الحمد لله على جميع صنعه والصلاة والسلام على معدن حكمته وابواب هدايته محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم اعزائنا المستمعين ورحمة الله وبركاته ها نحن نبدأ معكم لقاءاً جديداً في رحاب هذا البرنامج ينقلنا عبر محطات تحمل العناوين التالية:
- المسالة المحمدية عن حوض الكوثر
- حكمة وضع الصراط على النار
- رؤيا الرجل الصالح وعاقبة جاره الباغي
- الشفاعة المحمدية ودموع المظلومية
*******
اما اولى فقرات هذه الحلقة فهي مستمعينا الاكارم رواية عقائدية اخترنا لها عنواناً هو:
المسائلة المحمدية عند حوض الكوثر
عرفنا في الحلقة السابقة مستمعينا الافاضل ان موقف حوض يوم القيامة هو من اهم مواقفها واكثرها تأثيراً في مصير الانسان وطبيعة حياته الاخروية وقد نقلنا عدة احاديث من الكتاب المعروف بصحيح البخاري بهذا الشأن فيها تأكيدات من النبي الاكرم(ص) بلزوم الاستعداد لهذا الموقف وبيان لخصائصه الرئيسية، وتذكر صحاح الاحاديث الشريفة المروية في المصادر المعتبرة عند جميع فرق المسلمين ان لرسول الله مقام المسائلة في هذا الموقف الحساس وعلى ضوء نتيجتها يتحدد مصير الانسان، ومن هذه الاحاديث المباركة حديث الثقلين المتواتر مضمونه عند فرق المسلمين جميعاً ففيه تصريح بان الثقلين لا يفترقان حتى يردا الحوض على رسول الله(ص).
هذا المضمون روته نصوص هذه الاحاديث الشريفة المثبتة في المصادر الروائية المختلفة كصحيح مسلم من الكتب الستة وغيره كثيرة، ومنها يتضح ان مسائلة النبي الاكرم تكون بشأن كيفية تعامل المسلمين معهما وهذا يعني ان الاستعداد لموقف الحوض يكون بالتمسك بهما بصدق ننقل لكم بعض هذه الاحاديث الشريفة بعد قليل فكونوا معنا.
روى الشيخ الصدوق في كتاب الخصال وغيره كثير من محدثي الفريقين ان رسول الله(ص) خطب المسلمين وتكرر ذلك قبيل وفاته(ص) فكان فيما قال: الا واني فرطكم "أي متقدمكم" وانتم واردون علي الحوض، حوضي غداً الا واني سائلكم غداً ماذا صنعتم فيما اشهدت الله به عليكم في يومكم هذا اذا وردتم علي حوضي وماذا صنعتم بالثقلين من بعدي فانظروا كيف تكونون خلفتموني فيهما تلقوني.
فقال المسلمون: وما هذان الثقلان يا رسول الله؟
قال: اما الثقل الاكبر فكتاب الله عز وجل سبب ممدود من الله ومني في ايديكم طرفه بيد الله والطرف الآخر بايديكم فيه علم ما مضى وما بقي الى ان تقوم الساعة واما الثقل الاصغر فهو حليف القرآن وهو علي بن ابي طالب وعترته عليهم السلام وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
وروى الشيخ رحمه الله في كتاب الافصاح عن رسول الله(ص) انه قال: ايها الناس بينما انا الحوض اذ مر بكم زمراً فتفرق بكم الطرق فاناديكم الا هلموا الى الطريق فيناديني مناد من ورائي انهم بدلوا بعدك فاقول الا سحقاً سحقاً.
وروى البخاري في صحيحه عن ابي هريرة ان رسول الله(ص) قال: والذي نفسي بيده لاذودن رجالاً عن حوضي كما تذاد الغريبة من الابل.
والمعنى انه صلى الله عليه وآله وسلم يمنع الذين لم يأخذوا بسيرته وسنته تجاه الثقلين من الشرب من حوضه وعليه يتضح ان الاستعداد لموقف الحوض المحمدي من منازل القيامة انما يكون بالاستجابة لندائه الملكوتي الخالد بالتمسك بعرى الثقلين.
والذي كان يبدل ذلك يكون مصيره المنع من شرب ماء الحوض المحمدي فتشمله دعوته(ص): الا سحقاً سحقاً.
اعاذنا الله واياكم مستمعينا الافاضل ورزقنا صدق التمسك بالثقلين والفوز بورود حوض النبي الاكرم(ص) آمنين مستبشرين.
ايها الاخوة والاخوات ما هي الحكمة من وضع الصراط الى الجنة على النار يوم القيامة والامر الالهي بعبور الجميع عليه.
قال المفسرون: ان الحكمة في ذلك هي ان يرى اهل الجنة النار واهوالها فيزداد فرحهم وسرورهم بنعيم الجنة عند دخولها وكذلك ان الهدف ان يشرف اهل النار عند وقوفهم على الصراط على الجنة فيزداد عذابهم وحسرتهم على ما فاتهم من نعيمها بسوء اعمالهم.
*******
المزيد من التوضيح لهذه الحكمة نستمع اليه في الاتصال الهاتفي التالي الذي اجراه زميلنا مع خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند نستمع معاً:
حكمة وضع الصراط على النار
واهلاً بكم ومرحباً احباءنا وبسماحة الشيخ محمد السند معنا عبر الهاتف في هذه الحلقة من برنامج "عوالم ومنازل" سماحة الشيخ ان الصراط هو الامر الالهي بعبور الجميع عليه حيث قال المفسرون ان الحكمة في ذلك هي ان يرى اهل الجنة النار واهوالها فيزداد فرحهم وسرورهم بنعيم الجنة عند دخولها، وكذلك ان الهدف ان يشرف اهل النار عند وقوفهم على الصراط على الجنة فيزداد عذابهم وحسرتهم على ما فاتهم من نعيمها بسوء اعمالهم؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين سبب في قراءة منازل اهل الجنة منازلهم في جحيم لو كانوا قد عصوا واراءة المنازل اهل النار في الجنة لو كانوا قد اطاعوا كما ورد في روايات عديدة ذلك ازداد اهل الجنة فرحاً وبهجة وشكروا الله تعالى على ما وفقوا لطاعته وفازوا بجنته واراءة اهل النار مواقعهم في الجنة لو كانوا قد اطاعوا ليزدادوا حسرة وتحسراً وبالتالي تأسفاً وملامة لانفسهم لما قد فوتوا على انفسهم من فرص ومنازل، ففي الحقيقة هذا نوع من التنعيم الروحي لاهل الجنة ونوع من التعذيب الروحي لاهل النار لكي يكونوا على بصيرة من صدق وعد الله تعالى حيث وعد البشر ووعد المخلوقات انه من اطاع منهم يثيبه ويحله ذلك الموقع من الجنان ومن عصى سيحله ذلك الموقع من النيران، وان ادخال اهل النار، النار لا لضيق في عطاءه وفسحة نعيمه في الجنة بل تلك المواقع موجودة وانما هم فوتوا على انفسهم ذلك، كما ان اثابة الله عز وجل اهل الجنة ذلك النعيم وحبوهم لهذا الاكرام ليس ايضاً لعجز الله عن تعذيبهم في النار بل لصدق وعده تعالى ووعيده من انه خلق الجنة لمن اطاعه ولو كان عبداً حبشياً وخلق النار لمن عصاه ولو كان سيداً قرشياً، ففي الحقيقة هذا تحقيق لصدق وعده ووعيده وان من جنى فقد جنى على نفسه ومن كسب فلها وان الله لغني على العالمين وغني عن تعذيب المخلوقين كما انه لا ينقص من ملكه شيء لو حذا من حذا بذلك المفاد، فهذا سر الهي جلي وفي غاية الحكمة والاتقان من ان هناك آلام روحية كما ان هناك نعيم روحي علاوة على النعيم المادي الموجود في الجنة والتعذيب الالام المادية موجودة في النار هناك ايضاً تنعيم روحي كما ان هناك تعذيب روحي وهناك في الحقيقة الوان من النعيم واصناف، كما ان هناك اصناف وانواع من التعذيب ومن الام، وليزداد الانسان بالتالي في دار الدنيا يقظة وحرصاً على الطاعة والمفاز والعلا ويسفك نفسه ويسفل نفسه ويخسر نفسه على اية حال ذلك الرضوان العظيم ولمتاهات تلك الدركات من الجحيم.
شكراً لسماحة الشيخ محمد السند، وشكراً لكم احباءنا وتفضلوا مشكورين لمتابعة ما تبقى من برنامج عوالم ومنازل.
*******
فكونوا معنا وقصة من غرائب الرؤى الصادقة، اذن مع الفقرة التالية وعنوانها هو:
رؤيا الرجل الصالح وعاقبة جاره الباغي
كثرت في العقود الاخيرة الدراسات الغربية التي تتحدث عن ظاهرة الآثار التي تتركها افعال يقوم بها اناس في عالم المنام على اخرين في عالم اليقظة وتحاول تفسيرها واكتشاف اسرارها.
وسر تزايد الاهتمام بهذه الظاهرة في العالم الغربي هو كثرة الحوادث المسجلة في دوائر الشرطة ونظائرها والتي تشير الى هذه العلاقة الغريبة بوقوع آثار من قبل اموات على احياء او من قبل اهل عالم البرزخ تجاه اهل عالم الدنيا، وتحدثنا روايات التاريخ الاسلامي عن مصاديق كثيرة لهذه الظاهرة كثير منها مسجل في المصادر المعتبرة منها القصة التي اخترناها لهذه الحلقة وهي مروية في كتاب امالي الشيخ الطوسي ننقلها لكم احبائنا بعد قليل فكونوا معنا مشكورين.
الرواية منقولة عن محمد بن عباد البصري وكان والياً على مدينة عبادان ورئيس الغزاة فيها قال: رحمه الله تعالى كان في جواري ها هنا رجل من الصالحين فبينما هو ذات ليلة نائم اذ رأى في منامه كأنه قد مات وحشر الى الحساب وقرب الى الصراط، ثم نقل محمد بن عباد عن الرجل الصالح تتمة قصته حيث قال: لما جزت الى الصراط فاذا بالنبي عليه السلام جالس على شفير الحوض والحسن والحسين عليهما السلام بيديهما كأس النبي(ص) يسقيان الامة فدنوت الى الحسن عليه السلام فقلت: اسقني فأبى فدنوت الى الحسين عليه السلام فقلت له: اسقني فأبى علي فاتيت النبي عليه السلام فقلت: يا رسول الله مر حسن والحسين يسقياني فقال صلى الله عليه وآله لا تسقياه!!
ويتابع الرجل الصالح احبائنا قصته ونقل رؤياه الصادقة تلك مبيناً سبب منعه من الارتواء من حوض الكوثر المحمدي قال:
قلت لرسول الله: بابي انت وامي انا مؤمن بالله وبك، لم اخالفك فكيف لا تسقونني؟! مر الحسن والحسين ان يسقياني.
فقال صل الله عليه وآله: لا تسقياه فان في جواره رجلاً يلعن علياً فلم يمنعه!!
ثم ذكر الرجل الصالح ان رسول الله(ص) امره بمعاقبة جاره الذي يلعن امير المؤمنين عليه السلام فذهب اليه في عالم المنام وقتله فلما عاد امر(ص) الحسين(ع) بان يسقيه.
يقول الرجل: اخذت الكأس بيدي ولا ادري شربت ام لا ولكنني انتبهت من نومي واذا بي من الرعب غير قليل فقمت الى صلاتي فلم ازل اصلي وابكي حتى انفجر عمود الصبح فاذا بولولة وصيحة!!
وكان سبب الصيحة هو مقتل جاره قال الرجل: واذا انا بالحرس والشرطة يأخذون البرئ والجيران فقلت: سبحان الله هذا شيء رأيته في المنام فحققه الله!
فقمت الى الامير فقلت: اصلحك الله هذا انا فعلته والقوم براء.
فقال لي: ويحك ما تقول؟
فقلت: ايها الامير هذه رؤيا رأيتها في منامي فان كان الله حققها فما ذنب هؤلاء؟
وقصصت عليه الرؤيا فقال: اذهب فجزاك الله خيراً انت برئ والقوام براء!
*******
ابقوا معنا ايها الاخوة والاخوات والفقرة الادبية في البرنامج اخترنا لها في هذه الحلقة العنوان التالي:
الشفاعة المحمدية ودموع المظلومية
مستمعينا الافاضل للفقيه الجليل الشيخ ابراهيم حموزي النجفي المتوفى سنة ۱۳۷۰ للهجرة قصيدة حسينية مؤثرة يفتتحها بتذكير نفسه والآخرين بلزوم الاستعداد لمنازل القيامة، ويؤملها بشفاعة سيد المرسلين(ص) وآثار البكاء على مظلومية اهل البيت عليهم السلام في غفران الذنوب.
نختم هذه الحلقة من البرنامج اعزائنا بابيات منتخبة من قصيدته رضوان الله تعالى عليه حيث يقول:
جرأتني على التمرد نفسي
في هواها وقادني شيطاني
لست ادري اذا استطار فؤادي
يوم بعثي بجسمي العريان
ما اعتذاري لدى الحساب اذا ما
نشر ما اقترفت طوال زماني
ما اعتذاري اذا دعيت وخفت
حسناتي بكفة الميزان
واقيمت علي مني شهود
باجترامي جوارحي ولساني
من مجيري على الصراط اذا ما
قيدتني سلاسل الخذلان
عقبات وربما كنت ادري
ما الاقي بها وما يلقاني
ان عدتني بها حسان فعال
وتخوفت ضيعتي وهواني
فنجاتي بسيد الرسل طه
بكائي لسبطه الظمآن
*******