الحمد لله رب الآخرة. والأولى الذي هو في السماء اله وفي الارض اله. والصلاة والسلام على امنائه في بلاده وهداة عباده محمد وآله الطيبين الطاهرين. السلام عليكم مستمعينا الافاضل ورحمة الله وبركاته. فكونوا معنا وفقرات هذه الحلقة التي نعرفكم اولاً بموضوعاتها:
الفوز والخسرات بين ثقل الموازين وخفتها
يوم تبدل الوجوه غير الوجوه
الحب المحمدي نور القيامة وامانها
ابيات عن الولاية والفلاح
مستمعينا الافاضل، نبدأ مع الموضوع الأول وقد اختصرنا الحديث عنه في هذه الحلقة بسبب طول مدة اتصالنا الهاتفي بضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند واجابته على سؤال الاخت سكينة من البحرين.
*******
وبهذه الملاحظة نبدأ اللقاء بالفقرة الاولى التي اخترنا لها عنوان:
الفوز والخسران والموازين
حدثتنا كثير من الآيات الكريمة - مستمعينا الافاضل- عن موقف وزن الاعمال بالموازين القسط يوم القيامة.
وهذا الموقف اعزاءنا من المواقف المهمة التي يتضح فيها مصير الانسان وهل هو خالد في الجنة او خالد في النار والعياذ بالله.
قال عز من قائل في سورة الاعراف: «والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون».
وقال تبارك وتعالى في بيان مصير اصحاب الخسران المبين «ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا انفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون...».
وقال جل جلاله في سورة القارعة عن الفئة الاولى «فأما من ثقلت موازينه / فهو في عيشة راضية».
وقال سبحانه عن الفئة الخاسره «واما من خفت موازينه / فأمه هاوية / وما أدراك ما هيه / نار حامية».
اعاذنا الله وإياكم ايها الاخوة والاخوات من خفة الميزان وعاقبة السوء.
والاحاديث الشريفة في بيان حقيقة وزن الاعمال كثيرة اعزاءنا المستمعين تعرفنا بكثير من حقائق هذا الموقف وكيف يكون الانسان من المفلحين الفائزين فيه.
كما انها تعرفنا كيف ينجو الانسان من خفة موازينه ومبدأ كل ذلك هو في الحياة الدنيا، لذلك من الجدير بكل مؤمن أن يسعى للتعرف على كل ذلك.
وهذا ما نسعى له في الحلقة المقبلة من البرنامج بمشيئة الله وعونه، فكونوا معنا.
*******
اما الآن مستمعينا الافاضل فننقل الميكرفون الى زميلنا وهذا الاتصال الهاتفي الذي يعرض على سماحة الشيخ محمد السند بعض اسئلتكم للبرنامج.
المحاور: سماحة الشيخ، هذه الفقرة كما تعلمون تتفضلون مشكورين بالاجابة على الاسئلة التي تردنا بشأن موضوعات هذا البرنامج، من هذه الاسئلة سؤال من الاخت سكينة من البحرين، الاخت تسأل عن قضية حشر الناس على بعض صور الحيوانات كما ورد في بعض الاحاديث النبوية، مختصر سؤالها هو كيف ينسجم هذا مع المعاد الجسماني الذي يفهم منه ان الله يعيد نفس الانسان بنفس حالته المفترض فكيف يحشر على صورة حيوان هي بلاشك صورته في الحياة الدنيا، ثم تسأل سؤال آخر تقول هل ان حشر الناس يكون في مرحلة الشباب يعني وهم في عمر الشباب ام الشيخوخة؟
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين، في الحقيقة قد وردت روايات في ذيل الاية الكريمة «وإذا الوحوش حشرت» وغيرها من الايات الاخرى ان هناك اناس من العصاة والمذنبين يحشرون بصور قبيحة يحسن عندها صورة القردة والخنازير، يعني تكون اقبح من صور القردة وقبائح الحيوانات، في الحقيقة هذه الصور هي نتيجة تجسم وتمثل اعمالهم كما في بعض الروايات الواردة ان صوركم في دار الدنيا ليست مثلاً بأختياركم ولكن صوركم في الاخرة هي بموجب قرار الاعمال التي يبديها وينجزها الانسان ومن ثم ورد في الروايات ان الله لا ينظر الى صوركم في دار الدنيا وانما ينظر الى قلوبكم او اعمالكم او شبه ذلك لان النوايا والاعمال هي صور الاخرة وهي ما سيكون عليه الانسان من صور، اذن ما يحصده الانسان من اشكال ومنازل ومقامات اخروية هي نتائج اعماله التي يتبناها ويلتزمها ويخوض فيها.
اما بالنسبة للاشكالية بأن لو حشر العصاة والمذنبين بصور ممسوخة او ما شبه ذلك فكيف تكون اذن هناك الوحدة والتشابه بين شخصيتهم وهويتهم في دار الدنيا ودار الاخرة، هذا الامر ليس بكثير عضال لانه سواء في جانب القبائح او في جانب المحاسن ان المطيعين والصالحين واهل التقوى واليقين، ايضاً سوف يحشرون بصور جميلة جداً غير ما كانت عليه صورهم في دار الدنيا الظاهرية، مثلاً المعروف ان لقمان الحكيم كان شديد السواد لانه من الحبشة وكان قبيح الوجه وربما في بعض الروايات وردت عن الصادق كان من اقبح وجوه اهل زمانه مثلاً ولكنه كان من انضرهم وانورهم روحاً وحكمة وطاعة وتقوى ومن ثم لقمان الحكيم حتى ان احدهم عابه فقال على من تعيب على صنع الصانع ام على الصانع فأزم ذلك الطاعن في شمائل لقمان وكان من يستأنس النبي داوود في ندامته مع لقمان بنحو منقطع النظير ولايأنس بأحد من اهل زمانه كلقمان، المقصود ان لقمان كانت له تلك الموقعية وكان بذلك الشكل لكن حتى يوم القيامة سوف يحشر بصورة بهية ومنظر رائق جميل وهذا لا يعني التفاوت والتغاير والتباين في شخصيته لان كما حقق في لسان الايات والروايات والمباحث العقلية ان هوية الانسان بروحه وشخصيته بنفسه، بصوره بدنه فقط، كما نشاهد الان الصغير عندما يكبر تتغير شمائله من مراهقة الى شباب الى عنفوان الشباب الى الكهولة الى الشيخوخة الى ارذل العمر ومع ذلك هو، هو والوحدة في شخصيتة وهويته اذن منحفظة بتوسط روحه ونفسه ومن ثم الانسان لو يشاهد من كان يافعاً صغيراً يشاهدة في شيخوخته او ارذل العمر ويلمس منه هويته او شخصيته فيقول نعم هذا فلان، كما التفت اخوة يوسف مع انه تركوه صغيراً وشاهدوه كهلاً فقالوا انك لأنت يوسف.
المحاور: لكن بالنسبة للبدن يعني، الصورة هنا صورة ظاهرية، يعني حقيقة البدن هو نفس البدن؟
الشيخ محمد السند: ما ورد في الاية الكريمة «لا اقسم بيوم القيامة» «بلى قادرين على ان نسوي بنانه» المراد ان الباري تعالى لا يعجزه تسوية حتى البنان، لبيان القدرة الالهية في الظرافة والان كشف علمياً ان في البنان اسرار كثيرة، في هوية الانسان، تحمل هوية الانسان، شخصيته، الفسلجية، الروحية او ما شبه ذلك، ما في الاية الكريمة اشارة الى سعة القدرة الالهية، لا ان الانسان لن يكون كنوع من التغيرات والتحولات التي تجري عليه بسبب اعماله ونتائج اعماله، كما ان الفارق بين صور الحيوانات وصور الانسان المتحيون هو ان ذلك انسان قرد وليس قرد محض.
المحاور: يعني انسان بصورة قرد.
الشيخ محمد السند: يعني صورة فيها بعد انساني ولكن للاسف تردى الى اسفل السافلين فصار جنبة السبع او القرد او الخنزيرية فيه فهو تركيب فراجي، من ثم كثير من الممسوخين ممن وقع المسخ عليهم في دار الدنيا في الامم السابقة، اهاليهم وعيالاتهم يلمسون منهم هويتهم، في حين هم شاهدوهم في الصورة الممسوخة، هذا يدل على انه هناك امتزاج وتركيب بين الشخصية الانسانية المتسفلة والصورة الممسوخة والمتردية التي وصل اليها ذلك الانسان، كما هو الحال والعكس في الصورة الانسانية المترقية الى الدرجات العالية، يرى تلك الهوية التي كانت عليها في دار الدنيا من شخصية روحه ونفسه ويرى ما وصل اليه من ترقي في الصور والكمالات وما شبه ذلك.
المحاور: يعني يعرف لقمان ولكن بصورة بهية. بالنسبة للشطر الثاني يحشرون شباب ام شيب اعتقد انه اتضح يعني بصورة تتناسب مع اعمالهم في الدنيا.
الشيخ محمد السند: وانما اهل الجنة هم شباب يدخلون الجنة شباباً.
*******
نتابع مستمعينا الاعزاء تقديم هذه الحلقة من برنامج عوالم ومنازل، بتجديد ترحيبنا بما يصلنا منكم من مشاركات واسئلة بشأن موضوعاته.
ابعثوها لنا على عناوين الأذاعة ومنها:
البريد الالكتروني وعنوانه هو: [email protected].
والبريد العادي وعنوانه هو : (ايران - طهران ٦۷٦۷).
اما عنوان موقع الاذاعة على شبكه الانترنت فهو: www.Arabic-irib.ir.
وفي صفحة اسلاميات من الموقع يمكنكم مراجعة ماشئتم من حلقات هذا البرنامج ومنذ الحلقة الاولى (مذخورة) صوتاً وكتابة ً.
*******
اما الآن فننتقل الى فقرة تعرفنا بأحد اهم عوامل النجاة من اهوال القيامة. اخترنا لهذه الفقرة عنوان:
مفتاح الفلاح في منازل الآخرة
روي في كثير من كتب الفريقين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كثير من الاحاديث الشريفة التي تبين الآثار الدنيوية والأخروية لمحبة محمد وآل محمد (عليهم السلام)، وبركاتها في منازل الآخرة:
مثل قوله (صلى الله عليه وآله): الا ومن احب آل محمد أمن من الحساب والميزان والصراط.
وكقوله (صلى الله عليه وآله): من احبنا اهل البيت حشره الله تعالى آمناً يوم القيامة.
وكقوله (صلى الله عليه وآله): أثبتكم قدماً على الصراط اشدكم حباً لاهل بيتي.
وكقوله (صلى الله عليه وآله) في حديث جامع: حبي وحب اهل بيتي نافع في سبعة مواطن اهوالهن عظيمة: عند الوفاة، وفي القبر وعند النشور وعند الكتاب (اي نشر الكتب)، وعند الحساب، وعند الميزان وعند الصراط.
وكقوله (صلى الله عليه وآله): ما احبنا اهل البيت احد فزلت به قدم الا ثبتته قدم اخرى حتى ينجيه الله يوم القيامة.
وكقوله (صلى الله عليه وآله): من احبنا لله اسكنه الله في ظل ظليل يوم القيامة يوم لا ظل الا ظله، ومن احبنا يريد مكافئتنا كافأه الله عنا الجنة.
هذه الاحاديث النبوية المباركة تصرح بوضوح ان حب محمد وآله (عليه وعليهم السلام) سبب للنجاة في مواقف القيامة بمختلف انواعها.
وهذه المواقف عرفتنا صحاح الاحاديث الشريفة بل محكم الآيات الكريمة انها مواقف صعبة للغاية تشتد فيها حاجة كل انسان الى ما يعينه على النجاة منها.
والمستفاد من الأحاديث الشريفة المتقدمة ان خير ما ينجيه من صعابها هو محبة احب الخلق الى الله محمد وآله المعصومين عليهم السلام.
هذه المحبة هي التي تجعل الانسان في حصن من اهوال منازل القيامة، وتفعم روحه بما ينورها في تلك المواقف.
بل إن هذا الحب لمحمد وآله (عليه وعليهم السلام) هو الذي يحيط المحب بالبشارات المتتالية التي تظل ترد عليه في جميع منازل الآخرة، لاحظ ما يقوله النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) في الحديث المشهور عنه الذي نقله الزمحشري في تفسير الكشاف، قال (صلى الله عليه وآله) في بعض فقرات هذا الحديث الشريف: «ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم (بشره) منكر ونكير... الا ومن مات على حب آل محمد فتح له من قبره بابان الى الجنة، الا ومن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة...».
ويستفاد من احاديث كثيرة مروية في المصادر المعتبرة ان حب محمد و آله (عليه وعليهم السلام) يوفق الانسان لأن يحشر معهم في ظل الله جل جلاله، فلا تمسه النار.
منها قوله (صلى الله عليه وآله): يرد عليّ الحوض اهل بيتي ومن احبهم من امتي كهاتين، واشار (صلى الله عليه وآله) الى سبابتيه...
وعن امير المؤمنين (عليه السلام) قال: من احبنا كان معنا يوم القيامة ولو أن رجلاً احب حجراً لحشره الله معه.
*******
مستمعينا الاعزاء الحقيقة المتقدمة صورها كثير من الشعراء، نقرأ لكم نماذج منها في الفقرة الختامية لهذه الحلقة، اخترنا لها عنوان:
صدق المحبة لمحمد وآله
ايها الاخوة والاخوات، نظم جمع من العلماء والادباء مضمون الاحاديث الشريفة التي تصرح بأن صدق المودة لمحمد وآله من اهم عوامل النجاة من اهوال منازل الآخرة.
ومن قديم ما قيل في ذلك قول العالم الاديب الصاحب بن عباد من اعلام القرن الهجري الرابع حيث قال:
بمحمد ووصيه وابنيهما
وبعابد وبباقرين وكاظم
ثم الرضا ومحمد ثم ابنه
والعسكري المتقي والقائم
ارجو النجاة من المواقف كلها
حتى أصير الى نعيم دائم
ومن هذه الأشعار الجامعة قول ابي العمر عبد الملك البعلبكي وهو من قدماء شعراء اهل البيت (عليهم السلام).
بمحمد ووصيه وابنيهما قسماً غموسا
وبمن لحيدرة الوصي المرتضى اضحت عروسا
وعليهم ومحمد وبجعفر ايضاً وموسى
وبمن بطوس قبره بأبي وامي من بطوسا
وثلاثة من بعدهم وبرابع يأتي بعيسى
جد لي بعفوك يا الهي واكفني يوماً عبوسا
فلقد دعوتك بالذين جعلتهم فينا شموسا
رزقنا الله واياكم مستمعينا الافاضل صدق محبة الله ورسوله واوصيائه عليهم جميعاً سلام الله وصلواته. انتهى وقت هذه الحلقة فالى موعد لاحقتها نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله.
*******