البث المباشر

شرح فقرة: "يا كاشف الكروب يا مقلب القلوب..."

الأربعاء 24 إبريل 2019 - 12:16 بتوقيت طهران

( الحلقة 41 )

موضوع البرنامج :

شرح فقرة: "يا كاشف الكروب يا مقلب القلوب..."
 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها الدعاء الموسوم بـ(الجوشن الكبير) حيث حدّثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه: (يا كاشف الكروب يا مقلّب القلوب، يا طبيب القلوب...).
هذه العبارات او الاسماء او الظاهر قسم من مقطع استهلّ بعبارات: (يا غفّار الذنوب ويا ستّار العيوب...) حيث نجد أنّ هذا القسم يرتبط بالشدائد التي تصيب العبد، سواء أكانت شدائد دنيوية او اخروية، حيث إنّ الله تعالى يتعامل مع عبده في الشدائد المذكورة من خلال رحمته الواسعة التي لا حدود لها، إنه تعالى يغفر ذنوب عبده ويستر عليه عيوبه، ومنها أنه تعالى يكشف كروبه، سواء أكانت هذه الكروب او الشدائد دنيوية: كالفقر او المرض وفقدان الامن، او اخروية ترتبط بأهوال الساعة، والمطلوب الآن أن نحدّثك عن هذه العبارة ونعني بها: (يا كاشف الكروب) لننتقل بعدها الى قسم آخر، وهو الخاص بتعامل الله تعالى مع قلوب عباده مثل: (يا مقلّب القلوب، يا طبيب القلوب...)، إذن لنتحدّث أولاً عن الشدائد او الكروب التي يعاني قارئ الدعاء منها ثم لنتجه الى القسم الآخر، وهو: قلب قارئ الدعاء.
بالنسبة الى عبارة: (يا كاشف الكروب) نعتقد انك تتبّين دلالتها بوضوح، ولكن ثمّة نكات يحسن بنا أن نلفت نظرك إليها، منها إنّ(الكرب) هو: الحزن والشّدّة، أي هو: الوضع غير العادي بالنسبة الى الشخصية، فشدّة الانبياء (عليهم السّلام) مثلاً ذات درجة عالية بحيث نجد نوحاً (عليه السّلام) يقطع مئات السنين من أجل الاصلاح ولكنّ المنحرفين لا يرعوون عن غيّهم، وهكذا سائر الانبياء، سواء أكانت الشدائد تبليغية او شخصية كإبتلاء ايوب (عليه السّلام) بمختلف أنماط الشدّة: الجسمية وغيرها.
والمهم هو: أن نحدّثك عن الفارق مثلاً بين (الكرب) وبين غيره من (الشدائد) ثم: التناسب بين الشدّة وبين إزاحتها من خلال رحمته تعالى. 
نلاحظ أنّ الدعاء استخدم عبارة: (كاشف) وهي عبارة يتداعى الى الذهن من خلالها الى وجود سحاب أو ظلام او أي حاجز آخر وأنّ الله تعالى يزيح ويرفع ويزيل هذا الحاجب ومعنى ذلك أنّ الشدّة تبلغ مداها الكبير لأنك إذا تصوّرت الفضاء وقد غطّته السحب: حينئذ لا يمكنك في النهار أن ترى الشمس ولا يمكنك في الليل أن ترى الكواكب، ممّا يعني: أنّ الشدّة قد أطبقت على الافق تماماً بحيث لا مجال لإختراقها، هنا تأتي (الرحمة) من الله تعالى فيزيح الاغطية عن الافق ويظهر بجلاء صحو الفضاء نهاراً او ليلاً.
إذن (الكاشف) للكروب هو الله تعالى، حيث نستخلص أنّ أية شدّة مهما بلغ حجمها فإنّ الله تعالى برحمته يكشفها عن عباده.
والآن نواجه قسماً جديداً من مقطع الدعاء، ألا وهو ما يتصل بـ (القلوب) والتعامل مع مختلف حالاتها، فماذا نجد؟ 
العبارة الاولى تقول: (يا مقلّب القلوب) ترى: ماذا نستلهم منها؟ هل يعني ذلك أنّ القلوب تختلف حالاتها من آن الى آن، ما لقلب الخاشع ينقلب الى ضدّه أو العكس، او هل يعني ذلك مطلق الحالات التي ينطلق منها القلب في التعامل مع مختلف ظواهر الحياة؟ فمثلاً إنّ (الملل) قد يتسرّب الى قلب الشخصية أو العكس فإنّ الشخصية لا تملّ ولا تكلّ اذا كانت جادة واعية في ممارستها العبادية. ألم يرد النص القائل بما مؤدّاه: (ما تعب جسد قويت عليه النية) حيث إنّ النية هي نية القلب: كما هو واضحٌ فإذا قوي قلب العبد حيال ممارسته العبادية فإنّ الجسد يتكيّف وفق ذلك.
إذن ثمّة حالاتٌ تتصل بالبعد العبادي، وأخرى بالبعد النفسيّ (كالملل او التشويق)، كما أنّ ثمّة حالات تتصل بالعواطف وبالأحاسيس وبالتعامل مع الآخرين، اولئك جميعاً نستخلص منها أنّ الله تعالى يقلّب القلوب الى ما هو مصلحتها في غمرة ممارستها للعمل العبادي الذي خلق الله تعالى الانسان من أجل ممارستها.
ختاماً نسأله تعالى أن يوفّقنا الى الطاعة والاتجاه بقلوبنا الى ما يرضي الله تعالى، والتصاعد بذلك إلى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة