السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته، أطيب تحية نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج ونحن نتابع فيها إستنطاق الآيات الكريمة التي تهدينا إلى سبل حفظ السعادة والحياة الطيبة الكريمة.
ومن هذه السبل إجتناب التبذير والإسراف في الإستفادة من النعم الإلهية وأداء الحقوق الشرعية فيها، وهذا ما نتناوله في هذا اللقاء فتابعونا على بركة الله.
قال الله تبارك وتعالى في الآيتين ۲٥و۲٦ من سورة الإسراء:
"وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً{۲٦} إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً{۲۷}"
الآية الثانية تنطق بأن التبذير من مصاديق الكفر بالنعم الإلهية، والكفر من صفات الشيطان والتي أهوت به في مهاوي الطرد من الرحمة الإلهية، ولذلك فإن التبذير يوقع الإنسان في شباك الشيطان والتخلق في صفاته فيصير من إخوانه ويحرم الإنسان بالتالي من الرحمة الإلهية فلا يفوز بالحياة الكريمة الطيبة.
وفي المقابل فإن أداء حقوق ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل وسائر المحتاجين يفتح أمام الإنسان آفاق الحياة الكريمة الطيبة في الدنيا والآخرة كما يوفر لسائر أفراد المجتمع من الذين حرموا لسبب أو لآخر من الثروة وأصابتهم الفاقة والإحتياج يوفر لهم أسباب الحياة الكريمة، وذلك لأن الله عزوجل جعل إعانتهم حقاً لهم على الأغنياء وهذا من أسمى وأكرم صور التكافل الإجتماعي لإشتمالها على تكريم الفقير المحتاج.
أيها الأخوات والإخوة والحقيقة المتقدمة تبينها بأبلغ البيان الآيات ۳۷ الى ۳۹ من سورة الروم حيث يقول عز من قائل:
"أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{۳۷} فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{۳۸} وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ{۳۹}"
وكما تلاحظون – مستمعينا الأفاضل – فإن هذه الآيات الكريمة تبين أن المال والثروة هي من رزق الله فهو عزوجل الرازق يبسط الرزق ويكثره على من يشاء ويقدره على من يشاء طبقاً لحكمته في تدبير شؤون عباده، وهو صاحب الثروة والأموال بالحقيقة جعل لسائر عباده ممن قدر عليهم رزقه حقوقاً في أموال من بسط لهم رزقه، فقيام الأغنياء بأداء هذه الحقوق سبب لفلاحهم وفوزهم وتحقق السعادة لهم ومضاعفة الله لثرواتهم كحلال طيب فيجمع لهم غنى الدنيا والآخرة، وعلى العكس من ذلك حال الذين يستغلون حاجة الناس لسرقة أتعابهم عبر القروض الربوية التي تدمر قوام المجتمع الإقتصادي وتثير البغضاء والشحناء بين أفراد المجتمع.
وصلنا - أيها الأكارم - إلى ختام حلقة أخرى من برنامج (آيات ناطقة) نشكر لكم كرم المتابعة ودمتم بخير.