البث المباشر

شرح فقرة: "يا من يسبح الرعد بحمده..."

الثلاثاء 23 إبريل 2019 - 22:09 بتوقيت طهران

( الحلقة 22 )

موضوع البرنامج:

شرح فقرة: "يا من يسبح الرعد بحمده..."

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها الدعاء الموسوم بـ(الجوشن الكبير)، حيث يتضمن الدعاء مائة مقطع من صفات الله تعالى، كل مقطع يتضمن عشراً منها، وقد انتهينا في لقاءات سابقة عند نهاية احد المقاطع، حيث تضمن هاتين العبارتين، وهما: (يا من يسبح الرعد بحمده) و (يا من لا يعتدي على اهل مملكته). 
ان هاتين العبارتين ينبغي الا ّ نفصلهما عن السياق او المقطع الذي ورد ذكره، حيث تضمن المقطع ما يفصح عن قدرته تعالى ورهبة المخلوقات منه تعالى من نحو عبارة (يا من انقاد كل شي لقدرته) ومثل (يا من تشققت الجبال من مخافته). 
اذن الانقياد الى الله تعالى والمخافة منه تعالى والرهبة منه، تظل مفردات ينتظمها مقطع الدعاء، وهذا يقتادنا الى التعقيب على العبارتين اللتين نعتزم ان نحدثك عنها، وهما: (يا من يسبح الرعد بحمده) و (يا من لا يعتدي على اهل مملكته)، وهذا يتطلب منا توضيحاً فيه بعض التفصيل.
ان اول سؤال مطروح هنا هو: ما هو الاحتمال الذي نستخلصه من انتخاب الرعد وتسبيحه لله تعالى؟ 
الجواب: ان الرعد في التجربة البشرية يقترن بشيئين هما: الرغبة والرهبة، اما الرغبة فلأن الرعد هو صوت السحاب، والسحاب يحمل المطر، والمطر تنبت به الارض. 
واما الرهبة فهو صوته، حيث ان البشر يرتعد من صوت الرعد: كما هو واضح، وانطلاقا من هاتين الظاهرتين ننتقل الى الحديث عن صفات الله تعالى وفي مقدمتها: الرغبة والرهبة منه تعالى، وستتكفل العبارة الاخيرة من المقطع لإنارة هذا الموضوع، بالاضافة الى عبارة (يا من سيبح الرعد بحمده)، اذن لنتحدث بشيء من التوضيح لهذا الجانب.
ان الرعد وهو يقترن بعطاء الله تعالى مصحوباً بالخوف منه، متجسداً في تسبيحه لله تعالى، لماذا؟ لانه مخلوق من قدرته وعطائه تعالى وهذا يعني ان قارئ الدعاء سوف يتداعى بذهنه الى هذا المخلوق وهو (الرعد) مقترنا بالرغبة الى عطاء الله تعالى (المطر)، وبالرهبة منه: لانه مخلوق من قدرته، والقدرة تتداعى الى الذهن الى الرهبة منها. 
لكن ثمة ملاحظة مهمة هي: ان التجربة البشرية عندما تتعامل مع القويّ: انما تخشاه، اي: تتوقع البشرية من المسيطرين عليها (اصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي والاجتماعي)، وهذا على العكس تماماً من التعامل مع الله تعالى حيث ان سيطرته على البشر انما هي خير محض ولا يقترن (كما هو طابع القدرة البشرية المحدودة) بما هو شر، ولذلك نجد تجسيد هذه الحقيقة في العبارة الاخيرة من المقطع، وهي (يا من لا يعتدي على اهل مملكته)، فماذا نستخلص منها؟ 
ان الله تعالى هو (الملك) كما ورد التعبير عن هذا المصطلح في النصوص القرآنية والحديثية، مثل « قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ» ومثل «هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ...»، والملك في التجربة البشرية هو المسيطر على مملكته، والمسيطر البشري يمارس العدوان على رعيته في الغالب، ولكن الله تعالى من حيث تعامله مع اهل مملكته ليس كذلك، بل هو على العكس من ملوك الدنيا، انه تعالى لا يعتدي على اهل مملكته.
اذن ادركنا جانباً من النكات التي وردت في مقطع الدعاء، ولنتجه الى مقطع جديد يبدأ على النحو الآتي. 
يقول المقطع: (يا غافر الخطايا، يا كاشف البلايا، يا منتهى الرجايا، يا مجزل العطايا...). 
هذا المقطع الجديد امتداد او تطبيق لما قبله من العبارات التي حدثناك عنها قبل قليل، وقلنا: ان الله تعالى لا يعتدي على اهل مملكته، بل هو الخير المحضّ، وها هو المقطع الجديد من الدعاء يقرر هذه الحقائق متمثلة في عبارات من نحو: (يا مجزل العطايا)، (يا كاشف البلايا)، حيث تتضمن (ليس عدم كونه لا يعتدي على اهل مملكته، فحسب، بل يجزل لهم العطايا ويكشف البلاء)، وهي موضوعات نحدثك عنها لاحقاً ان شاء الله تعالى. 
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة