موضوع البرنامج:
خطبة وتزويج في بيت الله
السلام عليكم أيها الأعزاء ورحمة الله.
تحية طيبة، وأهلا بكم في لقاء اليوم من مسلسل السيرة الفاطمية.
ولازلنا ننقل لكم مستمعينا الأفاضل قبسات مما جاء في الروايات الشريفة من أخبار زواج الصديقة الكبرى.
وقد خصها الله جلت حكمته من بين نساء العالمين من الأولين والآخرين وفيما خصها بأن زواجها كان اولا في السماء بأمر الله وكان شهوده الملائكة المقربين والملأ الأعلى.
ثم تلاه بعد أربعين يوما زواجها في بيت أبيها بيت النور. وكانت مراسم تزويجها الثالثة في أشرف بيوت الله بعد المسجد الحرام.
فبعد أن جاء علي إلى رسول الله خاطبا فاطمة، وبعد أن أخذ رسول الله – صلى الله عليه وآله- رضا بضعته بهذا الزواج المبارك، أمر عليا –عليه السلام- أن ينطلق قبله الى المسجد النبوي لتنفيذ أمر إلهي ثالث بشأن زواج سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها.
سعد بن معاذ: ما وراءك يا بلال، أراك منطلقا على عجل؟
بلال: السلام عليك يا سعد، إنطلق سريعا الى المسجد فقد أمر رسول الله بذلك.
سعد: وعليك السلام يا بلال.. ما الخبر؟ لقد رأيت قبل قليل رسول الله وهو يتوجه نحو المسجد ووجهه ليتهلل فرحا وسرورا.
بلال: وهل رأيت ابن ابي طالب يدخل المسجد قبله وهو ممتلئ فرحا وسرورا.
سعد: إذن الأمر يرتبط بعلي؟ أخبرني يا بلال.
بلال: عندما دخل رسول الله المسجد ناداني والمقداد وسلمان فلما لبينا ومثلنا بين يديه قال: إنطلقوا بأجمعكم إلى جنبات المدينة واجمعوا لي المهاجرين والأنصار. وقد خرجنا ننفذ أمره، هذا ما أعلمه يا سعد بن معاذ.. فانطلق للمسجد لكي تعرف ما يريده رسول الله.
سعد بن معاذ: يا أبا الحسن، هل علمت لماذا جمع رسول الله المهاجرين والأنصار، لابد أن الأمر مهم.. لقد كنت عنده قبل أن يأتي الى المسجد.
أجاب علي –عليه السلام-: لقد قال لي رسول الله:
إخرج يا ابا الحسن الى المسجد، فإني خارج في أثرك ومزوجك فاطمة بحضرة الناس، وذاكر من فضلك ما تقر به عينك.
بلال: يا سعد، لقد ارتقى رسول الله أعلى درجة من منبره وهو يشير للناس بالسكوت، لنصغ لما يقوله في خطبته.
إبتدأ رسول الله خطبته بحمد الله والثناء عليه ثم قال –صلى الله عليه وآله-:
أيها الناس، إنما أنا بشر مثلكم أتزوج فيكم وأزوجكم إلا فاطمة، فإن تزويجها نزل من السماء.
أيها الناس، إنما الأنبياء حجج الله في أرضه الناطقون بكتابه العاملون بوحيه، وإن الله تعالى أمرني أن أزوج كريمتي فاطمة بأخي وابن عمي وأولى الناس بي، علي بن أبي طالب، والله عز شأنه قد زوجه بها في السماء، وأشهد الملائكة، وأمرني أن أزوجه في الأرض وأشهدكم على ذلك.
سعد بن معاذ: نشهد الله أنك يا رسول الله قد زوجت بأمر الله فاطمة بنت محمد من علي ابن أبي طالب.
بلال: اللهم إنا نشهد بذلك..
سعد وبلال: بارك الله لهما وعليهما وجمع الله شملهما. اللهم اجعل منهما النسل الطيب والمبارك. اللهم آمين.. اللهم آمين..
وتابع رسول الله خطبته مبشرا المسلمين بالذرية العلوية الفاطمية.
قال –صلى الله عليه وآله-: أيها الناس، لقد أتاني ملك فقال: يا محمد إن الله العلي الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول لك: قد زوجت فاطمة من علي فزوجها منه، وقد أمرت شجرة طوبى أن تحمل الدر والياقوت والمرجان، وأن أهل السماء قد فرحوا لذلك، وسيولد منها ولدان هما سيدا شباب أهل الجنة، وبهما يزين أهل الجنة، فأبشر يا محمد فإنك خير الأولين والآخرين.
ثم إن رسول الله –صلى الله عليه وآله- أمر عليا –عليه السلام- أن يقوم ويخطب لنفسه.
فأجاب –عليه السلام-: أأخطب يا رسول الله وأنت حاضر؟!
وكان من أدب امير المؤمنين –عليه السلام- أن لا يخطب ورسول الله حاضر في محفل من الناس.
فقال –صلى الله عليه وآله-: أخطب يا علي، فإن جبرئيل أمرني أن آمرك أن تخطب لنفسك..
ثم التفت –صلى الله عليه وآله- الى المهاجرين والأنصار وخاطبهم.
قال –صلى الله عليه وآله-: أيها الناس إسمعوا قول نبيكم إن الله بعث أربعة آلاف نبي ولكل نبي وصي، فأنا خير الأنبياء ووصيي خير الأوصياء.
فقام الوصي المرتضى خطيبا في المهاجرين والأنصار مبتدأ بحمد الله والثناء عليه بأكمل المدح والثناء.
ثم قال –عليه السلام-: وبعد فإن النكاح مما أمر الله تعالى به وأذن فيه، ومجلسنا هذا مما قضاه الله تعالى ورضيه، وهذا محمد بن عبد الله رسول الله زوجني إبنته فاطمة على صداق أربعمائة درهم ودينار، وقد رضيت بذلك، فاسألوه وأشهدوا.
سعد (مع أصوات بلال وغيره): يا رسول الله هل زوجت عليا من فاطمة؟
قال –صلى الله عليه وآله-: نعم، فأشهدوا.
(سعد،بلال): اللهم نشهد، اللهم نشهد.
بلال: أنظر يا سعد، لقد سجد علي لله، أي سجدة هذه في هذا الوقت؟
سعد: لنسمع ما يقوله لنعرف أي سجدة هذه يا بلال.
وكانت هذه اول سجدة شكر في الاسلام في غير تعقيب الصلاة حيث حمد الله فيها وشكره على نعمه الاقتران ببضعة رسول الله –صلى الله عليه وآله-.
قال –عليه السلام- في سجدته: الحمد لله الذي حببني الى خير البرية محمد رسول الله، اللهم يا رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه، وأصلح لي في ذريتي يا أكرم الأكرمين.
فأمن رسول الله –صلى الله عليه وآله- على دعائه وقال:
آمين يا رب العالمين، ويا خير الناصرين.
ثم خاطب فاطمة وعليا قائلا: بارك الله عليكما وبارك الله فيكما وأسعدكما، وأخرج منكما ذرية الكثير الطيب.
سعد وبلال: آمين، آمين يارب العالمين.