البث المباشر

ضرورة دعم العراق في تطوير خطوط سككه الحديدية مع دول المنطقة

الأربعاء 9 إبريل 2025 - 07:49 بتوقيت طهران
تنزيل

فيديوكاست- إذاعة طهران: فيديوكاست خاص يتحدث عن تطوير السكك الحديدية في المنطقة وضرورة دعم جمهورية العراق في هذا الأمر بالرغم موقعه الجيوسياسي وما يتمتع به من إمكانية عالية في التأثير الإقليمي والدولي.

تتطلع الدول في هذه الأيام إلى تطوير سككها الحديدية، فهي تحاول جاهدة زيادة خطوط سككها الحديدية لنقل البضائع والركاب بطريقة أو بأخرى.

تحظى هذه القضية باهتمام منطقة غرب آسيا أيضاً، حيث تسعى بعض بلدان المنطقة إلى تطوير خطوط السكك الحديدية فيما بينها وبلدان خارج المنطقة، بما في ذلك الصين والهند، باعتبارها مراكز اقتصادية كبرى.

على سبيل المثال، تحاول إيران تعزيز موقعها من خلال تطوير خطوط السكك الحديدية في مسار الممرات الدولية من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

كما تحاول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن أيضا دخول الممر الاقتصادي الهندي الشرق الأوسط أوروبا المعروف بــــ IMEC) ) من خلال تطوير البنية التحتية للسكك الحديدية بهدف ربط الهند بأوروبا.

لكن العراق بالرغم موقعه الجيوسياسي وما يتمتع به من إمكانية عالية في التأثير الإقليمي والدولي، مازال لم يحقق بعد مكانته الحقيقية على هذه الساحة.

ما هي العوائق التي تعترض هذا الطريق؟.

للإجابة على هذا السؤال، علينا أن ندرس طبيعة السكك الحديدية العراقية المحلية والدولية.

يمتلك العراق حاليا 2000 كيلومتر فقط من خطوط السكك الحديدية الداخلية، والتي يمر بها 4 إلى 6 قطارات فقط يوميا وذلك بسبب الدمار الذي أحدثه الغزو الأمريكي. في الوقت نفسه، تفتقر شبكة السكك الحديدية العراقية إلى الاتصالات السليمة والمستدامة مع جيرانها والدول الإقليمية.

في هذا الإطار، يعتبر خط سكة حديد البصرة - شلامجة في إيران، والذي يربط العراق أولاً بإيران، ثم باكستان، وكذلك دول آسيا الوسطى والقوقاز، فضلاً عن الصين وروسيا يعتبر إحدى الفرص المهمة ومنخفضة التكلفة لربط السكك الحديدية العراقية بدول المنطقة، يحقق هذا الاتصال فوائد عديدة للعراق، بما في ذلك:

1- زيادة تدفق السياحة الدينية إلى العراق والدخل الناتج عنها: بما أن الدول المذكورة تعتبر بشكل رئيسي مصادر مهمة للسياحة الدينية في العراق، فإن ربط السكك الحديدية هذا من شأنه أن يقلل التكلفة والوقت ويزيد من أمن السفر وبالتالي يؤدي إلى زيادة تدفق السياح الدينيين إلى العراق وبالتالي الدخل الناتج عنه.

2- زيادة وتنويع مجالات التصدير لدى العراق: لو تم إنشاء هذا الربط السككي، فإن العراق يستطيع تصدير المنتجات والمشتقات النفطية إلى بعض دول منطقة غرب آسيا وأيضاً إلى آسيا الوسطى، الأمر الذي يؤدي إلى تنويع أسواق التصدير في البلاد إلى جانب عائدات النقد الأجنبي.

3- تقليل تكاليف سفر العراقيين إلى إيران: يبلغ متوسط عدد السياح العراقيين الذين يقومون بزيارة إيران سنويا حوالي 3 ملايين عراقي لأغراض مختلفة مثل الزيارة والترفيه والصحة. ونظرا لارتفاع تكاليف السفر الجوي فإن إنشاء الخط الحديدي سوف يقلل تكاليف السفر للشعب العراقي إلى إيران.

4- مد خطوط السكك الحديدية الداخلية للعراق: إن ربط خطوط السكك الحديدية العراقية بالدول الإقليمية من شأنه أن يسرع من تطوير الخطوط الداخلية ويرفع من مستواها بسبب التبادلات الدولية.

وفي نهاية المطاف، فإن مجموع هذه التدابير سوف يؤدي إلى التنمية الاقتصادية، وتحسين الموقع الجيوسياسي للعراق، وتطوير البنية التحتية للنقل في العراق. وتأتي هذه الفوائد في الوقت الذي مضى فيه نحو عقدين من الزمن منذ بداية مشروع خط سكة حديد (البصرة - شلامجة بين العراق وإيران)، إلا أنه لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن.

يحتاج هذا الخط الحديدي فقط إلى مده بطول 33 كيلومترا، وإنشاء جسر متحرك بطول 800 متر تقريبا فوق شط العرب، وإزالة الألغام من 16 كيلومترا من بداية المسار، مهمة تقوم بها إيران حاليا.

هذا وقد أكد مسؤولو كلا البلدين على إطلاق هذا الخط الحديدي في اجتماعاتهم الأخيرة. فخلال زيارته الأخيرة إلى إيران في 8 يناير/كانون الثاني 2025 قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في هذا الصدد "إن المشاريع المشتركة بين البلدين، وعلى رأسها خط سكة حديد البصرة - شلامجة، يجري متابعتها من قبل الحكومة العراقية".

لكن الضغوط السياسية من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية المعارضة لتطور العلاقات بين إيران والعراق، فضلاً عن بعض المجموعات السياسية المرتبطة بهما داخل البلاد، أدت إلى تأخير تشغيل خط السكك الحديدية هذا. وتحاول هذه الدول استغلال نفوذ وسائل الإعلام العربية التابعة لها لتقديم تحليلات ومعلومات كاذبة، خاصة فيما يتعلق بتعارض هذا المشروع مع مشروع تطوير ميناء الفاو – طريق التنمية، فضلاً عن عدم رغبة إيران في إطلاق هذا الميناء بسبب تضارب مصالح الترانزيت في الممر الشمالي – الجنوبي.

الادعاء الذي يكون كاذبا وغير مهني للأسباب التالية:

1- إن إنشاء ميناء الفاو وخط السكك الحديدية المرتبط به يصب في مصلحة إيران والعراق، ويمكن لإيران أن تحل محل العراق بالإمارات في إعادة استيراد البضائع وتصديرها عبر طريق البصرة- شلمجة.

2- تتفاوت الجهات المطالبة بممر الشمال – الجنوب من العراق وإيران ؛ لأن هدف الممر العابر من العراق هو ربط الصين والهند بتركيا وأوروبا، والممر عبر إيران هو ربط روسيا وآسيا الوسطى والقوقاز بالخليج الفارسي وجنوب آسيا. ولذلك فإن افتتاح هذا الميناء لا يتعارض مع مصالح إيران في مجال الترانزيت.

إذن لماذا تعارض الولايات المتحدة وبعض التيارات السياسية الموالية لها داخل العراق إطلاق هذا الخط الحديدي؟ للإجابة على هذا السؤال ينبغي الإنتباه إلى ما يلي:

1- المنافسة الأميركية مع الصين: تتنافس أميركا مع الصين منذ سنوات على النفوذ في منطقة غرب آسيا ، ولم يسلم العراق من هذه المنافسة.

تعد الصين حاليا واحدة من أكبر الزبائن لنفط المنطقة والعراق بالتحديد. كما تسعى إلى إنشاء ممر بري من الشرق إلى الغرب، حيث تم تصميم أحد فروعه ليمر عبر طريق الصين وآسيا الوسطى وإيران والعراق والبحر الأبيض المتوسط، وذلك لنقل تجارتها بعيدًا عن الطريق البحري الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة. لذلك فإن الولايات المتحدة تخشى أن يدخل العراق في هذا المشروع عبر الارتباط بإيران وأن يتزايد تعاونه مع الصين، وهو ما يعني تراجع الهيمنة الأميركية على الحكومة العراقية ومنطقة غرب آسيا.

2- تحسين موقع العراق الجيوسياسي والجيواقتصادي: إن ربط العراق بالممر الشرقي الغربي، بالإضافة إلى توفير دخل اقتصادي غير نفطي خارج الهيمنة الأميركية وتطوير البنية التحتية للنقل والتجارة، من شأنه أن يزيد من قوة العراق ومكانته السياسية في العلاقات الإقليمية والدولية. وسوف يؤدي هذا إلى تقليص النفوذ الأميركي في العراق.

3- معارضة تطور العلاقات بين إيران والعراق: تحاول الولايات المتحدة، من خلال استغلال هيمنتها على الاقتصاد العراقي، منع تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بين البلدين الجارين العراق وإيران. ومن مصاديق ذلك يمكن الإشارة إلى إجراءات الولايات المتحدة في فرض قيود العملة على التجارة بين البلدين. إضافة إلى ذلك فهي تعارض أيضاً إطلاق خط سكة حديد البصرة - شلامجة، الذي من شأنه أن يؤدي إلى تطوير العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين إيران والعراق.

يكشف مجموع هذه القضايا أن المعارضة التي تثيرها الأطراف في داخل العراق وخارجه لا ترتكز على المصالح الوطنية العراقية، بل هي ضدها تماما.

لذلك من الضروري أن يكون الرأي العام والنخب العراقية على وعي تجاه هذه القضية، لعدم السقوط في فخ التحليلات الكاذبة والمتحيزة ضد هذا الخط الحديدي ودعم إطلاقه.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة