البث المباشر

زهد العقيلة زينب حوار مع الشيخ باقر الصادقي حول محل قبرها (سلام الله عليها)

السبت 25 مايو 2019 - 14:54 بتوقيت طهران

زهدت بدنيانا وطيب نعيمها

طلباً لمرضاة الكريم المنعم

وتجرعت رنق الحياة وكابدت

من دهرها عيشاً مرير المطعم

فاثابها رب السماء كرامةً

فيها سوى‌ أمثالها لم يكرم

فلها كما للشافعين شفاعة

يوم الجزاء بها نجاة الآثم

فاقت بها كل النساء... وربها

في الخلد أكرمها عظيم المغنم

لكن زينب في علاها قد سمت

شرفاً... تأخر عنه كل مقدم

في علمها، وجلالها، وكمالها

والفضل والنسب الصريح الافخم

كان من ألقاب السيدة زينب العقيلة (عليها السلام) (الزاهدة)، والزهد من الصفات الحميدة الحسنة، والأخلاق الفاضلة، وقد استفاد البعض من احدى كلمات امير المؤمنين أن الزهد هو ترك ثلاث اشياء: الزاء والهاء والدال، الزاء رمز الزينة، والهاء رمز الهوى، والدال رمز الدنيا والتعلق بها... فمن الزينة ما اشار اليه القرآن الكريم: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا» وقد قدمت زينب الكبرى كل ما تملك من الزينة لله تعالى، فقتل في كربلاء اولادها واخوتها واعزتها، وعاشت حياة الحرمان تواسي المساكين والبائسين. ومن اشارات كتاب الله تعالى في أمر هوى النفس: «واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى / فإن الجنة هي المأوى»، وقد تجردت زينب العقيلة عن كل هوى وإلا لما اوكلت اليها تلك الوصايا والمسئوليات الكبرى قبل فاجعة عاشوراء وبعدها. واما في شأن الدنيا فقد جاء قوله تبارك وتعالى: «ومن اراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكوراً»، وزينب المكرمة (صلوات الله عليها) كانت من المصاديق الكاملة لهذه الآية المباركة، فقد اتجهت نحو الآخرة وارادتها، وسعت لها سعيها المخلص وهي مؤمنة بما وعدها الله عز شأنه، وقد قطعت علقتها بالدنيا، فهاجرت الى كربلاء وهي تريد الله (جل وعلا)... ولسان حالها ما قال اطرحوم ابن الفارض:

الهي ... تركت الخلق طراً في هواكا

وأيتمت العيال لكي اراكا

ولو قطعتني في الحب ارباً

لما مال الفؤاد الى سواكا

هكذا كان زهد العقيلة المكرمة زينب بنت سيد الزاهدين علي امير المؤمنين، متأسيةً بجدها المصطفى وابيها المرتضى وامها الزهراء، فعوضها الله تعالى بزهدها في الله تلك الكرامة السامقة والذكر الجميل والشرف السامي، فما اسمى مقامها، واكثر كراماتها على مدى العصور، حتى شاع فخرها بكل زمان ومكان، وتمجد بآسمها لسان كل انسان..
واصبح حرمها موئل آمال الآملين، وملتقى وفود الزائرين، ويتمسك بضريحها جميع المحبين والمحتاجين، ويؤم قبرها الخلائق في كل حين. وعن محل قبرها (سلام الله عليها) لنا هذا الحوارمع خبير البرنامج الشيخ باقر الصادقي:

*******

المذيع: سماحة الشيخ باقر الصادقي السلام عليكم.
الشيخ باقر الصادقي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المذيع: سماحة الشيخ جزاكم الله على مرافقتكم لنا في حلقات هذا البرنامج منذ الحلقة الاولى منها وهذه هي الحلقة الاخيرة وسؤالنا فيها عند قبر العقيلة زينب (سلام الله عليها)، هل هي في مصر دفنت هناك؟ هل ان مرقدها المشرف في سوريا ام ماذا؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم بالنسبة الى مرقد العقيلة زينب (سلام الله عليها) المتعارف والمعروف هو الآن في دمشق المرقد الذي هو مأوى الافئدة ومجموعة من المؤمنين والمؤمنات يقصدون من شرق الارض وغربها ويتبركون بزيارتها ويطلبون الحوائج هناك هذا هو القول المعتد به ومن جملة الاسرار الالهية ان يكون القبر هناك كأنما فيه اشارة الى ان هذه المرأة التي دخلت الى دمشق وهي في حالة من السبي، حالة من الاسر مع ذلك شاء الله ان يشيد لها في هذا المكان مرقداً شامخاً ونرى الجموع الغفيرة تأتي وتقرأ القرآن وتصلي عند مرقدها وتطلب الحوائج الى ما شاء الله، هذا فيه نوع من الحكمة وهناك قول آخر انها دفنت في مصر وهذا القول ايضا يذهب اليه بعض الرواة والفت النظر الى انه لايمنع ذلك ان الزائر عندما يأتي الى هذا المكان او ذلك المكان حينما يزور هو بالحقيقة يتعامل مع الروح ولا يتعامل مع الجسد والروح حيثما توجهت اليها توجهت اليك.
المذيع: فيما يرتبط بكملة اخيرة اجمالية مثلاً اذا طلب منكم ان تصفوا بها الصديقة والعقيلة بنت الصديقة زينب (سلام الله عليها) ماذا تقولون؟
الشيخ باقر الصادقي: اقول هي الصديقة الصغرى وهي عقيلة الطالبيين وهي عابدة آل علي وهي انموذج مثالي للمرأة المؤمنة التي تقف بوجه الباطل، نطقت بتلك الصرخة المدوية لنصرة الحق ووقفت مع الامام الحسين وكانت بحق شريكة الحسين في مصائبه كما يقول الشاعر:

وشاركت الحسين في كل خطب

يهد الراسيات من الجبال

رأت اخوانها الابرار صرعى

مجزرة على وجه الرمال

سلام على الحوراء ما بقي الدهر وسلام على القلب الكبير وصدره وسلام على عقيلة بني هاشم بما صبرت واحتسبت وقدمت رسالتها وكانت الى جنب الحسين، اشتركت معه في هذه النهضة التي نقطف ثمارها الى هذه اللحظة من يومنا هذا بل الى ان يخرج صاحب الامر الامام صاحب العصر والزمان الذي يملأ الارض قسطاً وعدلاً بعدما تملأ ظلماً وجوراً، فهي في الحقيقة من بركات مواقف الحوراء زينب وصل لنا صوت الحسين اذ كاد الطغاة ان يخمد هذا الصوت بقتله للحسين وربما يعتم ولكن شاء الله ان يكون للحوراء نصيب في احياء هذه المظلومية ونشر مظلومية ابي عبد الله الحسين وتبين مظلوميته للعالم وللملأ وشاطرت الحسين كما يقول الاديب بكل خطب وتشاطرت هي والحسين بدعوة حتم القضاء عليهما ان يندبا هذا بمعترك النصول وهذه من حيث معترك المكاره في السبا.
المذيع: جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ ولو قلنا بانها نموذج لاخلاق الحسين (عليه السلام) وكلاهما نموذج للاخلاق الالهي فالقول ليس فيه اي اشكال؟
الشيخ باقر الصادقي: لا، بلاشك وهذا هو قول سليم وثمين.
المذيع: جزاكم الله الف خير والف شكر مستمعينا الافاضل الى ما تبقى من البرنامج.

*******

وتبقي زينب الطاهرة خالدةً في سماء التاريخ، تنغض الى مقامها الأبصار، وينظر الى شرفها الرفيع بالاجلال والاكبار، حيث امتازت بمحاسنها الكثيرة، وخصالها الجليلة الحميدة، وشيمها الفاضلة، وفضائلها الطاهرة ومفاخرها الفريدة... حتى كانت في جلالها وعلمها وعصمتها وعفتها وبهائها، تالية امها الزهراء ونائبتها.. وليس عجباً من زينب ان تكون كذلك، وهي فرع الشجرة النبوية الطيبة، والأرومة الهاشمية فكانت آيةً في الفهم وصفاء النفس وقوة الجنان وثبات الفؤاد، في اروع صورة من صور الشجاعة والاباء والترفع، وقد اتخذت طول حياتها تقوى الله بضاعة، وذكر الله شاغلاً، وكانت تلك المرأة الغيورة، لا تسكت على باطل وظلم، حتى خطبت في الكوفة والشام، وفي المدينة حين عادت من مأساة كربلاء، فكتب الى يزيد واليه على المدينة ‌عمرو بن سعيد يعلمه بذلك، فأمر يزيد باخراجها من المدينة، فأخرجت عن وطنها ومدينة جدها رسول الله، ولم تبق بعد اخيها الحسين الا سنةً ونصف السنة كابدت خلالها فجائع طف كربلاء، فدفنت في قرية تدعى (الراوية) يخاطبها الشاعر قائلاً:

أيا (راوية) طبت يا (راوية)

دعاك المهيمن يا (راوية)

علوت على هام بدر الدجى

هنيئاً لك الرتبة العالية

أتدرين من ضمنتها حشاك

ومن في رباك غدت ثاوية!

ضمنت العقيلة من هاشم

فبوركت بالشام من ضاحية

 

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة