إنها سيدة عندما تتصدى للدفاع عن أحقية أمير المؤمنين في قيادة الأمة بعد الرسول الأكرم (ص) ، تتصدع أساسات المسجد، وتهتز الأرض، وأصبحت الأمة على حافة الهلاك.
إن فضائل السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، بالإضافة إلى الآداب والأخلاقيات، لها جوانب أخرى كثيرة نشير إليها بالفضائل السماوية. ومن وجهة نظر واحدة، باعتبارها نموذجًا فريدًا للمسلمين والمسلمات، فقد كانت مظهرًا لصفات مثل الشجاعة والتضحية وحب الأسرة والمجتمع.
ومن هذا المنطلق، فإن السيدة فاطمة الزهراء (س) لا تُعرف فقط بأنها أم وزوجة نموذجية في المنزل، بل لعبت أيضًا دورًا نشطًا في المجالات الاجتماعية والسياسية.
إن الدفاع عن حقوق النفس والآخرين، خاصة في مواجهة الظلم وعدم المساواة، هو من سماتها المميزة التي ظلت خالدة في تاريخ الإسلام.
ومن ناحية أخرى فإن دور السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في تبليغ رسائل الإسلام الروحية والاجتماعية مهم أيضاً. وكانت بمثابة المتحدثة باسم الحق والعدل في نشر التعاليم الإسلامية وإلهام الأجيال القادمة.
إن محتوى خطبها، وخاصة خطبتها في الإيمان والعلم، يدل على بصيرتها العميقة ووعيها بالقضايا الاجتماعية والمعرفية؛ ولذلك فإن السيدة الزهراء عليها السلام لا تُعرف بأنها ابنة النبي (ص) فحسب، بل هي أيضاً الوريثة الحقيقية للتعاليم النبوية. وقدمت من خلال وقوفها في وجه التحريفات ومحاولة الحفاظ على أصالة الدين الإسلامي، نموذجا في الصبر والمثابرة في طريق الحق. وبقيت خطاباتها وسلوكها وحياتها نورا يهتدي به المسلمون.
وتظهر هذه الفضائل أن السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي مثال خالد وملهم ليس للنساء فقط، بل لجميع البشر.
كما أن الدور التربوي للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام هو من الجوانب المهمة في حياتها التي ينبغي الاهتمام بها. ومن خلال تربية أطفال مثل الإمام الحسن والإمام الحسين والسيدة زينب عليهم السلام، تركت مثالاً لتعليم الأجيال المؤمنة والمطالبة بالحق.
كان نهج السيدة فاطمة الزهراء (س) مبنيا على المحبة، تعليم القيم الأخلاقية والدينية، وتعزيز روح البحث عن العدالة. وهذه الصفات جعلت من أبنائها رموزاً للمقاومة والثبات ضد الظلم والفساد، وأن يرسموا طريق التنوير والهداية للإنسانية. ويظهر هذا الدور التربوي عمق تأثير السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام في المجتمع وتاريخ الإسلام.
ولكن هناك وجهاً آخر يرتبط بالفضائل السماوية للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام. إنها سيدة عندما تتصدى للدفاع عن أحقية أمير المؤمنين في قيادة الأمة بعد الرسول الأكرم (ص)، كأنها تتصدع ركائز المسجد، وتهتز الأرض، وأصبحت الأمة على حافة الهلاك.
السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام هي السيدة التي إذا وقفت على محراب الصلاة أضاء نورها المدينة المنورة كلها في ثلاث أوقات الصبح والظهر والعشاء، وعندما يسأل المسلمون عن وجود هذا النور من رسول الله (ص) فيقول: "إن فاطمة واقفة في محراب الصلاة ويخرج النور من محرابها إلى السماء".
والسيدة فاطمة الزهراء (س)، مثل السيدة مريم عليها السلام، كان يوضع على مائدتها طعام الجنة؛ وإذا ذهب نبي الإسلام (ص) إلى دار أمير المؤمنين (ع) فتخاطب أباها قائلة: جعلتُ فداك. هناك شيء لقد أرسلها لنا سبحانه وتعالى، وقد حفظته لكم.
فقال النبي (ص): ائتي بها. وأحضرت فاطمة (س) طبق الطعام . فلما رفع النبي (ص) رأس الإناء كان مملوءا بالخبز واللحم. فلما رأته فاطمة (س) استغربت وأدركت أنه نعمة من الله. فشكر سبحانه وتعالى وصلى على النبي (ص).
فقال النبي: يا بنية من أين لك هذا؟ قالت: «هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ اِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَاب» (37 آل عمران) أي من عند الله؛ الله يعطي الرزق غير المحدود لمن يشاء. وهذا مثل ما قالت السيدة مريم عليها السلام رداً على سؤال زكريا.
تعد كل هذه الفضائل جزءا من فضائل سماوية للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، التي تسببت من أن يمن الله عليها ويجعل تلك السيدة المقدسة سيدة نساء العالمين من أول الخلق إلى آخره.
ولا تقتصر هذه الفضائل على الحياة الدنيوية فحسب، بل سيظهر جزء كبير منها في يوم القيامة، حيث تُعرف السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بأنها شفيعة يوم القيامة والرمز الكامل للرحمة والعدالة الإلهية.
وفي ذلك اليوم تتجلى عظمة مكانتها (س) ودورها الذي لايمكن الاستغناء عنه في هداية البشر وسعادتهم لجميع الخلائق، وسوف يشهد الجميع على مكانتها العالية.