البث المباشر

شرح فقرة: "فما ... أعظم شأنكم وأجل خطركم وأوفى عهدكم وأصدق وعدكم" حوار مع الشيخ باقر الصادقي حول حكم توقير الائمة عليهم السلام

الثلاثاء 23 إبريل 2019 - 13:45 بتوقيت طهران

الحلقة 147

نحن الان مع احد المقاطع من الزيارة الجامعة: للائمة عليهم السلام وهي مايطلق عليها اسم (الجامعة الكبيرة)، تميزاً لها عن سائر الزيارات الاخرى وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها، ونتابع سائر مقاطعها الاخرى، ومنها: المقطع الباديء بعبارة (فما احلى أسمائكم) الى ان يقول: (وأعظم شأنكم، واجل حظركم، وافى عهدكم، واصدق وعدكم). 
هذا المقطع هو امتداد لمقاطع سابقة، تنتهج اسلوباً نضطر دائماً الى تكراره، ولفت النظر اليه، حتى لو كان قارئ الدعاء يتحسس الملل من تكرار، حقيقة هي: ان هذا المقطع وغيره يتميز بكونه يحفل ببلاغة فائقة في شتى الصُعد، ولكننا نعتزم ان نكرر الاشارة الى ان النص عُزز بعبارات مشتركة في دلالاتها، ومفترقة في الآن ذاته... خذ مثلاً كلمة (الوعي) وكلمة (العهد)، أليستا تحومان على دلالة هي اعطاء الآخر كلاماً يلتزم به الشخص، وكذلك خذ كلمتي (الاعظم) و(الاجل) وكذلك خذ كلمتي (الخطر) و(الشأن)، حيث تشترك عبارة (الاعظم) مع (الاجل)، وكذلك (الخطر) مع (الشأن).
اذن هذه الموارد الثلاثة التي تتظمن ستة كلمات، تشترك بدلالاتها، ولكنها تختلف ايضاً في دقائق دلالتها، وهذا ما نبدأ بتوضيحه، لان الزائر مطالب بان يفقه ما ينطق به من الكلام امام الامام عليه السلام.
العبارة الاولى تقول: (ما اعظم شأنكم واجل خطركم).
والسؤال هو: ما هي النقاط المشتركة اولا بين (الشأن) وبين (الخطر)؟ 
وثمة سؤال آخر: لماذا اقترن (الشأن) بالعظمة، واقترن الخطر بالجلالة؟
واما الجواب عن الاول، اي: الفارق بين الشان والخطر هو: ان الشان هو ما عظم من الامر، واما الخطر فهو ما ارتفع من القدر ونحوه، وهذا يعني انهما مشتركان في دلالتهما الحائمتين على علو المنزلة، ولكنهما يفترقان في دلالات نوعية هي، ان (الشأن) هو: ارتفاع فى (المنزلة) واما (الخطر) فهو: الارتفاع في الشرف.
وكما هو واضح ان الشرف هو علو الحسب، واما الخطر فهو علو القدر، والشرف غير القدر في المعنى الدقيق لهما. 
ونتجه الى الكلمتين اللتين اضيفتا لعبارتي (الشأن) و(الخطر) وهما: ما اعظم شأنكم، واجل خطركم، اي: يتعين علينا الن لن تحدثك عن العِظم وعن الجلال، فما هو المشترك بينهما، وما هو الفارق كذلك؟
واضح، ان (العِظم) هو ضخامة الموقع، واما (الجلال) فهو توقيره وتبجيله، وهذا يعني انهما مشتركان في كِبر المنزلة، ومفترقان في تحديدها، حيث ان العظم هو ضخامة وفخامة المنزلة، بينما (الجلال) هو: وقار المنزلة، واحدهما غير الآخر: كما هو واضح.

*******

وعلى اي حال فالمستفاد من هذا النص وغيره لزوم توقيرهم عليهم السلام كما يبين ذلك سماحة الشيخ باقر الصادقي في اللقاء الهاتفي التالي اللذي اجراه زميلنا نستمع معاً:
المحاور:بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احباءنا ها نحن نلتقيكم ونحن مع خبير البرنامج عبر الهاتف سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ قضية توقير الائمة عليهم السلام، القرآن الكريم أمر بتوقير وتعظيم النبي الاكرم صلى الله عليه وآله فيما يرتبط بهذا الحكم وما هو حاله اتجاه الائمة صلوات الله وسلامه عليهم؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، بلا شك ان توقير النبي شيء مطلوب وممدوح والقرآن الكريم تحدث عن بعض خصال المؤمنين في تعظيمهم وتوقيرهم للنبي صلى الله عليه وآله، وهكذا بالنسبة للائمة عليهم السلام باعتبار ارتباطهم الوثيق بالنبي وهم الامتداد الطبيعي لرسول الله صلى الله عليه وآله، فتوقير اهل البيت هو توقير للنبي وتوقير للنبي هو توقير لله عز وجل وليس ذلك الا لمنزلتهم العالية والرفيعة لان الله عز وجل جعل لهم من الكمالات ومن الصفات ومن الاخلاق ومن العلم ما ميزهم من الكائنات والمخلوقات، فلذلك توقير الائمة هو في الحقيقة توقير لله عز وجل اجلال الائمة هو اجلال لله عز وجل، فكانت الروايات التي وردت عن اهل البيت عليهم السلام تأمرنا بتوقير لشيبة الاسلام واجلاله ان من اجلال الله اجلال للشيبة في الاسلام، طيب هذا اذا كان مجرد ما انه رجل دخل في الاسلام ومضى عليه فترة من الزمن ونحن مأمورون باجلاله وبتوقيره فما بالك بالذين هم لهم الارتباط في نشر الاسلام وتقوية دعائمه واقامة اركانه بلا شك هذا من باب اولى ان نوقرهم خصوصاً اذا نظرنا حالاتهم وارتباطهم بالله عز وجل، كما قال الامام الصادق عليه السلام لنا مع الله حالات من العبودية ومن التسليم ومن الخضوع هذه الحالات لا يمكن ان ينالها غير المعصوم غير الائمة صلوات الله وسلامه عليهم، فبلا شك الامة مأمورة بتوقيرهم واكرامهم وتعظيمهم وهو من تعظيم الله، من هنا وردت في خصال الكثير من اصحاب الائمة انهم كانوا يتعاملون مع الائمة معاملة الاجلال والمهابة وهذه الامور ممدوحة بالنسبة الى السلف الصالح من اصحاب الائمة حينما كانوا يتعاملون مع النبي وكما كانوا يتعاملون مع امير المؤمنين والائمة عليهم السلام، بلا شك هذا امر رباني واشار اليه القرآن الكريم والعقل السليم كذلك يأمر به، جعلنا الله واياكم وجميع المستمعين ممن يوقر اهل البيت عليهم السلام ويعظمهم ويجعلهم في الاماكن التي رتبهم الله فيها والحمد لله رب العالمين.
المحاور:اللهم آمين، سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً جزيلاً، وشكراً لكم احبائنا وانتم تتفضلون بمتابعة ما تبقى من برنامج امناء الرحمان في حلقته هذه وشرح الزيارة الجامعة.

*******

ونتجه الى الشطر الآخر من المقطع وهو: (ما ادنى عهدكم، واصدق وعدكم)... فماذا نستلخص منهما؟
(الوعد) اعطاؤك كلاما للآخر بأنك تفي بما تقول او تفعله واما (العهد) فهو اعطاؤك ميثاقاً او عقداً تلتزم بموجبه بأن تحقق للطرف المقابل ما تم الاتفاق عليه، كالهدنة بين جيشين.
واما الفارق بينهما، فما هو؟ 
الفارق هو: هو ان الوعد يتم من طرفك وحدك كما لو قلت لصديقك: التقيك غداً ان شاء الله...
اما العهد فيتم بين طرفين يلتزمان بذلك...
والسؤال هو: ما هي الكلمتان المضافتان الى (الوعد) و(العهد)؟
الجواب: هما اصدق واوفى، حيث يرتبط الوعد با الصدق، وحيث يرتبط العهد بالوفاء، اي: ان الوعد يرتبط بصدق كلامك، والعهد يرتبط بوفاء الطرفين بذلك.
اذن تبين لنا الفرق، كما تبين لنا ما هو مشترك بين العبارات المتقدمة، والمهم هو: ضرورة ان يكون الزائر حريصاً على معرفة ما ينطق به من الكلام، وان يدقق في ذلك حتى تكتمل زيارته المطلوبة.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى زيارة الائمة عليهم السلام، وان نلتزم بما يقررونه من السلوك، انه ولي التوفيق.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة