فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية ضدّ قطاع غزة، في ظلّ عجزه عن تحقيق أي من أهدافه المعلنة بعد أكثر من 185 يوماً، عمد إلى اغتيال 3 من أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في استهداف مركبة كانوا يستقلّونها في مخيم الشاطئ، غربي مدينة غزة، عصر أول أيام عيد الفطر.
وأبناء هنية الشهداء هم حازم وأمير ومحمد، وقد ارتقوا برفقة الأحفاد أيضاً، خالد ومنى وآمال ورزان، فيما الحفيدة ملاك مصابة.
الأب والجد المقاوم، إسماعيل هنية، تلقّى نبأ استشهاد فلذات أكباده، خلال زيارته جرحى العدوان على غزة، في أحد مستشفيات العاصمة القطرية الدوحة.
لم يتردد، ولم يبحث عن شائعة نجاة. كما لم يستسلم للحظة إنسانيّة خالصة، ولم يجثُ على ركبتيه ويبكي، لكي يشمت به العدو. كان صابراً محتسباً. ومن دون أن يبتلع كلماته، ترحّم على أبنائه وأحفاده، وقال بصوت رخيم: "ربنا يسهل عليهم".
وبينما يصرّ أهل غزة على مواجهة العدوان، وتتمسّك المقاومة بالتصدي للاحتلال وعدم المساومة أو الاستسلام، أصرّ هنية على استكمال زيارة أبناء شعبه، الذين فقدوا أحبّاء مثله، رافضاً الامتناع عن تفقّدهم بعد أن سئل إن كان يرغب في ذلك.
وهذا كان ديدن حماس، منذ القدم. فلحماس اسم يمتد عقوداً إلى الخلف، ومقاوموها يقدّمون قادتهم وعائلاتهم في ركب شهداء فلسطين، ولا شك في أنّ هذا سيستمر عقوداً، مترجمين، فعلاً وقولاً، أنّ على هذه الأرض ما يستحق الحياة، وأنّه "لجهاد، نصر أو استشهاد".
مشهد هنية وهو يُبلَّغ بالخبر، أثار الامتعاض في كيان الاحتلال، وهو ما ظهر في تعليق الباحث الكبير في معهد السياسات والاستراتيجية الإسرائيلي، ميخائيل ميلشتاين، الذي قال إنّ هنية "بدا بارد الأعصاب تماماً.. بل يشكر الله لأنّه أتاح له الفرصة لتقديم هؤلاء شهداء!"، بعد أن أعلنت هيئة البثّ الإسرائيلية أنّ أبناء القائد المقاوم الثلاثة كانوا أهدفاً لعملية اغتيال.
وبعد أن فشل الاحتلال، تاريخياً، فشلاً ذريعاً في القضاء على المقاومة وهزيمتها عبر الاغتيالات، فإنّه يحاول اليوم تقديم صورة نصر زائف عبر استهداف أبناء قادة المقاومة وعائلاتهم، لا القادة وحدهم، أمام الهزائم المتلاحقة التي يُمنى بها.
لكن المقاومة متجذّرة في المجتمع الفلسطيني، في مختلف أماكن وجوده، وقد زادتها ملحمة "طوفان الأقصى" رسوخاً، حيث يأبى الشعب المقاوم وفصائله رفع الأيدي والاستسلام، بل يواصلان القتال، مدفوعَين بدماء الشهداء.
المصدر/الميادين