البث المباشر

شرح فقرة "سعد من والاكم وهلك من عاداكم..." آثار مولاة اهل البيت(ع) والبراءة من اعدائهم حوار مع الشيخ باقر الصادقي حول مراتب البراءة من اعداد اهل البيت(ع)

السبت 20 إبريل 2019 - 08:27 بتوقيت طهران

الحلقة 92

لا نزال مع الزيارة الجامعة للائمة عليهم السلام وهي ما يطلق عليها اسم الجامعة الكبيرة تمييزاً لها من حيث اهميتها دلالياً واسلوبياً وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها وانتهينا من ذلك الى مقطع يقول عنهم عليهم السلام: (سعد من والاكم، وهلك من عاداكم وخاب من جحدكم، وضل من فارقكم، وفاز من تمسك بكم، وأمن من لجأ اليكم).
هنا يمكننا ملاحظة هذه العبارة المتتابعة في سلسلة من صياغة التضاد وصياغة التماثل حيث نلاحظ سعد مقابل هلك وخاب وضل مقابل فاز وتمسك، كما نلاحظ عبارات التماثل مثل سعد فاز امن ومثل ضدها هلك خاب ضل.
ان قارئ الزيارة من الممكن ان يكون ساهياً عن ملاحظة هذه الجوانب البلاغية في الزيارة ولكن الواقع العبادي يفرض عليه ان يلتفت للنكات التي يحفل بها الدعاء حيث ان الزائر يتحدث مع الامام(ع) فكيف يتحدث واياه بعبارات لم يدرك اسرارها؟

*******

اذن يتعين علينا ملاحظة هذه الجوانب ولكن بعد ان نستمع لحوار زميلنا مع ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي بشأن مظاهر البراءة من اعداء آل محمد صلى الله عليهم اجمعين.
المحاور: سماحة الشيخ في حلقات سابقة بينتم مراتب ومظاهر وبركات التمسك بأئمة اهل البيت عليهم السلام ائمة النبوية الطاهرة عليهم السلام سؤالنا في هذه الحلقة حقيقة ومظاهر البراءة من اعدائهم التي تعد الوجه الآخر او المكمل للولاية؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، لا يخفى على المستمع الكريم ان الولاية التولي من فروع الدين وكذلك التبري كذلك من فروع الدين والبراءة مقدمة في بعض الامور يعني كيف يعني باعتبار ان الكلمة الاولى التي نطق بها الرسول في تعليم الناس قولوا لا اله الا الله تفلحوا فلا اله هذه تشتمل على رفض بعدين اثبات الا الله هذا جانب الجانب الثاني في آية الكرسي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فهنا في الحقيقة كأنما تقدم قضية الكفر بالطاغوت يعني البراءة من الطاغوت البراءة من اعداء الله والنبي واهل البيت والرسالة هذه مقدمة وبالضبط اذا نريد ان نمثل كالتربة الزراعية حينما تكون صالحة للزراعة تنبت فاذا كانت التربة مالحة او غير مؤهلة لا تأتي ثمارها فكأنما التبري يلعب دوره لتهيئة الجو المناسب لقبول الاعتقاد الحق هذا شيء مهم، ولذلك نلاحظ الائمة وخصوصاً الامام الصادق عليه السلام على زيارة عاشوراء مثلاً زيارة عاشوراء اذا نتأمل لماذا فهناك عدة زيارات للامام الحسين لان البراءة فيها ورد لتأكيد عليه في اكثر من مرة تقريباً حدود سبع مرات براءة اربع مرات موالات سبع مرات ورد التبري وهذا في الحقيقة يعطي انطباع على اهمية التبري، اقبل رجل الى امير المؤمنين قال له سيدي مولاي: انا احبكم واحب اعداءكم. 
قال له امير المؤمنين عليه السلام: انت الان اعور اما ان تعمى واما ان تبصر كيف انت تحبنا وتحب اعدائنا.
المحاور: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، سماحة الشيخ بالنسبة لمصاديق هذه البراءة يعني هل هناك براءة قلبية وهنالك براءة عملية ما هي مصاديقها؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم اول شيء البراءة القلبية الانسان يتبرأ قلباً من الطغاة ومن افعالهم ومن كلشيء ما يرتبط بهم، ثم ينتقل الى مرحلة اللسان الذي يعلن البراءة مثلما نطق بها ابراهيم الخليل انا براء منكم الجانب الثالث البراءة العملية من غير القولية وهي انه عملاً سلوكاً يكون في الجانب الآخر. 
المحاور: في الجانب الاخر في اي شيء مثلاً يجتنب عقائدهم يجتنب اخلاقهم؟
الشيخ باقر الصادقي: نعم يجتنب عقائدهم اذا كان هناك حرب مثلاً ينعطف في الجبهة المناهظة لهذا وهذا ليعلن البراءة يعني كاصحاب الحسين عليهم السلام وقفوا الى جنب الحسين في حرب الطغاة والمنافقين والذين خرجوا على امام زمانهم.

*******

نتابع اعزاءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج امناء الرحمان بالاشارة الى ان العبارة الاولى من المقطع المتقدم تتضمن ثنائية او ازدواجية جميلة هي سعد قبالة هلك ووالاكم قبالة عاداكم، فالسعيد هو من يوالي والهالك هو من يعادي، هذا هو المعنى الاجمالي للعبارتين المتقدمتين ولكن المهم هو ملاحظة النكات الدلالية في هاتين العبارتين ولنقف مع كلمة سعد ويقابلها هلك ترى ما المقصود بالسعادة وما المقصود بالهلاك؟ هل السعادة تعني مجرد ان تتمسك الشخصية بانها متحررة من الهم والغم مثلاً؟ وهل يقصد بها سعادة الدنيا ام الاخرة ام الاثنان معاً والعكس هو مثار السؤال ايضاً حيث نتساءل ما المقصود من الهلاك هل هو الموت هل هو الشقاء هل هو شقاء الدنيا ام الاخرة ام كلاهما هذا ما نعتزم توضيحه الان.
بالنسبة الى السعادة يظل المفهوم لها مجملاً من حيث التحديد لمفرداتها وكذلك بالنسبة الى الهلاك فلو قدر لنا ان نتابع هذه الكلمة السعادة او الهلاك واستخدامهما في النصوص الشرعية وجدناهما ينطبقان على جملة دلالات كالراحة مطلقاً والراحة دنيوياً والراحة اخروياً وكذلك الهلاك حيث ان الهلاك قد يعني الموت وقد يعني المرض وقد يعني خسران النعيم الاخروي بل والنعيم الدنيوي ايضاً والان ما دام النص في الزيارة قد اجمل معاني هاتين العبارتين حينئذ نستنتج بان السعادة شاملة لكل انواع الراحة دنيوياً واخروياً والهلاك كذلك.
ولكن عندما نتجه الى العبارات الاخرى مثل فاز وامن وسلم نجد انها قد تجسد مصاديق جزئية واحياناً كلية ايضاً كما سنرى ذلك لاحقاً ان شاء الله تعالى الا اننا الان نحاول توضيح العبارتين المتقدمتين من حيث الكلمة الثانية وهي والاكم وعاداكم فماذا تتضمنان بدقة؟
من الواضح ان الموالاة هي من المحبة والمعاداة هي من البغض او لنقل ان الاولى هي النزعة المسالمة والثانية هي النزعة العدوانية وهناك اجماع لدى المعنيين بشؤون الصحة النفسية من حيث الذهاب الى ان الشخصية المريضة هي الصادرة عن النزعة العدوانية وان الشخصية السوية هي الصادرة عن النزعة المسالمة، طبيعياً قد يعترض احدهم فيقول العدوان ليس دائماً نزعة سلبية والموالاة ليست دائماً نزعة ايجابية بدليل اننا نعادي الشيطان ونوالي الرحمن اذن ما هو الجواب على السؤال المتقدم.
ونختصر فنقول السياق هو الذي يحدد ما اذا كان الموقف يتطلب معاداة او موالاة فالشيطان ما دام عدواً لنا فان معاداته منا ايجابية بينما الرحمن ما دام خالقنا ويحبنا فان موالاته تكون ايجابية اذن السياق حدد لنا متى نعادي هذا او ذاك ومتى نواليه.
وبما ان الموضوع يرتبط بخلفاء الرسول(ص) حينئذ سنوضح في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى هذه الظاهرة. ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى موالاة المعصومين عليهم السلام ومعاداة اعدائهم انه ولي التوفيق. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة