منذ أسابيع، ودائرة الإحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية الداعمة لغزة والمناهضة للعدوان الإسرائيلي على القطاع تتسع، وشهدت في معظم حالاتها مواجهات مع الشرطة، ناهيك باعتقال عشرات الطلاب.
ويوم أمس الخميس، انضم طلبة جامعة "نورث وسترن" في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية إلى حملة الاعتصامات المتدرجة في المعاهد العلمية للمطالبة بوقف استثمارات إدارات الجامعات المختلفة في مشاريع "اقتصادية" مع "إسرائيل".
اشتباكات بين الشرطة والطلاب
واندلعت اشتباكات جديدة بين الشرطة والطلاب المعارضين للحرب الإسرائيلية على غزة،الخميس، ما أثار تساؤلات حول الأساليب العنيفة المستخدمة في قمع الاحتجاجات، التي زادت، منذ اعتقال العشرات في جامعة "كولومبيا"، الأسبوع الماضي.
ويقول ناشطون إنه وعلى مدار اليومين الماضيين، استخدمت سلطات "إنفاذ القانون"، بناءً على طلب من إدارات الكليات، مسدسات الصعق الكهربائي، والغاز المسيل للدموع، ضد الطلاب المتظاهرين في جامعة "إيموري" في أتلانتا في ولاية جورجيا الأميركية، بينما فرق أفراد شرطة يرتدون ملابس مكافحة الشغب، ويمتطون الخيول، التظاهرات في جامعة تكساس بأوستن.
إدارات الجامعات تواجه الطلاب
أما في جامعة "كولومبيا" في نيويورك، مركز الحركة الاحتجاجية، فوصل مسؤولو الجامعة إلى طريق مسدود مع الطلاب، بشأن إزالة مخيم أقيم قبل أسبوعين احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي على غزة، ومنحت الإدارة الطلاب المتظاهرين حتى اليوم الجمعة للتوصل إلى اتفاق، لتفكيك عشرات الخيام التي أقيمت في حرم الجامعة.
وكانت الجامعة قد حاولت، بالفعل، فض الاحتجاج بالقوة في 18 نيسان/أبريل، حينما أقدمت رئيسة الجامعة، نعمت مينوش شفيق، على خطوة استثنائية، بدعوتها شرطة مدينة نيويورك لدخول الحرم الجامعي، ما أثار غضب الكثير من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس وجماعات حقوق الإنسان.
واعتقلت الشرطة، حينها، أكثر من 100 شخص، وأزالت الخيام من الحديقة الرئيسية في الجامعة، قبل أن يعود المخيم إلى مكانه السابق، بعد أيام قليلة.
وتتجه جامعات أخرى إلى منع تنظيم تظاهرات مماثلة، داخل حرمها، واختارت أخرى الاستعانة بالشرطة لتفريق الاحتجاجات بسرعة، وفي بعض الحالات، بالقوة.
ويُشار إلى أن السلطات الأميركية قد اعتقلت ما يقرب من 550 شخصاً في الأيام الماضية من الجامعات الأميركية الرئيسية على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات ضد الحرب على غزة، وفقاً لإحصاء "رويترز".
وتزعم إدارة الجامعات، أنّ التظاهرات غالباً ما تكون "غير مرخصة" وهذا سبب استدعاء الشرطة لفضّها.
أما في جامعة "إيموري" في ولاية جورجيا الأميركية، فقد اعتقلت الشرطة 28 شخصاً، بعد أن بدأ المتظاهرون في نصب خيمة في محاولة لمحاكاة رمز الحراك الحالي في جامعة كولومبيا وغيرها.
وفي السياق، قال الفرع المحلي لمنظمة "صوت يهودي من أجل السلام"، إن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع، والصعق الكهربائي لتفريق التظاهرة، واحتجزت بعض المتظاهرين.
وأقرت شرطة أتلانتا باستخدام "المهيجات الكيميائية"، لكنها نفت استخدام الرصاص المطاطي.
فيما أظهر مقطع فيديو بثته قناة أميركية اشتباكاً بين الشرطة وبعض المتظاهرين، برز فيه استخدام أفراد الشرطة مسدس الصعق الكهربائي للسيطرة على شخص، فيما تصارع آخرون مع متظاهرين على الأرض قبل اقتيادهم بعيداً.
وأثار مكتب الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين، في جورجيا، تساؤلات حول ما وصفه بأنه "استخدام واضح للقوة المفرطة" ضد أشخاص يمارسون حرية التعبير، مضيفاً، "يجب اعتبار استخدام القوة ملاذاً أخيراً فقط، ويجب أن يكون متناسباً مع التهديد القائم".
وفي مشهد مماثل، اقتحم أفراد الشرطة مخيماً أقيم حديثاً في جامعة "برينستون" بولاية نيوجيرسي، حسب ما أظهرت مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأفادت وسائل الإعلام والسلطات بإزالة شرطة بوسطن مخيماً مؤيداً للفلسطينيين أقامه طلاب "إيمرسون كوليدج" واعتقال أكثر من 100 شخص.
وكذلك الأمر في جامعة "جنوب كاليفورنيا" حيث أُلقي القبض على 93 شخصاً يوم الأربعاء، وأعلنت الإدارة إلغاء حفل التخرج الرئيسي المقرر في 10 أيار /مايو، قائلةً: "إن الإجراءات
وفي رد على حملة الاعتقالات والاعتداءات التي تطال الطلاب الأميركيين المطالبين بوقف الحرب على غزة، نددت، "هيومن رايتس ووتش" و"اتحاد الحريات المدنية الأميركي"، باعتقال المتظاهرين وحثت السلطات الأميركية على "احترام حقوقهم في حرية التعبير".
وقالت منظمة أميركية، مؤيدة للفلسطينيين، أمس الخميس، إنها قدمت شكوى اتحادية متعلقة بالحقوق المدنية ضد جامعة "كولومبيا" عقب اعتقال عشرات المحتجين المناهضين للحرب على غزة، الأسبوع الماضي، بعد أن استدعت الجامعة الشرطة لفضّ مخيم المتظاهرين.
كما حثت منظمة "فلسطين القانونية"، وهي جهة تسعى إلى حماية الحق في التحدث علناً نيابة عن الفلسطينيين في الولايات المتحدة، وزارة التعليم إلى التحقيق في ممارسات الجامعة التي تتهمها بـ"التمييز ضد المؤيدين للفلسطينيين".
الحجج والتبريرات الرسمية
أمّا في الكونغرس الأميركي، فزعم بعض الجمهوريين أن إدارات الجامعات أعطت الفرصة لمضايقة الطلاب اليهود، الأمر الذي زاد من حجم الضغط عليها لتسيطر، بصرامة، على أي تظاهرات، ومنع استمرار المخيمات.
وقال وزير التعليم الأميركي، ميجال كاردونا، أمس الخميس، إن وزارته تراقب من كثب الاحتجاجات بما في ذلك ما وصفها بأنها "تقارير مثيرة للقلق بشدة عن معاداة السامية".
ورداً على ذلك، نفت مجموعات الناشطين بشدة أن تكون الإحتجاجات "معادية للسامية"، معلنةً أن هدفها هو الضغط على الجامعات حتى تسحب استثماراتها من الشركات التي تساهم في العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
وفي خارج حرم جامعة "كولومبيا"، نظم مئات المتظاهرين المحافظين، المؤيدين لـ"إسرائيل" احتجاجاً مضاداً، وساروا في الشوارع المحيطة بالحرم الجامعي، ملوّحين بالأعلام الإسرائيلية والأميركية.
مشاهد تعيد إلى الذاكرة الاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام
واعتبر بعض الناشطين أن ما يجري في جامعات الولايات المتحدة الأميركية يذكّر بالتظاهرات المناهضة لحرب فيتنام قبل أكثر من 50 عاماً.
وتتواصل الاحتجاجات في جامعة "كولومبيا"، بعد أن امتدت إلى جامعات غربية أخرى، في فرنسا وإيرلندا وأستراليا.
ويطالب المتظاهرون بإنهاء الحرب على غزة التي قتلت خلالها "إسرائيل" أكثر من 34 ألفاً، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع، كما تسببت في تشريد جميع سكان غزة تقريباً وانتشار الجوع.