قال حينما اشرفت عليه الرؤوس لما بدت تلك الحمول واشرقت تلك الشموس على ربى جيرون:

نعب الغراب فقلت صح او لاتصح

فلقد قضيت من النبي ديوني

ففي الحقيقة هنا الحوراء زينب وقفت امامه بكل جرأة وقالت اظننت يايزيد وهي مستخفة بمقامه، حيث اخذت علينا اقطار الارض وآفاق السماء بانك لك على الله كرامة وان لنا عليه هواناً اشمخت بأنفك جذلان مسروراً فمهلا مهلا انسيت قول الله حيث يقول، ولايحسبن الذين كفروا انما نملي لهم خير لانفسهم الى آخر خطبتها هذا جانب من جوانب الشجاعة للحوراء زينب (سلام الله عليها)، لما اراد الطاغية ان يقول حينما قام رجل من اهل الشام يقول يا يزيد هب لي هذه الجارية، اراد ان يعطيه فقامت اليه بكل جرأة قالت ليس لك الا ان تخرج عن ديننا وسلطاننا، فقال انما خرج من الدين ابوك، قالت بدين الله وبدين جدي اهتديت يا عدو الله ان كنت مسلماً بهذه الجرأة وبهذا الكلام وفي الحقيقة هذا ما يكشف عن شجاعة الحوراء زينب (سلام الله عليها) ورباطة جأشها الذي كانت تمتلكه ولو لم تكن بهذه الشجاعة لم يصحبها معه الامام الحسين، الامام الحسين حكيم والحكيم يضع الشيء في موضعه ومنها صارت محاولات لثني الامام عن اخذ العقيلة معه في السبي ولكن كان مصر مما كان يقول لهم بشكل اجمالي شاء الله ان يراهن سبايا لكنه في هذا الكلام هناك معنى ودلائل لمعرفة الامام الحسين باخته الحوراء زينب وبالدور الذي تلعبه في انجاح نهضة ابي عبد الله الحسين (عليه السلام).
المذيع: سماحة الشيخ من كلامكم اثيرت في ذهني قضية وهي ان السيدة زينب (سلام الله عليها) لم تسمح لكل هذه الظروف الصعبة من السبي وغيره ان تظهر الانكسار عليها وعلى اسارى اهل البيت، لو سمحتم هذه القضية تكون محور سؤالنا في الحلقة المقبلة ان شاء الله جزاكم الله بألف خير.

*******

ختاماً اعزاءنا فمع الشعراء لنترك لهم منبر الشعر، فنسمع احدهم يقول عن عقيلة الهاشميين (سلام الله عليها):

سر ابيها في علو الهمه

والصبر في الشدائد الملمه

فانها سلالة الولاية

ولاية ليس لها نهاية

بيانها يفصح عن بيانه

كأنها تفرغ عن لسانه

فانها وليدة الفصاحه

 

والدها فارس تلك الساحة

ونسمع الآخر يقول:

وعن الوصي بلاغة خصت بها

اعيت برونقها البليغ الأخطبا

ما استرسلت الا وتحسب انها

تستل من غرر الخطابة مقضبا

أو انها تقتاد منها فيلقاً

وتسوق في زمر الحقائق موكبا

او ان في غاب الامامة لبوةً

لزئيرها عنت الوجوه تهيبا

او انها البحر الخضم تلاطمت

امواجه علماً حجيً بأساً ابا

او ان من غضب الاله صواعقاً

لم تلف عنها آل حرب مهربا!

فبصدرها ثقل الامامة مودع

وبنطقها زهت الهداية مذهبا

فرمتهم من لفظها بقوارع

قد اوقعت بهم البلاء المكربا

 

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة