البث المباشر

شرح فقرة: "يا من هو شديد المحال..."

الثلاثاء 23 إبريل 2019 - 21:38 بتوقيت طهران

( الحلقة 12 )

موضوع البرنامج:

شرح فقرة: "يا من هو شديد المحال..."

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن بعض مقاطعه، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه (يا من هو شديد المحال، يا من هو سريع الحساب، يا من هو شديد العقاب...).
ان هذه الفقرات الثلاث تحوم على دلالة مشتركة هي: ان الله تعالى يرتب جزاء الناس بنحو لاترديد في حسمه وسرعته و بيد ان كلاً من العبارات المتقدمة يختلف عن الآخر في الآن ذاته: من حيث الفوارق المترتبة على موضوع الجزاء أو مستوياته، ونظراً للفوارق المشار اليها: نعرض لكل واحدة منها، على النحو الآتي:
بالنسبة الى الفقرة الاولى وهي: (يا من هو شديد المحال). 
ثم بالنسبة الى الفقرة الثالثة وهي: (يا من هو شديد العقاب).
نلاحظ بوضوح ان (الشدة) هي العنصر المشترك بينهما، بمعنى انه تعالى شديد بالنسبة الى مجازاة المنحرفين، الا ان (الشدة) المشتركة يُفرق بين نمطيها بالظاهرتين الجزائيتين، الا وهما (شدة المحال) و (شدة العقاب)، فما هو الفارق بين الجزائين؟
ان عبارة (يا من هو شديد المحال وعبارة (يا من هو شديد العقاب) منتزعتان من النص القرآني الكريم: كما هو واضح، بيد ان الفارق بين (المحال) وبين (العقاب) - مع انهما يعنيان الجزاء السلبي المترتب على المنحرفين - هو: ان عبارة (المحال) تحوم على ما هو (أخْذ) او (بطش) مقابل ما هو سلوك ملتوي كل الالتواء: كالجدال والعناد ونحوهما مما يصدر عن المنحرفين.
ولكن بالنسبة الى عبارة (العقاب) فأنها تنسحب على مطلق الجزاء السلبي: أعّم من نمط ما يمارسه المنحرفون من السلوك المعانج او غيره. 
هنا قد يسأل قائل فيقول: ما هو الدليل المحتمل لهذا الفارق بين سلوك المنحرفين؟
ان الاستخدام القرآني الكريم يرشدنا الى ما لاحظناه من الفوارق، فمثلاً عندما نقرأ في سورة الرعد هذه الاية «وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ» الى ان يقول «وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ»، نجد ان (المجادلة) وهي اشد الانماط انحرافاً في ردود الافعال او الاستجابات الصادرة عن المنحرفين، بينما نجد شدة (العقاب) ترد في النصوص القرآنية الكريمة اعّم من الجزاء المترتب على الجدال او مطلق التمرد على اوامر السماء.
يبقى ان نحدثك عن الفقرة المتجانسة الاخرى، وهي عبارة (يا من هو سريع الحساب)، وهي عبارة لا نعتقد انها بحاجة الى التوضيح: ما دمنا نعرف جميعاً ان قدرات الله تعالى المطلقة تنسحب على مطلق الظواهر، ومنها: ظاهرة (الجزاء) او (العقاب) او(الحساب) بكلمة اقرب الى العبارة المتقدمة، حيث يُحسم الموقف بالنسبة الى الخلائق اجمعين بما يتطلبه الحساب السريع. 
يبقى ان نحدثك عن الفقرتين اللتين يُختم بهاهذا المقطع من الدعاء او نعني بهما عبارتي (يا من عنده حسن الثواب) و (يا من عنده امّ الكتاب).
هنا يُثار السؤال الآتي: لقد تحدث المقطع من الدعاء عن الجزاء السلبى للمنحرفين في ثلاث فقرات او فقرتين، بينما نجد الان عبارة تقول (يا من عنده حسن الثواب)، ثم نجد عبارة تتحدث عن امّ الكتاب.
والسؤال هو: ملاحظة الصلة بين الموضوعين، اي: الحساب من جانب وامّ الكتاب وما يُرمز به من دلالة من جانب آخر، (وهذا ما نحدثك به في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى).
اما الآن فحسبنا: ان نشير الى ان مقطع الدعاء (وهو رابع المقاطع البالغة مائة) قد تعرض لموضوعات متنوعة، منها: صفات الله تعالى، ومنها جزاء الله تعالى، ومنها: ما اشرنا اليه الان من الرمز القائل او المعبّر عنه بـ (ام الكتاب).
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

                                                    *******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة