البث المباشر

شرح فقرة: "اللهم أسألك باسمك يا حنان يا منان يا ديان"

الثلاثاء 23 إبريل 2019 - 21:45 بتوقيت طهران

( الحلقة 14 )

موضوع البرنامج:

شرح فقرة: "اللهم أسألك باسمك يا حنان يا منان يا ديان"

نحن الآن مع بداية المقطع الجديد من الدعاء (اي: دعاء الجوشن الكبير)، حيث يبدأ بما يأتي (اللهم أسألك بأسمك، يا حنان، يا منان، ياديان...). ان الاسم او الصفة الاولى من المقطع المذكور، هي: (الحنّان)، وما نعتزم توضيخه هو: ملاحظة هذه الصفة وصيغتها، فماذا نستخلص منها؟ 
هذه العبارة وهي (حنّان) صفة او صيغة مبالغة، يختص بها تعالى، واما صيغها العامة فهي (حنون)، والمهم ان صياغتها بما هو (مبالغة) يعني بوضوح: ان الله تعالى (حنان) بأعلى ما يمكن تصوره. 
ومن الطبيعي ان الصفة المبالغة او الصفة العامة عندما ترتبط بالله تعالى فأنها في الحالات جميعاً تعني: مالا حدود له من الحنان او اية صفة أخرى مادمنا نعرف جميعا ان الله تعالى مطلق في الحالات جميعاً، اي: لا نسبية في صفاته تعالى بل مطلقة لا حدود لتصورات ذلك، وهذا من حيث الصيغة التعبيرية لعبارة (حنان)، ولكننا لم نحدثك بعد عن دلالاتها، فماذا تعني؟ 
المصادر اللغوية تقول ان كلمة (الحنان) في صياغتها المصدرية تعني: الرحمة والشفقة والعطف، اي: تحوم على كل ما هو رعاية او عناية او اهتمام بالآخر. 
لذلك فأن (حنّان) في صيغته الوصفية او الفاعلية تعني: منتهى الرحمة، ومنتهى الشفقة، ومنهتى العطف، وكلها تعني: الرعاية من الله تعالى لعبده: كما هو واضح، والآن: عندما نعرف بأن الله تعالى يرعى عبده بمنتهى ما نتصوره، فماذا نتوقع من الترتب على حنانه؟ 
ان العبارة او الصفة الثانية الواردة في مقطع الدعاء، ونعني بها (المنان) هي: ما يترتب على ما سبقها من الحنان، كيف ذلك؟ 
ان (المنان) بدورها صفة مبالغة لمفهوم (المّن)، و (المّن) هو كل ما يُنعم به على الآخر ومما لاشك فيه، ان الله تعالى منعم على عبده بما لاتصور لحدود ذلك، ألم يقل الله تعالى «وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا»؟ بل انه تعالى: «بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ...»، اذن المن من الله تعالى هو انعامه على العبد.
هنا قد يُتساءل: ما هي النكتة الكامنة وراء التسليم بمّن الله علينا، وعدم التسليم بمنّ الانسان على الآخر؟ 
الجواب هو: انه مادام الله تعالى في الحالات جميعا هو مصدر الانعام على الانسان، وان الانسان اذا انعم على الآخر فلأن الانعام اساساً من الله تعالى، وحينئذ لا معنى لان يمن الانسان على الآخر مادام فاقداً للشيء: كما هو واضح، اي: مادام لا يمتلك (ذاتياً) مادة الانعام بل مفاضة عليه من الله تعالى.
بعد ذلك نتجه الى صفة ثالثة وهي (ياديان) فماذا نستلهم منها؟ 
الجواب: ان عبارة (ديان) كمثيلاتها السابقة من حيث صيغتها في المبالغة، ولكن ماهي دلالتها؟ 
كلمة (ديان) مشتقة من (دان) اي: جازى وكافأ ونحوهما، وهذا ينسحب على ظواهر مواكبة للجزاء مثل: والمحاسبة، كما تنسحب على ما يواكبها من دلالات اخرى متجانسة مثل: الحكم، الملك، السلطان والتدبير...، وحينئذ فأن الدلالة هنا تتأرجح بين (الديان) بمعنى: المحاسب يوم الدين، بصفة ان (الدين) في احد دلالاته هو: الدينونة. 
كما يمكن ان ينسحب هذا المعنى على الموضوع الآخر المرتبط بالسلطنة والتدبير والحاكمية...، ففي الحالات جميعاً ان الله تعالى وهو (حنّان) و (منان) على عباده، يظل وهو (ديان) يكافئ عباده بما صنعوا حيال حنانه ومنّه عليهم، يستوي في ذلك ان تكون المحاسبة ناظرة الى نجاح العبد في ممارسته لوظيفته العبادية او العكس من ذلك.
اذن اتضح لنا دلالة كل من (الحنّان) و (المنّان) و (الدّيان) من حيث صلة بعضها بالآخر، او من حيث ترتب بعضها على الآخر بالنحو الذي اوضحناه. 
والمهم هو: ان نسأله تعالى بأن يفيض علينا نعمه، وان يوفقنا لممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

                                                        *******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة