هذا البرج لا يمثل مجرد معلم أثري، بل يحمل في طياته قصة غنية من العمارة الإيرانية وفن الملاحة البحرية.

يقع البرج في ميدان أنزلي وشارع سپه خلف سوق المدينة القديم، ويبلغ ارتفاعه نحو 28 مترًا، فيما يمتد شرفته على علو 20 متراً لتتيح إطلالة بانورامية رائعة على مدينة أنزلي وبحر قزوين.

تشير المراجع التاريخية، ومن بينها سفرنامة خسروخان الجورجي، إلى أن بناء البرج تم عام 1815 ميلادية (1194 هـ.ش)، وكان الغرض منه في البداية مراقبة البحر وإرشاد السفن ليلاً؛ إذ كان يعلوه مصباح مضيء، ويتناوب الحراس على مراقبة السفن وضمان عبورها الآمن نحو ممر الميناء.

وفي عام 1928 ميلادية (1307 هـ.ش)، جرى ترميم البرج وتزويده بساعة رباعية الوجوه جُلبت من ألمانيا، وكانت تحتاج إلى الكوْك الأسبوعي. توقفت الساعة لاحقًا عن العمل لسنوات طويلة، حتى أعيد تشغيلها عام 1990 ميلادية (1369 هـ.ش) بعد استبدالها بساعة كهربائية جديدة ما زالت تعمل حتى اليوم.

شُيّد البرج من الطوب الأحمر ويضم فتحات تهوية وإنارة طبيعية، بينما تؤدي سُلّمٌ حلزوني مكوّن من 54 درجة إلى الشرفة العلوية، ليمنح الزائرين تجربة مثيرة ومشهدًا فريدًا للمدينة والبحر.

وما يميّز البرج أكثر هو أنه يُسبق برج لندن الزمني الشهير (المعروف بـ بيغ بن) الذي بُني عام 1856 ميلادية، الأمر الذي يضفي على منارة أنزلي أهمية تاريخية مضاعفة لعشّاق التراث والهندسة القديمة.

اليوم، يُعد برج الساعة في أنزلي من أبرز المعالم المسجّلة ضمن الآثار التاريخية لمحافظة جيلان، ووجهة أساسية للزائرين الراغبين في اكتشاف الجمال المعماري والتاريخي للمدينة، والاستمتاع بإطلالة فريدة على بحر قزوين.

هذا الصرح الذي تجاوز عمره مئتي عام، يظل شاهداً حيّاً على براعة المعمار الإيراني القديم، ويمتلك إمكانات كبيرة ليكون رمزاً ثقافياً وسياحياً يعزز مكانة أنزلي على خارطة السياحة الوطنية والدولية.