البث المباشر

شرح فقرة: "بأبي أنت وأمي زرتك عارفاً بحقك" حوار مع الشيخ باقر الصادقي حول دلالات تفديّ النبي الاكرم(ص)

الإثنين 8 إبريل 2019 - 09:40 بتوقيت طهران

الحلقة 27

الحمد لله كل الخير بين يديه والشر ليس اليه والصلاة والسلام على مجاري رحمته ومواهبه وعطاياه منبع الرأفة والفضل محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم اعزاءنا ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم وانتم ترافقونا مشكورين في حلقة اخرى من حلقات هذا البرنامج نسعى فيها للاستضاءة بمقطع آخر من زيارة حبيبنا المصطفى(ص) من بعيد المروية عن مولانا الصادق عليه السلام، وهي تعرفنا مستمعينا الافاضل بمقامات صفوة الخلائق وبعض حقوقه علينا وبركات العمل به، وقد انتهى بنا الحديث في الحلقة السابقة الى المقطع الذي نخاطبه فيه فيقول كل منا له(ص): (بأبي انت وامي يا رسول الله زرتك عارفاً بحقك مقراً بفضلك مستبصراً بضلالة من خالفك وخالف اهل بيتك عارفاً بالهدى الذي انت عليه).
كما تلاحظون فان المقطع المتقدم يبدأ بعبارة محببة يعلن فيه الزائر ان النبي الاكرم(ص) هو اقرب اليه من والديه فيقول (بابي انت وامي يا رسول الله)، وهذه العبارة تفيد ان الزائر يعلن ان انتمائه الاول هو رسول الله والى درجة ان يفديه بوالديه والوالدان اقرب الخلق الى الانسان فهو المقدم على احد اذ لولاه لما خلق الله الخلق كما صرحت بذلك الكثير من النصوص الشريفة، هذا اولاً وثانياً فان الزائر يعبر بهذا القول عن شدة حبه لرسول الله(ص) وكونه اعز واحب اليه من كل احد.

*******

وهنا تظهر لنا حقيقة كبرى من حقائق الايمان يشير اليها ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي في الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا نستمع معاً:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احبائنا ورحمة الله وبركاته معنا مشكوراً على خط الهاتف سماحة الشيخ الصادقي، سماحة الشيخ سؤالنا لهذه الحلقة عن هذه العبارة المحببة التي تكثر بزيارات اهل البيت عليهم السلام بأبي انت وامي خطاب للمزار ما معنى هذه العبارة لماذا يأمرنا النبي الاكرم صلى الله عليه وآله ويقول ما مضمونه المؤمن لا يكتمل ايمانه الا ان اكون انا واهل بيتي احب اليه من نفسه واهل بيته؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، في الحقيقة هذا نوع من التربية للانسان المؤمن ان يفدي نفسه بساداته وهذا نوع من الادب الذي طرحه القرآن الكريم بالنسبة الى الانبياء وبالنسبة للاولياء والعظماء، النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم واصحاب الرسول صلى الله عليه وآله ساروا على هذا المنهاج في التطبيق وفي التربية العملية كأنهم يفدون انفسهم فعلاً وواقعاً للنبي الكريم صلى الله عليه وآله كما انهم بالنسبة الى واقعة الطف فيها هناك مصاديق واضحة لتفدية انصار الامام الحسين لابي عبد الله الحسين، بالنسبة الى امير المؤمنين عليه السلام مجرد ما امره النبي ليلة الهجرة لم يكن هناك اي اعتراض او شيء بل انه تسليم مطلق قال او تنجو يا رسول الله قال بلا وفعلاً بات على فراش النبي وانزل الله عز وجل فيها آية «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ»، سعد من اصحاب رسول الله بعدما سقط جريحاً في احدى الغزوات ولعله في غزوة احد اقبلوا اليه بعض اصحابه فوجدوه جريحاً فيه رمق من الحياة لما سمع ان الرسول صلى الله عليه وآله حي يرزق قال ابلغ الانصار عني السلام وقل لهم ليس لهم عذر ان تشوك رسول الله شوكة وفيهم عرق ينبض، في الحقيقة هذه الصور تبين لنا ان ايمان المؤمن لا يكتمل الا بهذه الحالة كما ورد في الحديث الشريف عن الرسول: لا يؤمن احدكم حتى تكون ذاتي احب اليه من ذاته وعترتي احب اليه من عترته، هكذا في يوم عاشوراء ابو الفضل العباس سلام الله عليه ضرب المثل الاسمى في التضحية والمحبة والفداء لسبط الرسول ولابن رسول الله حينما قال مخاطباً لنفسه: يا نفس من بعد الحسين هوني فبعده لا كنتي او تكوني، يعني في الحقيقة ما هان له ان يهنأ وان يشرب الماء والامام الحسين ابن رسول الله قلب كفالية الغضى حال العطش بينه وبين السماة الدخان، الى اخر الصورة من واقعة كربلاء بالنسبة للانصار الذين يأتون ويسلمون على الحسين قبل ان يستشهدوا ويراهم الحسين كما جاء عن الغفاريان قال مالي اراكم تبكيان فلعمري بعد ساعة تكونا قرينا العرين قالا ما على انفسنا نبكي ولكن نبكي عليك يابن رسول الله الآن نحن حضور ندافع عنك لكن بعد ساعة اذا مضينا من الذي يدافع، في الحقيقة هذه التربية نوع من التربية ان الانسان المؤمن ينبغي ان يرى نفسه فداء لساداته ولاوليائه وانه لا وجود له بالعنوان الحقيقي امام ساداته واوليائه لانهم اولياء الله وانبياء الله وهذا في الحقيقة نوع من التربية في زيارة اهل البيت دائماً نرى تتكرر هذه العبارة: بابي انت وامي يعني انا ليس لي وجود قبال وجودك اذا تطلب وجودي بان تبقى انت فانا اقدم نفسي فداءاً لك يا ابن رسول الله ان كان امام او ان كان نبي صلى الله عليه وآله.
المحاور: سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً جزيلاً، وشكراً لمستمعينا الافاضل وهم يتابعون مشكورين ما تبقى من هذه الحلقة من شرح زيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد ورزقنا الله واياهم صدق المحبة للنبي وآله صلوات الله عليه اجمعين، اللهم آمين.

*******

نعود مستمعينا الاكارم الى مقطع هذه الحلقة من برناج فاتح الخير والى العبارة التي يقول فيها زائر النبي الاكرم(ص) من بعيد:(زرتك عارفاً بحقك مقراً بفضلك)، وكانت فقرة سابقة من الزيارة قد وصفت تسليم الزائر بانه تسليم عارف بحقك.
ولا يخفى ان المراد من المعرفة هنا ليس معرفة حق النبي الاكرم على نحو الاطلاق فهذا مما لا يمكن لبشر كما صرحت بذلك الكثير من النصوص الشريفة فما المقصود هنا اذن؟
لعل المراد هو المعرفة بما يتناسب ومرتبة وايمان الزائر نفسه هذا اولاً، وثانياً قد يكون المراد ان زيارة النبي من بعيد ومن قريب وكذلك السلام عليه هي من حقوقه على المؤمنين رزقنا الله واياكم احباءنا اداءها.
اما الفقرة اللاحقة من الزيارة اعزاءنا المستمعين فتقول: "مقر بفضلك" وفيها اشارة لطيفة الى لزوم ان يخلي الزائر قلبه من أي مرتبة من مراتب الشك بسمو مقامات سيد الرسل وبذلك يكون هذا الاقرار منطلق موالاة الزائر له على اساس الحق لا على اساس التعصب.
وهذا المعنى اعزاءنا تكملة العبارة اللاحقة وهي تصرح بان البراءة من مخالفيه المتجاهلين لما اوصى به للنجاة من الضلالة هذه البراءة منطلقة من كونهم قد سقطوا بذلك في مستنقعات الضلالة لان الهدى هو ما كان عن رسول الله وما جاء به واعلنه للامة(ص).
تقول العبارة (مستبصراً بضلالة من خالفك وخالف اهل بيتك عارفاً بالهدى الذي انت عليه).
اما الربط بين مخالفته ومخالفة اهل بيته فهو في غاية الوضوح في صحاح الاحاديث الشريفة المروية في المصادر المعتبرة عند جميع فرق المسلمين كحديث الثقلين المتواتر وغيره كثير. والى لقاء قادم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة