السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات، (الدعاء) هو من أهم العوامل التي هيأها الله لنا للفوز بالحياة الطيبة وحفظها وهذا ما تهدينا إليه عدة من الآيات الكريمة نستنير ببعضها في لقاء اليوم مع الآيات الناطقة.
نفتح قلوبنا أولاً على الآية ۱۸٦ من سورة البقرة وقد جاءت في سياق آيات تشريع الصوم، قال أصدق القائلين:
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ".
إن من أهم عوامل الشعور بالإرتياح الروحي والطمأنينة هو الركون إلى ركن وثيق يستقوي به الإنسان ويستمد منه العون ويبثه ما لا يستطيع أن يحدث به غيره، وهذا ما يحققه للإنسان الدعاء الذي وصفته النصوص الشريفة بأنه مخ العبادة وسلاح المؤمن وأفضل العبادة، فهو الذي يؤمن إرتباط المؤمن بربه القوي المقتدر وهو جل جلاله القريب الذي يسمع الدعاء ولا يشغله صوت عن صوت وقد وعد عباده – وهو أصدق من وعد – بأن يستجيب دعائهم وهو القادر على كل شيء، فأي سكينة تملأ قلوب المؤمنين إذا إرتبطوا بهذا الركن الوثيق؟
أيها الإخوة والأخوات، وفي المقابل نتدبر معاً في الآية الستين من سورة غافر ففيها إشارة مهمة جداً الى عواقب الإعراض عن الدعاء، قال الله أحكم الحاكمين: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ.
وقال عز من قائل في الآيتين ٦٤و٦٥ من سورة غافر أيضاً:
"اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاء بِنَاء وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ{٦٤} هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{٦٥}"
إذن مستمعينا الأفاضل، فالإعراض عن دعاء الله عزوجل هو من المصاديق الخطيرة للإستكبار عن عبادته جل جلاله، وبالتالي فهو سبب للشقاء الأبدي، وفي المقابل فإن الدعاء هو وسيلة إستزادة النعم من قديم الإحسان الذي رزقنا من الطيبات وهيأ لنا أسباب الحياة الطيبة فهو وحده الجدير بأن ندعوه مخلصين له الدين والحمد لله رب العالمين.
أطيب الشكر نهديه لكم أيها الأطائب على طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (آيات ناطقة) في أمان الله.