السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله وبركاته، طابت أوقاتكم بنسائم أطيب الكلام وأجمل الذكر، كتاب الله العزيز الحكيم..
معكم في لقاء جديد من هذا البرنامج نستنطق فيه الآيات الكريمة المبينة لعامل (الإصلاح) كأحد العوامل التي تحفظ الحياة الكريمة الطيبة للمجتمع الإسلامي وتدرأ عنه أخطار الإختلاف حافظة تماسكه ووحدته.
قال الله تبارك وتعالى في الآيتين التاسعة والعاشرة من سورة الحجرات:
"وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ{۹} إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ{۱۰}"
وكما تلاحظون مستمعينا الأفاضل، فإن الآيات الكريمة تنطق بأن الأخوة الإسلامية أو الأخوة على أساس الإيمان بالمشتركات الإسلامية هي الأساس الذي يحفظ به كيان المجتمع الإسلامي، ومن هذا المنطلق ينبثق واجب الإصلاح على جميع المؤمنين لدفع الإختلاف والتنازع بين المسلمين.
مستمعينا الأفاضل، وتبين الآيات الكريمة أن الإصلاح بين المؤمنين عند إختلافهم وتنازعهم يجب أن يكون على أساس معايير العدل والقسط وهو الذي أمر به الله عزوجل، فالله يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر، وهذا هو (أمر الله) الذي يجب أن يفيء ويرجع إليه الجميع وبالتالي فلن يكون القبول بالعدل الإلهي وأمر الله عزوجل إستسلاماً لأي طرف من أطراف النزاع وخضوعاً لإرادته، فهذا ما تأباه النفوس وترى فيه ذلاً، أما الرجوع إلى أمر الله وعدله عزوجل فهو تسليم للعدل المحض وعلامة العزة والكرامة، فالتصالح على أساسه يحفظ لجميع الأطراف كرامتها ولا يسيء إلى أي منها.
مستمعينا الأفاضل، وهذا الأصل القرآني يجري في السعي لحل الإختلافات العائلية أيضاً وبه تدفع أضرارها وتجلب خيرات الوئام والتوافق، قال عز من قائل في الآية ۱۲۸ من سورة النساء:
"وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرا".
وما أبلغ هذه الآية الكريمة وهي تنطق بجميل آثار الصلح بهذا التعبير البليغ أي قوله عزوجل (والصلح خير) ففيه ألطف إشارة إلى أن بركات الصلح لا تنحصر على طرف دون آخر، بل هو خير مطلق يشمل وهو علامة الإحسان من جهة ومظهر التقوى من جهة ثانية وكلها من مظاهر الخير.
مستمعينا الأفاضل، دمتم بكل خير وفي أمان الله.