البث المباشر

رواية عن تواضع النبي الاكرم(ص) وعظيم بركته حوار مع السيد محمد الشوكي حول موالاة النبي(ص) والحشر معه يوم القيامة زيارة النبي(ص) من بعيد والاستعاذة به من عاقبة الأشقياء

الثلاثاء 9 إبريل 2019 - 15:32 بتوقيت طهران

الحلقة 59

والحمد لله رب العالمين وأزكى الصلاة واتم التسليم على امام الرحمة وقائد البركة وفاتح الخير المصطفى البشير وعلى آله الطاهرين.
السلام عليكم أعزاءنا ورحمة الله وبركاته تحية طيبة؛ نستهل اعزاءنا هذه الحلقة من البرنامج نستهلها تبركا ً بما رواه الحسين بن سعيد (رحمه الله) في كتاب الزهد؛ إن امرأة قرشية عرفت ببذاءة اللسان مرت برسول الله )صلى الله عليه وآله) وهو يأكل، فقال مستنكرة تواضعه: يا محمد إنك لتأكل أكل العبد وتجلس جلوسه.
فأجابها (صلى الله عليه وآله): وأي عبد أعبد مني؟! 
فقالت: أما تناولني لقمة من طعامك؟ فناولها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لقمة من طعامه، فأبت أن تأخذ الا اللقمة التي كانت في فمه، فأخرج (صلى الله عليه وآله) اللقمة من فمه وأعطاها لها، فأكلتها، قال الامام الصادق (عليه السلام): فما اصابها بذاء حتى فارقت الحياة، اي تطهر لسانها من البذاءة والفحش في الكلام. 
نتابع الاستنارة بنص زيارة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) من بعيد، وقد انتهى بنا الحديث الى المقطع التالي من الدعاء بعد صلاة الزيارة وفيه يقول الزائر مستعيذاً بربه الجليل: «اللهم واعوذ بك من ان يكون في ذلك اليوم في مواقف الاشرار موقفي، او في مقام الاشقياء مقامي، واذا ميزت بين خلقك فسقت كلاً بأعمالهم زمراً الى منازلهم، فسقني برحمتك في عبادك الصالحين وفي زمرة اوليائك المتقين الى جناتك يا رب العالمين».
بهذه العبارات يختم الزائر دعاءه المسنون بعد صلاة زيارة الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله) من بعيد، وكما تلاحظون فإن ختام الدعاء يرتبط ايضاً بيوم القيامة الذي خصص له قسم كبير من هذا الدعاء حيث يستعيذ فيه الزائر من أهوال ذلك اليوم طالباً النجاة منها. 
وهنا يستعيذ الزائر بالله عزوجل ان يكون في صفوف الاشرار والاشقياء يوم القيامة ويطلب ان يكون مع عباد الله الصالحين وأوليائه المتقين اي ان الزائر يطلب من الله عزوجل أن يكون حشره في زمرة محمد وآله محمد (صلى الله عليه وآله). 
وهذا الطلب يتضمن تذكيراً للزائر بأن الحشر معهم (عليهم السلام) يوم القيامة هو نتيجة لموالاتهم والكون معهم في الحياة الدنيا، فيندفع بالتالي الى الاهتمام أكثر وأكثر بطاعتهم ـ وفي طاعة الله عزوجل ـ ويندفع اكثر للتمسك بولايتهم وإتباعهم وفي ذلك رضا الله جل جلاله. 

*******

المزيد من التوضيح لهذه الحقيقة الافاضل نستمع اليه من ضيف البرنامج سماحة السيد محمد الشوكي في الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا. 
المحاور: السلام عليكم احبائنا شكراً لكم على جميل المتابعة للبرنامج، معنا مشكوراً في هذه الحلقة سماحة السيد محمد الشوكي، سماحة السيد سؤالنا في هذه الحلقة هو كيف يكون الانسان في زمرة محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام؟
السيد محمد الشوكي: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت على ابراهيم وآل ابراهيم، الحقيقة ان القرآن الكريم يجيبنا عن هذا التساؤل الذي طرحتموه عبر مجموعة من الآيات الكريمة نذكر بعضها على نحو الاختصار، مثلاً في قوله تبارك وتعالى «وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وحسن اولئك رفيقاً»، فالاية الكريمة واضحة الدلالة على ان الانسان اذا اراد ان يكون مع الذين انعم الله عليهم هذه الفئات التي ذكرها القرآن الكريم الاربعة النبيين الصديقين والشهداء والصالحين هؤلاء شملتهم نعمة خاصة وتتجلى طبعاً هذه النعمة الخاصة يوم القيامة في محالهم ومنازلهم، من اراد ان يكون معهم الآية قالت: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ والمعية على نحو الرفقة، رفقة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورفقة الانبياء ورفقة الصالحين يوم القيامة في محالهم شرطها الاساس هو اطاعة الله واطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، طبعاً نحن نعلم ان منزلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة لا تدانيها منزلة، وليس المقصود ان يكون في نفس منزلة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والا اذا كان هذا فما هو فرقنا عن النبي وما هو فضل النبي علينا، لا، منزلة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم يوم القيامة لا تدانيها منزلة، وانما على نحو الجوار وعلى نحو نكون قريبين منهم صلوات الله وسلامه عليهم، اذا اردنا ذلك فالطريق هو طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، كذلك في اية اخرى يقول تبارك وتعالى: فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي، عكس القضية من لم يتبعن فليس مني، طيب اذا اردنا ان نكون مع النبي لابد ان نتبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيما يقوله في تعاليمه، وان نتبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في منهجه هذا هو اساس الاتباع والمعية مع الانبياء ومع الصالحين، ولذلك نجد ان ابن نوح مثلاً، قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ، مع انه ابنه ومن لحمه ودمه لكن هنا انتفت القرابة باعتبار انه لم يعمل صالحاً فصار عملاً ليس صالحاً، وبالتالي العمل غير الصالح لا ينسجم مع خط الانبياء سلام الله عليهم، تماماً كالمعدة، المعدة عندما يدخلها طعام نظيف هنيء طيب سوف تهضمه، لكن عندما يدخل اليها طعام فاسد فسوف ترفضه، فاذن اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم طاعة الله وطاعة رسوله فيما امر وفيما نهى عنه هذا هو السبيل الوحيد للكون معهم والحشر في زمرتهم صلوات الله وسلام عليهم، والا ورد عنهم عليهم السلام لا تنال شفاعتنا مستخفاً بصلاته من لم يطع الله في ركن من اركان الدين وفي فريضة الهية كفريضة الصلاة سوف لن يكون معهم ولن يدخل في دائرة شفاعتهم صلوات الله وسلامه عليهم، اذن المسألة هي ما بينها القرآن الكريم، طبعاً الايمان واضح، الايمان بالله حبه هذه كلها موازين ومقاييس ثابتة ولا ريب لكن ليس مجرد الايمان العقلي وليس مجرد الحب الفارغ عن الاتباع هو الذي يؤدي الى ذلك الايمان والحب الذي يكون عن اتباع وعن طاعة والا تعص الله وانت تظهر حبه وهذا لعمرك في الفعال بديع لو كان حبك صادقاً لاطعته ان المحب لمن احب مطيع، والنبي لما سأله ذلك الرجل قال: يا رسول الله أسألك عن الساعة؟ 
قال: فما اعددت لها وانت تسأل عنها؟ 
قال: يا رسول الله ما اعددت لها كثير صلاة ولا صيام ولكنني احب الله ورسوله، قال فالمرء مع من يحب، يعني انت تكون مع من تحب، لكن هذا الحب الذي يتجسد على السلوك من خلال الاتباع ومن خلال الطاعة والا كيف احب ابي وانا اعصيه كل يوم، طبعاً هذا ليس حب، انا اخالفه وانا اجرح قلبه كل يوم، اذن الايمان بالله تعالى ورسوله واليوم الاخر وحب الله وحب رسوله وكذلك طاعة الله وطاعة رسوله والاتباع هو هذا الطريق للكون مع النبي وآله ومع الانبياء والشهداء والصالحين صلوات الله عليهم اجمعين.
المحاور: اللهم صل على محمد وآل محمد، سماحة السيد محمد الشوكي شكراً جزيلاً، وشكراً لكم احبائنا وانتم تتابعون ما تبقى من البرنامج.

*******

نعود الاكارم الى المقطع الاخير من الدعاء الوارد بعد صلاة زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بعيد، وفيها يعلمنا منشئ الزيارة الامام الصادق (عليه السلام) أن نستعيذ بالله عزوجل أن يكون موقفنا في يوم القيامة مع الاشرار ومقامنا مع الاشقياء. 
وهذا الدعاء يتضمن ترسيخاً لروح البراءة من اعداء الله عزوجل ومن اعمالهم في هذه الدنيا ايضاً لان ما يمون يوم القيامة انما هو مظهر ونتيجة لعمل الانسان في هذه الحياة الدنيا. 
وعليه يتضح ان دعاء الزائر في هذه الفقرة هو طلب المعونة من الله جلت قدرته، لاجتناب مواقف الاشرار والاشقياء والتورع عن سلوكياتهم في مختلف شؤون الحياة. 
وصفتا (الاشراروالاشقياء) أكثر ما تطلقان على المعادين لله والمؤمنين الذين يكيدون لعباد الله ويؤذونهم وهؤلاء هم الذين يجب البراءة منهم والسعي للتطهر من صفاتهم.
ثم يذكر الدعاء مشهد تمايز زمر الناس وطوائفهم يوم القيامة حيث يُساق كل منهم الى منزله الاخروية؛ وهنا يطلب ان يكون حشره مع عباد الله الصالحين واوليائه المتقين، اي ان الزائر في الواقع يدعو الله عزوجل ان يوفقه لموالاة هؤلاء اولاً وثانياً ان يعينه على التحلي بصفاتهم المذكورة اي العبودية لله عزوجل، والصلاح والتمسك بالولاية الالهية، والتقوى، فالتحلي بذلك هو مفتاح الانضمام الى زمرتهم ومرافقتهم في الحياة الآخرة، رزقنا الله واياكم ذلك اعزاءنا. اللهم امين. 
أخيراً نشير الى ان الزائر يطلب من الله عزوجل (أن يسوقه) وبهذا التعبير بالذات لكي يكون في زمرة عباد الله الصالحين واوليائه المتقين، وفي ذلك نكتة دقيقة هي ان بهذا التعبير يوكل العبد امره الى الله عزوجل ويدعوه الى تحقيق هذا المطلب حتى وان لم ترض بذلك نفسه. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

ذات صلة

المزيد
جميع الحقوق محفوظة