بسم الله وله الحمد والمجد تبارك وتعالى رب العالمين والصلاة الزاكية على خيرته من العالمين محمد واله الطاهرين.
السلام عليكم الافاضل ورحمة الله، ها نحن نلتقيكم على بركة الله في حلقة اخرى من هذا البرنامج الخاص بشرح زيارة نبينا الاكرم من بعيد، وها نحن نفتتح هذا اللقاء بالتعرف على مفتاح ابواب الخير يهدينا اليه نبي الرحمة وفاتح الخير (صلى الله عليه وآله) حيث قال:
حبنا اهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات، من اراد التوكل على الله فليحب اهل بيتي، ومن اراد الحكمة فليحب اهل بيتي، ومن اراد دخول الجنة فليحب اهل بيتي، فوالله ما احبهم احد الا ربح الدنيا والاخرة، اثبتكم قدما على الصراط اشدكم حبا لاهل بيتي. 
في هذه الحلقة نستنير بفقرات من المقطع الختامي لزيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بعيد وهو مقطع التوديع الذي بدانا الحديث عنه في الحلقة السابقة وانتهى الحديث فيها الى ان يقول الزائر مخاطبا نبيه الاكرم (صلى الله عليه وآله): «اشهد يا رسول الله انك كنت نورا في الاصلاب الشامخة والارحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بانجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها».
في هذه الفقرات اللاحقة يعرض الزائر اصول اعتقادته بالنبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) وهو يزوره:
والاصل الاول: الذي تتضمنه الفقرات المتقدمة هو الاعتقاد الراسخ بالنورانية الكاملة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولذلك اختار الله عز وجل الساجدين الموحدين اوعية للنور المحمدي فكان تنقله بين الاصلاب الشامخة والارحام المطهرة.
اما الاصل الثاني: الذي تضمنته هذه الشهادة فهي التعبير عن الاعتقاد الراسخ بالطهارة المطلقة لخاتم الانبياء (صلى الله عليه وآله) وهي تمثل اعلى مراتب الطهر بحيث لا يمكن ان تؤثر عليها او ان تمسها انجاس الجاهلية او تحجبها عن الله تبارك وتعالى بظلمات المدلهمات من ثيابها اي من حججها المظلمة كالجهل والعناد وسائر الرذائل.
اعزاءنا وقبل ان ننتقل بكم الى الفقرات الاخرى من هذا المقطع نشير الى ان عرض الزائر لعقائده في حضرة المعصومين عليهم السلام واولياء الله يشكل ظاهرة واضحة في كثير من نصوص الزيارات المروية عن اهل بيت النبوة والحكمة (عليهم السلام)، فما هي الحكمة من ذلك وما هي اثاره؟ 

*******

الاجابة عن هذا السؤال نتلمسها في حديث ضيف البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي في الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا:

آثار عرض الزائر لعقائد واستيداعها عند النبي (ص)

المحاور: سلام من الله عليكم احبائنا وشكراً لكم على جميل المتابعة والاصغاء لبرنامج "فاتح الخير" وشرح زيارة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله من بعيد، معنا مشكوراً على خط الهاتف خبير البرنامج سماحة الشيخ باقر الصادقي، سماحة الشيخ سؤالنا في هذه الحلقة عن قضية عرض الزائر لعقائده على النبي الاكرم صلى الله عليه وآله، وهو يزور من بعيد وهذه الظاهرة ايضاً مشتركة في نصوص الزيارات للمعصومين لابناء الائمة وللاولياء سلام الله عليهم جميعاً، ان يعرض الزائر ويستودع عقائده للمزور، ما هي ابعاد هذه الظاهرة؟
الشيخ باقر الصادقي: بسم الله الرحمن الرحيم، اولاً حينما يعرض الزائر هذه الاعتقادات الحقة على المزور لاعتقاده بانه يسمعه فهو حي عند الله مرزوق، اشهد انك تسمع كلامي وترد جوابي من باب الاشهاد، الاشهاد باعتبار ان النبي (صلى الله عليه وآله) في النصوص الكثيرة يحضر عند احتضار الانسان بلا شك، فاذا كان الانسان المؤمن قد واضب على زيارة النبي سواء كان من قرب او من بعد، ويعرض هذه الاعتقادات الحقة هذه لها الاثر في تثبيت هذا الجانب هذه نقطة، النقطة الثانية الكثير من الاولياء كانوا يأتون الى الائمة (عليهم السلام) ويعرضون عليهم الاعتقادات، كما ورد بالنسبة للسيد عبد العظيم الحسني المدفون في الري بمدينة طهران، وكان قد عرض الاعمال على الامام الهادي صلوات الله وسلام عليه، هكذا بالنسبة الى البقية كالقاسم الذي عرض اعماله على الامام الجواد روحي فداه، كان ديدن الاصحاب في الحقيقة سواء كان في حياة المعصوم او بعد شهادة المعصوم ان يعرض هذه الاعمال، وكأنما عرض الاعمال لها دور في تهذيب النفس وترسيخ الاعتقادات الحقة، حتى بالنسبة الى السامع الكريم ربما اذا تأمل في زيارة آل يس للامام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، في هذه الزيارة القيمة نوع من التلقين والايحاء: "اشهدك يا مولاي اني اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له"، الى آخر الاعتقادات الحقة التي وردت في زيارة آل يس، ان الموت حق وان منكر ونكير حق، في الحقيقة هذه الصفة لها دور في ترسيخ هذه الاعتقادات وبالتالي ان خرجت روحه من دار الدنيا وسئل في البرزخ او في القبر ان تكون في الحقيقة الاجابة حاضرة لدى هذا الشخص المؤمن الذي كان يلهج دائماً بذكر هذه الاعتقادات الحقة، فاذن عرض عقائد الزائر على المزور بالنسبة الى النبي او المعصوم او ابناء المعصومين لها الدور المهم في ترسيخ هذه الاعتقادات وتلقين النفس، وبالتالي حينما يسئل في البرزخ او في القبر يكون جوابه حاضراً وبالتالي يفوز بحسن الخاتمة وحسن العاقبة وينجو من وبال التلكؤ في هذه الامور.
المحاور: رزقنا الله واياكم وجميع الاخوة والاخوات الفوز بهذه النعمة والثبات على دين الحق سماحة الشيخ باقر الصادقي شكراً لكم. 

*******

نتابع الاكارم تقديم هذه الحلقة من برنامج فاتح الخير وننتقل الى فقرات اخرى من المقطع الختامي التوديعي لزيارة سيد الرسل (صلى الله عليه وآله) من بعيد وفيه يخاطب الزائر نبيه الاكرم قائلاً: «اشهد يا رسول الله اني مؤمن بك وبالائمة من اهل بيتك اعلام الهدى والعروة الوثقى والحجة على اهل الدنيا».
في هذه الفقرات، يعرض الزائر شهادة تشمل على كمال الاعتقاد بالنبوة المحمدية لانها تقرن الايمان بنبوة النبي الخاتم بالايمان والرضا والايقان والتسليم بكل جاء به (صلى الله عليه وآله) لامته، اي تقرن الايمان بالنبوة بالايمان بامامة ائمة الهدى من اهل بيته صلى الله عليه وآله.
والايمان بامامة ائمة العترة المحمدية كما تعلمون الافاضل هو من اوضح مصاديق الايمان والتصديق بالنبي الخاتم لانه (صلى الله عليه وآله) هو الذي نص على امامتهم عليهم السلام، واخبر انهم اعلام الهدى الالهي والمحمدي فمن طلب هداه (صلى الله عليه وآله) اخذه منهم خالصا، وانهم العروة الوثقى التي من تمسك بها فقد استمسك بالولاية المحمدية والولاية الالهية، ولذلك فانهم هم حجة الله على اهل الدنيا في كل زمان.
واخيراً فان الزائر بعرضه هذه الشهادة الكاملة على مولانا المصطفى (صلى الله عليه وآله) يستشهده ايضاً عليها ويستودعه هذه الشهادة طالبا حفظها وتقوية الايمان القلبي الصادق بها.

*******