سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات..
تحية ملؤها الرحمة من الله والبركات نحييكم بها مسك بداية لحلقة أخرى من هذا البرنامج.
ومع تجربة أخرى من تجارب الذين هداهم الله لدينه الحق ببركة إنجذابهم إلى قيمه الروحانية السامية، نقضي دقائق معها من خلال ما كتبه صاحبها هو الأستاذ (جوزيف زاميت) الذي أصبح إسمه في ليلة القدر من شهر رمضان سنة ۱٤۲۱ للهجرة (يوسف عبد الله) حيث إنتقل من المسيحية إلى الإسلام.
وقد كتب الأستاذ يوسف تجربته تحت عنوان (من المسيحية الى العرفان الشرقي ثم التشيع) ونشرها مترجمة إلى العربية، مركز الأبحاث العقائدية على موقعه الإلكتروني بتأريخ ۲۹/شعبان/سنة ۱٤۲۸، وهذا الأخ هو من أهل دولة (مالطا) ويقيم في بريطانيا.
كتب الأخ يوسف عبد الله عن بداية رحلته يقول:
(منذ طفولتي كنت أشعر بالحب الصادق لله سبحانه وتعالي وكنت شديد التأثر بالامور الدينية. وقد أعتدت أن أروي القصص الدينية التي أسمعها عن القديسين لأمي أثناء أداءها أعمال المنزل كنت أقضي وقتي في قراءة قصص حياة القديسين والأنبياء في الكتب القديمة. كما أنني كنت مهتما جدا فيما يتعلق بالسيد المسيح (عليه السلام)
وفي أواخر سنين المراهقة أي تقريبا في السابعة عشر تغيرت تلك الطفولة تغيرا جذريا عندما أعطاني «القس» نسخة من مجلة «الحقيقة الواضحة» فأنتابني إحساسا فضوليا قادني مباشرة إلى الدخول في دورة دراسية عن الكتاب المقدس وذلك عن طريق المراسلة وتدريجيا أصبحت أدرك أن هناك شيئا جميلاً في الكتاب المقدس كان غائبا عني.
لم أعد أتقبل تعاليم الكنيسة لأنها أصبحت لاتلهمني شيئا على الإطلاق، ومن جهة اخرى كنت أرغب في البحث عن القيم الحقيقية والباطنية والروحية من تعاليم الأنبياء وخصوصا السيد المسيح (عليه السلام) فظهرت لي بوادر دفعتني بأداء التراتيل والترانيم الدينية كالصلوات اليومية ففي الوهلة الاولى حصلت على الإطمئنان والقوة لدرجة أن الدموع كانت تجري على خدي في كثير من الأحيان).
هذا التوجه الفطري لله عزوجل وللقيم المعنوية دفع الأخ جوزيف زاميت أو يوسف عبد الله فيما بعد إلى الصوفية بعنوانها العام باعتبارها تضم المناهج التي تسعى لإنماء الجانب الروحي في الإنسان، قال حفظه الله عن هذا الجانب من تجربته:
(ولزيادة تلهفي وعطشي للمعارف الدينية أخذت بقرائة الأساطير الصوفية المختلفة وكذلك كتب علم النفس. قرأت أيضا بعض كتب البوذية والصوفية والتي تركت في نفسي إنطباعا جيدا ولكني ألقيتها جانبا عندما إعتنقت الإسلام وكنت بين فترة واخرى أرجع إلي الفلسفة الصوفية الروحية حيث ألمس أن هناك تأثيرا وأواصر تجذبني اليها بقوة نظرا إلي بساطتها وعشقها الباطني لله. قد دخلت الصوفية إلي قلبي بطريقة مغايرة مختلفة لكل العقائد الاخرى).
أيها الأكارم، وفي جانب آخر من قصة إهتدائه للحق، يشير الأستاذ جوزيف زاميت إلى إكتشافه تناقضات عدة في الكتاب المقدس بشطريه (الإنجيل والتوراة) وكذلك في المناهج الروحية التي يتضمنها الكتاب المقدس، وعلى أساس إتخذ قراره الذي يحدثنا عنه حيث كتب ما ترجمته:
(في عام ۱۹۸٦ قررت أن أقطع عضويتي في الكنيسة الكاثوليكية وقد فعلت ذلك رسميا وبالطريقة القانونية الموجودة عندهم وهذا الأمر كان من أهم التحديات التي فعلتها والحمدلله.
في عام ۱۹۸۹ إلتقيت بأحد علماء الهنود الذين يسلكون ويتبعون طريق التأملات الروحية وكان هذا المذهب روحيا بصورة كاملة وفي طياته يضم تعاليم طائفة السيخ الهندية وقد قلت في نفسي هذا هو ما كنت أبحث عنه وأحبوا إليه وفعلا دخلت فيه كعضو وبقيت في هذا المذهب لمدة ۱۱ سنة.
بعدها بدأت اشاهد بعض التشابهات في تعاليم هذه الطائفة وتعاليم الصوفية كان هذا شيقا وممتعا وقد أخذت احقق في هذه القضية بصورة أكثر جديا وبحدود أبعد، وقد وجدت ما أثار دهشتي وتعجبي ورضاي في آن واحد وهو أن هذا المذهب أو هذه الطائفة كانت متأثرة بالصوفية الإسلامية، فتاقت نفسي إلى التعاليم الصوفية التي كنت قد قرأتها من قبل وقررت أن أرجع إلي اصولها وجذورها، لذلك قمت بدراسة الطريقة الصوفية الإسلامية بعمق أكثر والتي كانت تؤثر فيّ أكثر فأكثر.
وظل سؤال يراود ذهني وهو أنه لماذا يجب عليّ أن أكون مسلما لكي أصبح صوفيا؟ واني إذا أصبحت مسلما فهذا ألايمثل خيانة لبلد كاثوليكي مثل مالطا؟).
ونشير هنا مستمعينا الأفاضل، إلى نقطة مهمة إكتشفها هذا الباحث عن الحقيقة خلال تجربته هذه وهي أن منهج الإنماء الروحي الخالي من التحريفات التي وقعت بها عديد من الطرق الصوفية الإسلامية أو غيرها، هو الذي إشتمل عليه القرآن الكريم وأدعية أهل بيت النبوة المحمدية – عليهم السلام – ةهذا كان العامل الذي أعانه على تجاوز تلك العقبات وإعلان إسلامه.. قال الأخ جوزيف زاميت في تتمة كلامه:
(في هذه الفترة من حياتي إزدادت صلواتي بصورة كبيرة وتفجر الشوق في نفسي مما أزاد دهشتي وحيرتي هو أنني وجدت نفسي محبا إلى قراءة القرآن ، ذلك الكتاب المقدس، والذي يبدو بوضوح أنه قريب إلى تعاليم السيد المسيح وكتب الأنبياء السابقين والتي افتقدتها كثيرا.
إن قراءة القرآن الكريم كانت مبدأ تحولي في حياتي وبدأت أستكشف أركان الإسلام بمساعدة ورحمة من الله. إستجمعت قواي بما فيه الكفاية كي اعتنق الإسلام في ليلة القدر في عام ۲۰۰۰ م.
دراستي عن الصوفية أصبحت أعمق وتواصلت بقراءة الأذكار اليومية وأداء الصلوات والأدعية).
أيها الأكارم، ونبقى مع الأخ جوزيف زاميت أو يوسف عبد الله بعد إسلامه وهو يلخص في المقطع الختامي معالم إهتدائه للدين الحق بقوله:
(هنا اريد أن أؤكد عن السبب الحقيقي خلف حياتي كلها. منذ طفولتي كنت اريد الله ، والله فقط لا غيره ومهما قرأت عن الأنبياء أو العلماء أو القديسين الذين إلتقيت بهم كان فقط لمعرفة عظمة الله.
الله كان ولا يزال هدفي، حياتي، وتنفسي. منذ الطفولة كنت دائما افكر بالموت، أكون غنيا، أمتلك عائلة رائعة, أكون سالما معافا، ... الخ وبعد ماذا ؟ سوف أموت في النهاية...
لذلك أنا كنت صادقا وآخذ الحياة بجدية تامة وإعتدّت أن اصلي وأبكي صارخا: ( يا إلهي إذا نجحت وتمكنت أن أجدك فقط قبل أن أموت ستكون حياتي كلها ناجحة) .
وحال دخولي في معترك الحياة في كل مظاهرها المادية المنحرفة كان قلبي لا يزال مثيرا إلى الله. وكوني وصلت إلى هذه المرحلة حيث قد رشحت كطالبا في أقدم المدارس الصوفية إعتقدت بأن هذا هو ما أريده وهو طموحي وغايتي ولكن الله يعلم ما هوالأفضل لي.
وحاء عام ۲۰۰۲ م وقبل إسبوع من رحلتي إلي الحج عن طريق الصدفة إلتقيت في المسجد الموجود في منطقتنا ، بزوجين مسلمين وهما من المملكة المتحدة. وجرت بيننا محاورة لطيفة ومفيدة وفي نفس الليلة أعطوني كتباً كي أقرأها. فقد أدركت أنهما كانا من الشيعة وإنجذبت إلى أحدى تلك الكتب ولذا جعلتها ذريعة لكي أتصل بهم وأذهب إليهم في اليوم التالي إلى الفندق ، ولكن للأسف هم كانوا قد غادروه إلى منزلهم.
ذهبت إلى الحج وأنا معتقد بصورة كاملة أن الشيعة هم الطائفة المحقة لذا أنا أدعوا أي شخص أن يكون منفتحا نحن يجب أن يكون متلهفين ، متشوقين وصادقين في دعاءنا بعد ذلك فإن الله سيأخذ بأيدينا إلى الخير كله.)
كانت هذه، مستمعينا الأفاضل، قصة إهتداء الأستاذ جوزيف زاميت من دولة مالطا وإعتناقه الإسلام، إستعرضناها لكم ضمن حلقة اليوم من برنامج (أسلمت لله) ولكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران جزيل الشكر وخالص الدعوات ودمتم بألف خير.