البث المباشر

شرح فقرة: "يا صانع كل مصنوع..."

الأربعاء 24 إبريل 2019 - 11:56 بتوقيت طهران

( الحلقة 33 )

موضوع البرنامج:

شرح فقرة: "يا صانع كل مصنوع..."

لا نزال نحدّثك عن الادعية المباركة وما تتضمنه من الموضوعات المتنوعة في ميدان المعرفة الاخلاقية والعقائدية ومنها دعاء (الجوشن الكبير) حيث يتضمن (۱۰۰) فقرة كل واحدة منها تتضمن عشرة مظاهر او صفات او أسماء من اسمائه تعالى.
ونحدّثك الآن عن احد مقاطع الدعاء البادئ بما يلي: (يا صانع كل مصنوع يا خالق كل مخلوق يا رازق كل مرزوق...)، هذا المقطع من الدعاء يتضمن كما نلاحظ مظاهر متنوعة ومتجانسة في دلالاتها وصياغاتها حيث يشير المظهر الى الله تعالى وصلة العبد به وبما يتقوم به العبد من قوىً هي من الله تعالى وليست من العبد وهذا ما يتطلب شيئاً من التوضيح.
الاول من المظاهر التي يتضمنها مقطع الدعاء هو: (يا صانع كل مصنوع)، طبيعياً: إن سائر المظاهر تتجانس كما قلنا في دلالتها وصياغتها اي: في معانيها ولغتها كاسم الفاعل (صانع) واسم المفعول (مصنوع) وهكذا سائر الفقرات من المقطع.
لكن قبل أن نحدّثك عن كلّ واحدة من السمات المذكورة نلفت نظرك الى الدلالات المشتركة والعامة لبعضها وهي: أن مقطع الدعاء باكمله يشير الى أن (العبد) لا يملك لنفسه ضَرًّا وَلا نَفْعًا، وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا ، اي: أن كل ما يقوم به (العبد) من السلوك إنما هو مستمد من الله تعالى ولا يملك العبد مقومات ذاتية وهذا الامر له نكاته المهمة جداً منها: أن بعض الاتجاهات العلمانية مثلاً طالما تشير الى جملة من الدوافع عند الانسان ومنها: الدافع الى تقدير الذات والدافع الى التقدير الاجتماعي وهي دوافع تعني: أن الانسان قد أنجز بعض الاعمال او الخدمات (كالمفكرين مثلاً) او (المخترعين) او (المصلحين) وهم ماداموا قد قدموا خدمات للآخرين، فلا بد أن يعرفوا قيمتهم ومن ثّم التقدير لهم.
والسؤال: هل ما يقدّر هؤلاء هو انجاز ذاتي أم انجاز لإستقلالية لهم فيه؟
الجواب: لو كان الانسان فعلاً أن ما يقوم به من خدمات انما هو من قدرته الاستقلالية التي لا دخل من احد فيها: لكان الامر له مسوغاته.
لكن بما أن الانسان لا يستطيع ممارسة عمل مستقل بل هو يعتمد على ما منحه الله تعالى من قدرات يستمد منها العبد انجازاته، لذلك لا يحق للعبد أن يطلب جَزَاء وَلا شُكُورًا من الخدمة التي يقدّمها للآخر.
إذا أدركنا هذه الحقيقة حينئذ تتقدّم الى المفردات الواردة في المقطع ونحدثك عنها.
الفقرة أو العبارة الاولى تقول: (يا صانع كل مصنوع)، فماذا نستلهم منها في ضوء ما حدثناك عنه الآن؟
واضح، أن الفقرة تقول إن كل مصنوع من قبل الانسان وسواه، انما اساساً من قدرة الله تعالى، فلو صنع الانسان جهازاً من الاجهزة، واخترعه او أو اكتشفه فان القدرة الكامنة وراءه إنما هي من الله تعالى بصفة أن الله تعالى هو الذي منح (عقلاً) للانسان، ومنحه قابلية على الاختراع وهكذا.
من هنا لا نجد ضرورة لأن نحدثك عن جميع المظاهر التي تضمنها مقطع الدعاء بقدر ما نستهدف الاشارة الى النكات الكامنة فيها وهو امر نحدثك عنه في الحلقات اللاحقة ان شاء الله تعالى.
نكرر الاشارة الى أن كلّ انجازاتنا البشرية إنما هي من الله تعالى ولا استقلالية للعبد فيها وهو ما ينبغي أن يدركه العبد ولا ينسج لنفسه انجازاً يفتخر به ويطلب ثمناً اجتماعياً له.
ختاماً نسأله تعالى أن يوفقنا الى ادراك ومعرفة أنفسنا وصلتها بالله تعالى وأن يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة