موضوع البرنامج:
علي وفاطمة وتقسيم الخدمة
السلام عليكم أحبائنا محبي فاطمة ورحمة الله.
معكم ومشاهد أخرى من سيرة سيدة نساء العالمين وهي في الأيام الأولى لدخولها بيت الزوجية المباركة.
تابعونا مع سيرة أسوة النساء والرجال والمؤمنين والمؤمنات.
أم أيمن: ماذا تفعل يا أبا أسامة؟ ما شأنك يا رجل بالرحى والطحن؟ دعها لي جزاك الله خيراً دعها لي.
زيد بن حارثة: لا بأس عليك يا أم أيمن.. إنما أحببت أن أعينك على عمل البيت، فقد سمعت أن علياً يعين فاطمة بمثل هذا من أعمال البيت.
أم أيمن: مرة أخرى جزاك الله خيراً على ذلك.. لقد سرني ما قلت الآن.. ولكني أكفيك مشقة الرحى والطحن مقابل طلب أعرضه عليك تكفيني همه.
زيد: أبعد الله عنك الهم يا بركة.. قولي ما الذي تطلبينه لك علي أن ألبيه لك ما استطعت.
أم أيمن: أعرض عليك يا أبا أسامة أن نقسم فيما بيننا الأعمال التي نحتاجها لإدارة حياتنا المشتركة بما يرضاه لنا الله ورسوله.
زيد: كلام جميل يا أم أيمن، لم أفكر فيه من قبل، ولكن كيف نقسم هذه الأعمال بما يرضاه الله ورسوله؟
أم أيمن: لا تقلق من هذا الأمر يا أبا أسامة، لقد كفتنا مؤونة هذا الأمر حبيبتي فاطمة وهي تبدأ حياتها المشتركة مع علي؟
زيد: بارك الله فيها، ما أعظم تقواها.. لا تقوم بشيء إلا ابتغاء رضا الله ورسوله.. كيف لم أفكر بهذا الأمر رغم مرور ما يزيد على الإثني عشر عاماً على حياتنا المشتركة.
أم أيمن: عفا الله عما سلف يا أبا أسامة، فلنبدأ من الآن على بركة الله، إذن أنت موافق؟
زيد: مهلاً يا أم أيمن، على أي شيء أوافق وأنت لم تخبريني كيف كفتنا فاطمة مؤونة هذا الأمر؟
أم أيمن: سأخبرك وأنا أتولى طحن ما يلزمنا من الدقيق لهذا اليوم.
وأخبرت أم أيمن زوجها زيد بن حارثة بخبر تقاضي علي وفاطمة الى رسول الله –صلى الله عليه وآله- في أمر الخدمة فيما يرتبط بإدارة حياتهما المشتركة.
فقضى –صلى الله عليه وآله- بأن على فاطمة الخدمة ما دون باب بيتها، وقضى بأن على علي الخدمة بما خلف الباب.
فكان علي – عليه السلام- يحتطب الحطب الذي يحتاجه البيت للطبخ والتدفئة ويستقي الماء ويأتي به الى البيت ويكنس.
أما أعمال فاطمة –سلام الله عليها- فكانت جميعاً داخل المنزل فكانت تطحن وتعجن وتخبز.
فلما سمعت فاطمة قضاء رسول الله (ص) وأن تكون خدمتها داخل البيتها، فرحت كثيراً.
قالت –عليها السلام-: لا يعلم ما داخلني من السرور إلا الله إذ كفاني رسول الله مؤونة تحمل ما تحمله الرجال والبروز بينهم.
زيد: اللهم اشهد واشهدي يا أم أيمن بأني رضيت بتقسيم الخدمة بيننا، فلك عليّ أن أقوم بالأعمال التي نحتاجها من خارج البيت، آتيك بالحطب والماء ولن أكلفك بالاستسقاء بعد اليوم.
أم أيمن: ولك عليّ يا أبا أسامة أن أقوم بأعمال البيت داخله.. كشف الله عنك كلّ هم يا أبا أسامة مثلما كشفت همي.
زيد: قد سمعت كلامك عن همك ثانية ولا أدري أي هم تعنين يا بركة أخبريني رحمك الله.
أم أيمن: قد آن أخبرك يا زيد بما كنت أخفيه مخافة أن أكلفك بما لا تحب القيام به.
زيد: وما هو يا بركة.. يكاد صبري ينفد، قد علمت أنك زوجة حانية فأفصحي عمّا يتلجلج في صدرك.
أم أيمن: قد كان والله يؤذيني مزاحمة الرجال وأنا أذهب الى البئر لكي أستقي الماء وأتحمل ما تحمله رقابهم وأنا أعود بالماء الى البيت.
زيد: معذرة الى الله واليك يا أم أيمن.. هلا أخبرتني من قبل لكي أكفيك هذا الأمر.. قد آذاني والله ما سمعت منك الآن.. والله لن أكلفك بمثل هذا بعد اليوم ما حييت.
أم أيمن: لا بأس عليك يا زيد، لا بأس عليك.. قد سررتني والله بكلامك هذا الآن.. جزاك الله خيراً.
زيد: هو من بركة فاطمة وعلي، فهما اللذان فتحا لنا باب معرفة تقسيم الخدمة بين الأزواج بما فيه رضا الله ورسوله.. إني لأجد سرورك هذا كسرور فاطمة بما سمعته من رسول الله.
أم أيمن: أي والله.. هو سرور العفة، ومن مثل فاطمة في عفتها.
زيد: أستودعك الله يا ابن مظعون.. إأذن لي بالذهاب.
عثمان بن مظعون: الى أين يا زيد؟ إجلس قليلاً في المسجد لكي أتلو لك بعض ما حفظته من رسول الله من القرآن.
زيد: أنا مشتاق لذلك يا ابن مظعون.. ولكن لو سمحت لي آتيك لذلك بعد صلاة الظهر.. فإني في عجلة من أمري الآن.
عثمان: وما الذي جعلك في عجلة من أمرك؟
زيد: أريد الذهاب الى البيت قربة الى الله تعالى!
عثمان: قربة الى الله تذهب الى الدار! وكيف؟
زيد: لا، لا يا ابن مظعون.. إنما أريد أن أتقرب الى الله باستسقاء الماء وحمله الى أم أيمن، فقد تركت دارنا ولا ماء فيه.
عثمان: بورك فيك يا أبا أسامة، أتحب أن أهديك الى سنة أخرى تتقرب الى الله بالعمل بها بعد حملك الماء الى أم أيمن.
زيد: جزاك الله خيراً، ومثلك من يهدي الى الخير يا عثمان بن مظعون أخبرني ما هي هذه السنة؟
عثمان: أخبرك بما أخبرني به عليّ، أنه جلس بالأمس يعين فاطمة على طحن الشعير وقد شاهد التعب ظاهراً عليها.
زيد: وهذه سنة مباركة أتعلمها من علي فهو يعين فاطمة في أعمال البيت أيضاً إذا تعبت.
عثمان: أجل يا زيد، لقد أخبرني علي أن رسول الله دخل عليهما وهما يطحنان فسألهما أيكما أعيى؟
زيد: ومن منهما كان أشد تعباً يا ابن مظعون؟
عثمان: فاطمة كانت أشد تعباً، هكذا أجاب علي رسول الله، فقال رسول الله؛ قومي يا بنية.
زيد: ما أشد رأفة رسول الله.
عثمان: نعم، وجلس رسول الله في موضعها وواسى علياً في طحن الدقيق حتى أتمه.
أم أيمن: ها يا زيد.. هل جئتنا بالماء؟
زيد: نعم، جئتك بالماء يا بركة، قد أقسمت بالله أن أعينك على الطحن أيضا.
أم أيمن: ولكن الطحن هو من اختصاصي يا زيد، لقد اتفقنا على ذلك.
زيد: صحيح ولكني علمت للتو أن رسول الله وعلياً يعينان فاطمة على الطحن فأحببت أن أقتدي بهما.. فهل ثمة اعتراض.
أم أيمن: أما في هذا فلا، وألف لا.