الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على سادات اولياء الله محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الاكارم ورحمة الله وبركاته.
نتمنى ان تقضوا وقتاً طيباً مع فقراتها التي اخترنا لها العناوين التالية:
* الاستعانة باولياء العالم الآخر.
* عن الشفاعة المحمدية.
* اللص والدعوة المستجابة.
* الدهر يومان وليس واحداً.
*******
اما الان فالى الفقرة الاولى من البرنامج عنوانها هو:
عوالم ومنازل الاستعانة بأولياء العالم الآخر
مستمعينا الافاضل ... آية الله الاخلاقي الزاهد الشيخ محمد مهدي النراقي رضوان الله عليه خصص فصلاً من كتابه الموسوعي جامع السعادات للحديث عن بركات زيارة اولياء الله عز وجل.
وفي مقدمة هذا الفصل رد ضمنياً على الشبهات الجاهلية التي تروجها حالياً بعض الفرق بشأن جدوى زيارة الاولياء وثمرات مخاطبتهم بعد رحيلهم عن هذه الدنيا وانقطاع اتصالهم بها حسبما يزعم ارباب تلك الفرق اشار العلامة النراقي اولاً الى الحقيقة الواضحة التي تضمنتها كثير من النصوص الشريفة والمصرحة بامكانية استمرار التواصل بين اهالي العوالم المختلفة.
وقد عرفنا في حلقات سابقة مجموعة من طرق هذا التواصل التي هدتنا اليها الاحاديث الشريفة.
وما ينبه له العلامة النراقي هنا هو امكانية استجابة اهل البرزخ وبالتحديد اولياء الله المقربين لطلبات اهل الدنيا وتقديمهم العون لهم.
لاحظوا ما قاله احباءنا ولكن بعد قليل:
قال رضوان الله عليه في الجزء الثالث من كتاب جامع السعادات: (ان النفوس القدسية القوية، لاسيما نفوس الانبياء والائمة عليهم السلام اذا نفضوا ابدانهم الشريفة وتجردوا عنها وصعدوا الى عالم التجرد كانوا في غاية الاحاطة والاستيلاء على هذا العالم فأمور هذا العالم عندهم ظاهرة منكشفة ولهم القوة والتمكن على التاثير والتصرف في مواد هذا العالم).
هذا القول مستمعينا الافاضل - يستند الى البراهين العقلية والفلسفية الثابتة في مختلف المدارس الفلسفية الحكمية ولا يختص بالفلسفة الاسلامية فهو يمثل نقطة اشتراك بين المدارس الفلسفية.
اما في نصوص القرآن والسنة فالمستفاد اكثر من ذلك، وعلى اي حال فالمقدار المشترك هو ان اولياء الله عليهم السلام تكون لهم احاطة باحوال من يتوجد اليهم ويزورهم.
هذا اولاً وثانياً فان لهم عليهم السلام القدرة على اعانة المتوجه اليهم واعانته في مقصده كما يصرح بذلك العلامة النراقي في تتمة كلامه، وهذا ما ننقله لكم اعزاءنا بعد قليل: قال رضوان الله عليه فيما يرتبط بزوار مراقد اولياء الله عليهم السلام والحكم نفسه يصدق على زوارهم من بعيد؛ قال: (فكل من يحضر مقابرهم لزيارتهم يطلعون عليه لا سيما ومقابرهم مشاهد ارواحهم المقدسة العلية، ومحال حضوره اشباحهم البرزخية النورية فهم احياء عند ربهم يرزقون فلهم تمام العلم بزائري قبورهم... وما يصدر عنهم من السؤال والتوسل والاستشفاع والتضرع فتهب عليهم نسمات الطافهم وتفيض عليهم من رشحات انوارهم ويشفعون الى الله في قضاء حوائجهم وانجاح مقاصدهم وغفران ذنوبهم وكشف كروبهم.
*******
ايها الاخوة والاخوات حان الان موعدكم مع خبير برنامج عوالم ومنازل سماحة الشيخ محمد السند، وهو يجيب عن اسئلتكم.
لنستمع معاً اليه في الحوار الهاتفي الذي اجراه معه زميلنا.
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام من الله عليكم مستمعينا الافاضل ها نحن نتابع تقديم برنامج عوالم ومنازل مع زملائنا من خلال هذه الفقرة التي نستضيف فيها خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند للاجابة عن اسئلتكم، سماحة الشيخ الاخ ابو جعفر من العراق يسأل السؤال التالي نقل الاخ حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله يذكر فيه امر الشفاعة ويقول بقسم والله لا نالت شفاعتي من آذى ذريتي ويقول هناك احاديث بعرض الاعمال على النبي صلى الله عليه وآله وانه يتأذى اذا راى بعض المؤمنين وكذلك الائمة يتأذون اذا رأو المؤمنين مثلاً يرتكبون بعض الامور الغير محببة فهل يعني حرمان هؤلاء من شفاعة النبي صلى الله عليه وآله باعتبارهم آذوا النبي وآذوا عترته؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، في الحقيقة نعم الذين يؤذون النبي صلى الله عليه وآله في عترته لا ريب انهم مقيمين على امر عظيم كيف لا وقد عرض القرآن الكريم مودة وقربى النبي صلى الله عليه وآله وعظمهم في القرآن أي تعظيم جعلهم من المطهرين وجعلهم من اهل آيات التطهير وجعلهم ممن باهل الله عز وجل بهم وذكر خصائص ومقامات عظيمة لهم هي في الحقيقة نوع من التعدي على حرمة الله العظيم لان الله عز وجل جعل لهم حرمة عظيمة فانتهاكها بالتالي انتهاك لحرمة الله وانتهاك لما عظم الله واستهان بذلك، لا ريب ان النبي صلى الله عليه وآله لا تشمل شفاعته ممن يكون على جحود وعناد مع الله وحرب مع الله عز وجل بالتالي يكون حرباً مع الرسول صلى الله عليه وآله، فمؤذين النبي صلى الله عليه وآله كما اخبرنا بذلك القرآن الكريم ايضاً في سورة الاحزاب بعد قوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»، بعد ذلك في الآية التي تعقبها، ان من يؤذي رسول الله تشمله اللعنة الالهية ومن شملته اللعنة الالهية فكيف اذن تشمله الشفاعة.
المحاور: بالنسبة الى الذي يرتكب معصية معينة ويعرض عمله على النبي صلى الله عليه وآله وعلى الامام يحرم من الشفاعة المحمدية ام ان باب التوبة مفتوح؟
الشيخ محمد السند: هذا النمط الثاني ليس يشمل المورد الاول وهو من آذى النبي في عترته، ان الحرمان من آذى النبي في عترته وذريته.
المحاور: يعني المقصود الايذاء الاول؟
الشيخ محمد السند: نعم التخصيص الذي ورد في الرواية بلحاظ ذلك.
المحاور: يمكن ان يكون سماحة الشيخ الامر ايضاً مرتبط بمراتب من الشفاعة، يعني أي معصية تحرم الانسان اذا لم تلحق بتوبة من مرتبة من مراتب الشفاعة النبوية، باعتبار اشرتم في الحلقة السابقة الى ان الكل محتاجون الى شفاعة النبي اما لمغفرة الذنوب او لرفع الدرجات، فيمكن ان تكون أي معصية من هذه الزاوية حرمان لمرتبة من مراتب الشفاعة؟
الشيخ محمد السند: في الحقيقة اصل المعصية شيء وخصوصيات بعض المعاصي شيء آخر، يعني ايذاء النبي في ذريته تلك معاصي من النمط الجحود والحاد وما شابه ذلك، وفي جملة اخرى نعم وردت لدينا روايات مثلاً من ان من ارتكب كبيرة من الكبائر فارقه عقل لا يرجع اليه ابداً يعني بعض آثار المعاصي حتى بالشفاعة لا يمكن التئامها، ولكن العقوبة والجزاء في الآخرة وما شابه ذلك، قد يكون هناك احباط للسيئات بفعل الحسنات مما يؤهل الانسان الى استحقاق الشفاعة وبالتالي ينجو من آثار تلك السيئات، كما هي التوبة في الواقع تتلافى الذنوب لكن التوبة قد شرطها الله عز وجل في القرآن بشفاعة النبي وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ اولاً التوسل بالنبي جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ فلابد ان تلحقه الشفاعة شفاعة النبي كي تتم توبته، توبة كل فرد من العالمين لا يمكن ان تتم الا بشفاعة النبي كما توبة آدم لم تقبل الا بشفاعة النبي صلى الله عليه وآله وتوسل آدم بالنبي صلى الله عليه وآله.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند شكراً جزيلاً، وشكراً لكم احباءنا تفضلوا مشكورين لمتابعة ما تبقى من فقرات برنامج عوالم ومنازل.
*******
اللص والدعوة والمستجابة
مستمعينا الاكارم، اخترنا لهذه الحلقة من القصص الحق قصة يرويها ثقة الاسلام الكليني بسند صحيح في الجزء الثاني من كتاب الكافي عن مولانا الامام السجاد سلام الله عليه.
وهي قصة تحمل دلالة بليغة في بيان شدة حب الله للتائب اذا اقبل بصدق على ربه ومهما كانت سابقته.
قال عليه السلام: (ان رجلاً ركب البحر باهله، فكسر بهم، "اي تحطمت السفينة بهم" فلم ينج ممن كان في السفينة الا امرأة الرجل فانها نجت على لوح من الواح السفينة حتى الجأت على جزيرة من جزائر البحر)!
ونتابع الرواية نقل ما جرى فتقول: وكان في تلك الجزيرة رجل يقطع الطريق، ولم يدع لله حرمة، الا انتهكها، فلم يعلم الا والمرأة قائمة على رأسه، فرفع رأسه اليها، ثم تذكر الرواية مبادرة هذا اللص الى الحرام، فتقول: فلم يكلمها كلمة حتى ان هم بها فاضطربت فقال لها: ما لك تضطربين؟!
اجابت المسكينة: افرق "اي اخشى" من هذا واومأت بيدها الى السماء!
فسألها اللص عما اذا كانت قد ارتكبت الفاحشة من قبل فنفت قائلة لا وعزة الله!
فاستيقظ وجدان الرجل اضطرب وقال: فانت تفرقين خائفة من هذا الفعل ولم تصنعي منه شيئاً وانما استكرهك استكراهاً، فانا والله اولى بهذا الفرق والخوف واحق منك.
وقام الرجل من فوره مستمعينا الاكارم ولم يحدث شيئاً ورجع الى اهله وليست له همة الا التوبة.
فبينما هو يمشي اذ صادفه راهب يمشي في الطريق فمشى معه فحميت عليهما الشمس فقال الراهب للشاب: ادع الله يظلنا بغمامة، فقد حميت علينا الشمس.
فقال الشاب مستغرباً من ان يطلب منه الراهب مثل ذلك وقال: ما اعلم ان لي عند ربي حسنة فاتجاسر على ان اسأله شيئاً.
فقال له الراهب: فأدعو انا وتؤمن انت! فوافق، واقبل الراهب يدعو والشاب يؤمن على دعائه، فما كان باسرع من ان اظلتهما غمامة فمشى الراهب والشاب في ظلها شطراً من النهار ولم يكن قد اتضح بعد ببركة دعاء من ظللتهما الغمامة.
الى ان وصلا الى مفترق جادتين، فأخذ الشاب في واحدة وسلك الراهب الثانية فاذا السحابة تبقى مع الشاب وهنا قال له الراهب: انت خير مني استجيب لك ولم يستجب لي، فأخبرني ما قصتك؟
فاخبره الشاب بقصته وما جرى له مع تلك المرأة وعزمه على التوبة، فبشره الراهب بقبول توبته وقال له: قد غفر لك ما مضى حيث دخلك الخوف من الله فانظر كيف تكون فيما تستقبل.
*******
مرى اخرى نشكر لكم ايها الاخوة والاخوات جميل متابعتكم لفقرات برنامج عوالم ومنازل الذي تستمعون اليه من صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وفقرتنا الختامية احباءنا ادبية طريفة اخترنا لها عنوان:
الدهر يومان وليس يوم واحد
مستمعينا الافاضل للشيخ الزاهد الاديب ابراهيم الكفعمي رضوان الله عليه خطبة ادبية بليغة واوردها في نهاية كتابه الدعائي العبادي المصباح.
وتمتاز هذه الخطبة ببراعتها من جهة في استخدام شتى فنون البلاغة من جهة ومن جهة ثانية قوة المضامين الوعظية التي اشتملت عليها. فمن جميل الاشعار التي اوردها في مقدمتها قوله يرحمه الله:
تمنيت ان تحيا حياة هنية
وان لا ترى مد الزمان بلابلا
رويدك هذا الدار سجن
وقلما يمر على المسجون يوم بلابلا
ومنها ايضاً قوله رحمه الله:
يا مغرماً بوصال عيش ناعم
ستصد عنه طائعاً او كارهاً
ان الحوادث تزعج الاحرار عن
اوطانهم والطير عن اوكارها
*******