في لقاء سابق حدثناك عن المقدمة التي وردت في الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام أي: الاستهلال المتمثل في الشهادتين وما واكبهما من التفريعات ... اما الآن فنتقدم الى الزيارة ذاتها ولكن لا نغفل ان تمهيداً آخر يواجهنا في هذه الزيارة وهو قراءة (الله اكبر) مائة مرة مع تقسيم خاص لهذا العدد، وهو: قراءة "الله اكبر" ثلاثين مرة، ثم نتوقف ونقرأ ثلاثين مرة اخرى، ثم نتوقف ونقرأ اربعين مرة ... طبيعياً ان قارئ الزيارة او أية زيارة اخرى سوف يتداعى الى ذهنه ان زيارات متنوعة للمعصومين عليهم السلام تتضمن مقدماتها قراءة "الله اكبر" مائة مرة ولكن لا نجد توزيعها اقساماً ثلاثة أي: القراءة ثلاثين ثم ثلاثين ثم اربعين ... والسؤال المهم جداً هو ما هي الفلسفة او النكتة التي يمكن ملاحظتها من هذا التقسيم العددي لعبارة (الله اكبر)؟ ... طبيعياً القراءة مطلقاً مائة مرة لعبارة (الله اكبر) لا تثير فضول قارئ الزيارة، لان سائر الزيارات تتضمن قراءة الاعداد المذكورة الا ان التقسيم بهذا الشكل هو الملفت للنظر.
هنا: قد انتبه بعض المعنيين بشؤون الادعية والزيارات الى ان النكتة من الممكن ان تكون كامنة في ان هذه الزيارة بما انها تتضمن عبارات قد تبدو للقارئ السطحي وكأن مبالغة فيها فان القراءة لعبارة الله اكبر بهذا النحو تمح عن الذهن عنصر المبالغة للمعصومين وتجعل السيطرة الدلالية لله تعالى بصفته الفعال الوحيد للقيم جميعاً ... ولكن هذا التعليل لا يحل الموضوع أي: فلسفة ونكتة توزيع العبارة البالغة مائة مرة بالنحو المذكور القراءة ثلاثين ثم ثلاثين ثم اربعين، والجواب هو: ان ندع تفسير ذلك الى الشرع نفسه حيث يتعذر علينا جمعياً تأويل هذه الظاهرة.
اذن: لندع هذا الجانب ونتجه الى الزيارة ذاتها ان اول عبارة تستهل الزيارة بها هي (السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة ...) هذه السمات او الاوصاف التي استهلت الزيارة بها لابد وان تلفت نظرك الى نكاتها المتمثلة اولاً في ان الزيارة تشير الى النبوة والى الرسالة هنا: أليس الزائر محقاً "اذا كان ممن يمعن نظره في القراءة" و"المفروض كذلك" في ان يتساءل لماذا او ماذا يمكن لنا ان نحتمله من الاستهلال بهذه السمات للأئمة عليهم السلام؟ ولعل الاجابة تقفز سريعاً الى ذهن الزائر بهذا النحو الزيارة هي للأئمة عليهم السلام ولكن هل ان الائمة عليهم السلام افراد منعزلون عن الصلة بمحمد(ص) وهل ان هذه الصلة نسبية فحسب؟ طبيعياً كلا حيث ان اقرباء النبي(ص) كثيرون فيهم المؤمن والمنحرف ايضاً.
اذن: ثمة صلة تتجاوز النسب الى المعنى الى الخلافة الى احد الثقلين لذلك نعتقد ان الزائر الواعي لقراءته سوف يتداعى ذهنه سريعاً الى ان العبارة الاستهلالية الاولى وهي: (السلام عليكم أهل بيت النبوة) انما تتحدث عن الصلة بين محمد(ص) وبين خلفائه، بين محمد(ص) وأهل بيته الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، بين محمد(ص) وبين احد الثقلين ...، بين محمد(ص) وهو نبي الله تعالى وبين المنتسبين الى النبوة من خلال الصلة المتنوعة التي تمت الاشارة اليها ....
اذن: الدلالة النفسية التي سوف لا تغرب عن الذهن سواء وعيناها مع حضور الشعور او لا شعورياً سوف لن تغرب هذه الدلالة النفسية عن الزائر ونعني بها انه يحيا دلالة مزدوجة لا ينفصل احد طرفها عن الآخر الطرف الاول وهو محمد(ص) النبي(ص)والطرف الآخر وهو اهل بيته عليهم السلام او الائمة عليهم السلام.
وستتبلور هذه الدلالة بنحو اشد عندما نواجه عبارة تتلو سابقتها وهي عبارة "وموضع الرسالة" أي ان الائمة عليهم السلام هم "اهل بيت النبوة" ثم هم "موضع الرسالة"، وقد عرفنا الاهل وصلتهم بالنبي(ص) ولكن لنعرف ايضاً صلة موضع الرسالة وهم الائمة عليهم السلام بصاحب الرسالة محمد(ص)؟ هذا ما نحدثك عنه في لقاءات ان شاء الله تعالى.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج امناء الرحمن بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ حسان سويدان اهلاً ومرحباً بكم:
الشيخ حسان سويدان: حياكم الله.
المحاور: مع شكراً الجزيل سماحة الشيخ على اجاباته عن اسئلتنا فيما يرتبط بموضوع هذا البرنامج في الحقات المقبلة نشير الى ان سماحته كان قد عرض في الحلقة السابقة مجموعة من الاسئلة ترتبط بالسنة الزيارة في الحياة الاسلامية واعدنا مستمعينا الافاضل بان يجيب سماحته عنها في هذه الحلقة طيب سماحة الشيخ حسان سويدان انا الخص هذه الاسئلة بانها تدور حول تفصيلات سنة الزيارة للاولياء بعد ثبوت اصل الزيارة واستحبابها واهميتها في الحياة الاسلامية تفضلوا؟
الشيخ حسان سويدان: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد و على آله الطيبين الطاهرين. ذكرنا ان اصل كون الزيارة سنة هو امر معرف عنه في الشريعة المقدسة وان اكثر الروايات التي تتحدث عن الزيارة تتحدث عن تفاصيل هذه الزيارة ان من جهة من نزور ويمكن تلخيص من نزوره ومن طلبت الشريعة المقدسة منا زيارته عبر خطين الاخط الاول هو خط القدوة ان نزور القدوة بالنسبة لنا على المستوى الشرعي: هذه روايات كثيرة تحدثت عن زيارة النبي عن زيارة الانبياء السابقين عن زيارة الائمة المعصومين بل عن زيارة الاولياء والصلحاء ككبار العلماء هذه حزمة كبيرة من الروايات في الحقيقة يمكننا ان نتلمس من خلالها اهتمام الشريعة المقدسة بالتواصل مع القدوة بعد رحيله من الدنيا كان كنا نتواصل معه وهو بيننا يعيش في هذه الحياة الدنيا بل يعطي فرصة لمن لن يستطع ان يتشرف بلقاء هذه القدوة في حياته ان يرتبط بها ويلتقيها من خلال زيارتها بعد الوفاة يعطينا وامثالنا فرصة لان نزور نبينا الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم فنرتبط به ببعض انحاء الارتباط من خلال زيارة قبره الشريف لنؤكد على التبعية له وعلى انه القدوة لنا وهو ما تشير اليه كثير من الروايات ويؤكد ايضا انه بذهاب جسده الشريف لم يذهب من بيننا لاننا نؤكد وفي كثير من الزيارات الواردة باسانيد معتبرة يؤكد على هذه العبارة اشهد انك تسمع كلامي وترى مقامي على هذا الاساس يحصل ترابط قوي في الحقيقة يمكنها ان نعبر بهذا التعبير يمكن للانسان ان يصل الى قمة الارتباط بقدوته التي يعتقد انه قدوته عندما يقف امام قبره الشريف وكانه يقف امامه حيا ماثل بشخصه الشريف يسمع كلامه ويشهد مقامه يستطيع ان يناجي يستطيع ان يخاطبه يستطيع ان يتلقى منه ايضا الحالات الروحية الراقية هذا مستوى، المستوى الثاني هو مستوى التواصل مع بعضنا البعض كما ان الشريعة اكدت على التزاور بين بعضنا البعض كارحام كاهل ديانه كاخوة في الدين بل ربما في بعض الحالات كنضراء في الخلق ايضا كالتوصية بالجيران لذلك نجد ان الشريعة المقدسة اوسط بان نزور بعض هذه الاصناف بعد ارتحالها من الدنيا ايضا اكدت الشريعة انهم اصحاب شعور يعلمون بنا عندما نزور وهم ويأنسون بنا عندما نزوروهم هذا في الحقيقة يمثل ترابط وتراحم وتعالي لاننا في الحقيقة نرتبط بهم روحياً ان غاب شخص اجسادهم عنا لم تغب ارواحهم وطبق ارواحنا قادرة على الارتباط بهم وتقديم الغذاء الروحي لهم بل لا ابال لان قلت نحن ايضاً نتزود بالغذاء الروحي الذي نرتقي اليه من خلال تواصلنا معهم بعد ارتحالهم من هذه الدنيا.
المحاور: سماحة الشيخ انتم فتحتم باب الحديث عن آثار الزياره ان شاء الله نتناولها في حلقة مقبلة.
الشيخ حسان سويدان: ان شاء الله.
المحاور: شكراً جزيلاً سماحة الشيخ.
الشيخ حسان سويدان: حياكم الله.
*******