موضوع الحلقة:
• قطيعة الرحم تعجل الموت
• الشيخ محمد السند يجيب عن أسئلة بشأن عالم البرزخ
• القسم القسم الثانية والعشرين من رواية (سياحت غرب)
• اشعار لسعيد ابي العطاء في وصف الدنيا والآخرة
*******
الحمد لله الذي عمت آلاؤه ونعمه خلقه في الدارين، فهو رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما.
والصلاة والسلام على احب الخلق اليه وححجه البالغة على خلائقه، الكهف الحصين، وعصمة المستجيرين القرآن الناطق محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الاعزاء ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم في الحلقة الثانية والعشرين من حلقات هذا البرنامج نفتتحها تبركاً بهذا الحديث الشريف المروي في كتاب الكافي:
وفيه ان امير المؤمنين (عليه السلام) قال في خطبة له: اعوذ بالله من الذنوب التي تعجل الفناء؟
فقام اليه عبد الله بن الكواء وقال له: يا امير المؤمنين او تكون ذنوب تعجل الفناء؟
فقال (عليه السلام): نعم قطيعة الرحم، ان اهل البيت ليجتمعون يتواسون وهم فجرة فيرزقهم الله وان اهل بيت ليفترقون ويقطعون بعضهم بعضاً فيحرمهم الله وهم اتقياء!
مستمعينا الاعزاء، في الفقرة الاولى من هذه الحلقة سنتابع الحديث عند ادب تذكير او عرض العقائد الحقة من آداب الاحتضار.
ولنا اعزاءنا اتصال هاتفي مع خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند وجوابه عن سؤال بشأن العلاقة مع اهل البرزخ.
يليه قسم آخر من رواية مسيرة الارواح بعد الموت وتصوير لأثار الحرص في عالم البرزخ
ونختم اللقاء بفقرة ادبية وعظية في حال الدنيا وما بعدها نتمنى لكم وقتاً طيباً نافعاً من فقرات البرنامج.
*******
مستمعينا الاكارم روي عن النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) انه قال: لقنوا موتاكم لا اله الا الله فان من كان آخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة.
فقيل له: يا رسول الله ان شدائد الموت وسكراته تشغلنا عن ذلك.
فنزل جبرائيل (عليه السلام) في الحال وقال: يا محمد قل لهم حتى يقولوا الآن في الصحة لا اله الا الله عدةً للموت.
لا اله الا الله حقاً حقا لا اله الا الله عبوديةً ورقاً لا اله الا الله ايماناً وتصديقاً.
جعلنا الله واياكم ايها الاخوات والاخوة من الملتزمين بالذكر اللساني والقلبي لهذه الكلمة الطيبة كلمة التوحيد، في حياتنا الدنيا ورزقنا الله انطلاق السنتنا بها عند رحيلنا الى لقائه عزوجل.
اجل اعزاءنا فقد عرفنا في الحلقة السابقة ان من اهم آداب الاحتضار هو ادب تلقين المحتضر كلمة التوحيد الطيبة هذه واعانته على النطق بها وترديدها وعيش اجوائها.
بل يستفاد من الروايات الشريفة ان التلقين ينبغي ان يشمل جميع اصول العقائد الحقة وان ذكر كلمة التوحيد الطيبة هو من باب ذكر اصل اصول العقائد الحقة وان المطلوب هو اعانة المحتضر على النطق بجميع اصول العقائد الحقة ولقاء الله عزوجل وقلبه ذاكر مها مقربها جميعاً.
وهذا ما تصرح به روايات عدة ننقل لكم بعض نماذجها في الفقرة التالية وعنوانها هو:
استثمار الفرصة الاخيرة
روي عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال: اذا حضرت الرجل المسلم قبل ان يموت فلقنه شهادة ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمداً عبده ورسوله.
وجاء في فقه الرضا (عليه السلام): اذا حضرت الميت الوفاة فلقنه شهادة ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله والاقرار بالولاية لامير المؤمنين والائمة عليهم السلام واحداً واحداً.
وروي في كتاب معرفة الرجال للكشي مسنداً عن زرارة عن الامام الباقر (عليه السلام) انه قال: لو ادركت عكرمة (اي لو حضرته قبل موته) لنفعته.
فسئل الامام الصادق (عليه السلام): بماذا كان ينفعه؟
فقال: يلقنه ما انتم عليه فلم يدركه ابو جعفر (عليه السلام) ولم ينفعه.
ومعنى قوله: يلقنه ما انتم عليه هو يعرض عليه ويلقنه العقائد الحقة التي انتم عليها اي يؤمن بها اهل الايمان.
*******
سننقل لكم مستمعينا الافاضل في الحلقة المقبلة ان شاء الله روايةً جميلة في بيان بركات عرض العقائد الحقة على الجاهل بها عند احتضاره اما الآن فننقل الميكرفون لهذا الحوار الهاتفي مع ضيف البرنامج سماحة الشيخ محمد السند.
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم. السلام عليكم احباءنا ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم في هذه الفقرة من فقرات البرنامج نستضيف فيها الشيخ السند.
سماحة الشيخ الاخ محمد من السعودية يقول ما هي الحكمة من تكرار العذاب في البرزخ وفي الآخرة يشير بين قوسين الى ان البرزخ حفرة من حفر النيران يقول الا يخالف تكرار العذاب هذا العدل الالهي ثم له سؤال آخر ان شاء الله اعرضه عليكم في البين؟
السيد محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الاطيبين الاطهرين.
في الحقيقة اصل العذاب واستمراره في البرزخ او في الآخرة هو الخلود في العذاب هذه مسألة اعتقادية محتدمة بين البحوث العلمية العديدة وملخص الاجابة عن بعض الشبه والتساؤلات في هذا ان الله - عزوجل- انزه من ان يتشفى او يظلم عباده ومن رأفته ورحمته بعباده انه يصون في افعاله التكوينية وفي العوالم المختلفة العذاب والتعذيب وان العذاب هو نحو دواء للمخلوق فما تشير اليه الروايات في الاخلاق الكريمة مثلاً اخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون لان كفر المخلوق بالخالق هو من مهاوي الدركات التي يعيش فيها المخلوق ومن ثم من اجل ان يستكمل هذا المخلوق ولان يرتبط بمصدر الفيض ومصدر البركات فلابد ان يتلقى نحواً من الكي وهذا ربما يشافي ويداوي، تلك حالة الانقطاع عن مصدر الخير وهو التكبر والتمرد والجرأة والعصيان والطغيان، فبالتالي هذا العذاب نحو دواء لذلك الكي ويتحقق المخلوق بحالة العبودية ويرتبط بمركز الخير ومنبع البركات ومن ثمة ورد في دعاء امير المؤمنين في دعاء كميل واقسمت ان تخلد فيها المعاندين يعني ان الخلود في الدار الآخرة في جهنم مخصوص للمعاندين لماذا؟ لان المعاند فيه دائماً حالة مرضية واعوجاج في ذاته وانه متمرد وطاغي وهذا يبعده عن مركز الخير والخيرات والبركات والله - عزوجل- ومن ثم هذا العذاب يكسر جنوح وطغيان وتكبر المعاند وبالتالي يجعله
المحاور: يتحول في الواقع يتحول هو الى نار بحيث اصبح وجوده نار.
السيد محمد السند: بالتالي في بدنه الاخروي بالتالي روحة ترعوي وتنصاع وتطوع وتنقاد الى رب العزة والانقياد اكبر كمال والمعاند لا سبيل لايصاله بالكمال الا بأخلاء تكبره وطغيانه بأن يطوع الى طاعة رب العزة فهذا العذاب في حين كونه عذاب هو رحمة ورأفة من الله -عزوجل- وحكمة لاجل ان يبقي هذا المخلوق في حالة تكامل ويكون دوماً في حالة طمأنينة، وان كان بعض الذوات اعاذنا الله واجارنا الله وجميع المسلمين من ذلك، بعض الذوات قد قضي عليها العناد بحيث ان العناد طبعاً على درجات والتقصير على درجات والمخالفة والعصيان على درجات اذا دخل منطقة العناد فذلك داء دهياء وربما يشتد هذا العناد بحيث لا ينفك عن المخلوق وهي اعماله طبعاً كما يشير الى ذلك قوله تعالى «ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه» فبعض الذوات هكذا تبقى يكتب لها طريق الكمال وبقاء كمالها بأن تعذب كي يطرد الخبث الموجود في تلك الذوات وتطوع وتنقاد لرب العالمين، هذا بالنسبة للخلود في النار ويفهم من ذلك الكلام في البرزخ وانه يمتد في الآخرة فيما يعالج ويطهر الميت يستمر عذابه في الآخرة الى ان يطهر.
المحاور: يعني سماحة الشيخ يعني ما في تكرار للعذاب؟
السيد محمد السند:لا لانه استمرار في عملية التطهير، طبعاً نشاهد في الملابس وفي الامور بعضها تحتاج الى المرات والكرات في عملية التنظيف كي يقلل من الوسخ والادران الموجود فيها.
المحاور: اذن السؤال الآخر من رسالة الاخ محمد ايضاً يتضح ويقول هل يمكن للعذاب البرزخي سبباً لسقوط الاخروي لبعض الذنوب يعني هل يكون كذلك؟
السيد محمد السند: نعم بالضبط هكذا، والا سيبقي في ادران الذنوب واوساخها لما يحتاج الى تطهير الآخرة.
المحاور: وحتى في ساعات الاحتضار بعض الروايات تشير الى هذا المعنى.
السيد محمد السند: وبعض يكفر بالرفيق الشفيق الذي يلاقيه في ساعة الاحتضار من دون حاجة الى عذاب البرزخ وبعضهم قد يتطهر بها يبتلى به في دار الدنيا قبل الاحتضار فأنواع الذنوب واوساخ الذنوب وادران الذنوب اعاذنا الله وجميع المؤمنين والمسلمين منها مختلفة الشدة.
المحاور: جزاكم الله خيراً سماحة السيد محمد السند بما تفضلتم به.
*******
نتابع اعزاءنا المستمعين تقديم الحلقة الثانية والعشرين من برنامج عوالم ومنازل بتذكيركم بان بامكانكم الرجوع الى موقع الاذاعة على شبكة الانترنت لمتابعة هذا البرنامج بدءاً من حلقته الاولى عنوان الموقع هو Arabic.irib.ir.
كما نجدد ترحيبنا بمشاركاتكم واسئلتكم بشان موضوعات البرنامج على عناوين الاذاعة فعنوانها البريدي هو: ٦۷٦۷/۱۹۳۹٥.
وعنوان بريدها الالكتروني هو: [email protected].
*******
سياحت غرب (القسم الثانية والعشرين)
اما الآن اعزاءنا فننتقل معكم الى اجواء عالم البرزخ في قسم آخر من رواية (سياحت غرب) في ترجمتها الاعدادية للاذاعة يصور لنا آية الله القوجاني النجفي رحمه الله مؤلف الرواية في هذا القسم جانباً مما ذكرته الاحاديث الشريفة بشأن تمثل الاعمال وكيفية عذاب اهل البرزخ او نجاتهم من الحرص والحسد. فلنتابع معاً رحلة بطل الرواية في منازل البرزخ ضمن فقرة:
مسيرة الارواح بعد الموت
عندما وصلنا الى ارض شهوات الحرص رأيت قوماً على صور كلاب قبيحة فيهم الهزيل وفيهم السمين، تنبعث منهم روائح كريهة وكل شرذمة منهم تتقاتل على جثة من جثث متناثرة في تلك الارض كان كل واحد منهم يسعى الى التهام احدى الجثث وحرمان الآخرين منها وكانت النتيجة ان يعجز الجميعاً عن اكل ما يشبعهم منها فتأني مجموعة من الكلاب او من الحرصاء الاقوى فتطرد الاولى ثم تتنازع فيما بينها مثلما فعلت الاولى وتكون لها بالتالي عاقبة الاولى فتفكير كل منهم ينحصر في احتكار الجثة لنفسه وحده، وهكذا حال الدنيا جيفة يتقاتل عليها الكلاب، وهذه هي الحقيقة التي كشف عنها عالم البرزخ الى جانب حقائق الحياة الاخرى.
رأيت بعضاً من هؤلاء تخرج النار من ادبارهم والدخان من افواهم بعد ان التهموا شيئاً من تلك الجيف، فسألت رفيقي الهادي: جزاه الله عني خيراً فهو صورة مودتي في الدنيا لاهل البيت (عليه السلام) تمثلت لي في البرزخ في هذا الشاب الطيب الذي كان سفينة نجاتي في اهوال هذا العالم؟
سألته: من هؤلاء؟
اجاب: انهم الذين كانوا يأكلون اموال اليتامن واموال الرشاوي وسائر شهوات الحرص.
ثم عبرنا ارض اهل الحرص ومردنا الى جواد ارض اهل الحسد فشعرت بالارض تهتز تحت اقدامنا ورأيت معامل كثيرة وقد ملا الدخان المتصاعد منها الفضاء وجعله مظلماً وكان العاملون فيها غبر الوجوه فعرفت انهم رفاق الجهل اي الصور البرزخية لعوامل الجهل التي ترافق الناس في الحياة الدنيا وفجأة اقترب مني جهل الاغبر اي صورة جهلي، فاستولى على الخوف خاصة عندما لا حظت ابتعاد رفيقي الهادي عني قرأت: «قل اعوذ برب الفلق / من شر ما خلق» فقال جهل الاغبر: يا مسكين ما فائدة ان تتلوها الآن؟ لقد اردت ان تتلوها وتعمل بها في الدنيا لكنك لم تفعل فلن تنفعك تلاوتها الآن!
اشتد خوفي مما قاله ثم خف عندما اختفى هذا الرفيق المنحوس فحسبت اني كفيت شره فتوجهت بفكري الى رفيقي الهادي راجباً ان يحضرني فبرزلي جهل الاغبر بهيئة حيوان مخيف جفل منه الفرس فوقعت عن ظهره وتألمت اعضائي فلم استطع التحرك، فاخذت مكائن معامل الجهل تقترب مني بعجلاتها الضحمة وكأنها افاع تريد ابتلاعي كانت السنة النيران تخرج من فتحاتها نحوي، وجهل الاغبر يضحك ساخراً مني قائلاً: اكمل السورة واقرأ «ومن شر حاسد اذا حسد».
ثم قال لي بلهجة الشامت: ايها البائس الحسود من من العلماء نجا من الحسد؟ لقد اشتد غيضي لنجاتك مني في المنازل السابقة فذق مني سهام الحسد في هذا المنزل فلن تجد مني مخلصاً كان الضعف قد اشتد بي، الا ان سخريته جعلت دماء الغيرة تغلو في عروقي، فرفعت صوتي منادياً: يا علي... يا علي!!
فور اطلاقي تلك الاستغاثة الفطرية توقفت تلك المكائن الحاطمة بعد ان كادت تلتهمني ثم لاذت بالفرار فاخذت تصطدم فيما بينها وتتحطم وسقط رفيقي جهل الاغبر تحت عجلاتها فتذكرت قوله تعالى ولا يحيق المكر السيء الا باهله.
ثم قلت: ما اعجب جهل رفيقي الاغبر هذا... كان قبل قليل يسخر مني ويزعم ان لن ينقذني منه احد!
اثر ذلك شعرت بشدة عطشي وآلام بدني فرأيت رفيقي الهادي مقبلاً نحوي مسرعاً وهو يحمل الخرج الذي ضم هدية الامام علي (عليه السلام) والتي وصلتني اثر تلاوة بعض احفادي سورة الانسان واهداء ثوابها له (عليه السلام) نيابة عني، فتح رفيقي الخرج فاذا فيه كوزا من البلور اشرق الفضاء من لمعانه وسقاني منه ماءً عذباً زلالاً فزال عني كل العطش والالام وشعرت وكأن الحياة قد بعثت من جديد في بدني البرزخي، ثم تهيات لمتابعة المسير.
*******
وها نحن اعزاءنا المستمعين نصل الى الفقرة الختامية للبرنامج وهي مختارة منه كتب الادب بما يناسب موضوعاته.
اخترنا لهذه الحلقة روايتين وابياتاً جديرةً بالتامل ففيها تصوير لحقيقة الدنيا وحال بعدها وهي مقتبسة من المواعظ والاحاديث الشريفة وقد اخترنا لها عنواناً هو:
بين الدنيا وما بعدها
روي عن عبد الله بن سويد انه رأى ابا عطاء سعيد الواعظ الملقب بسعدون المجنون وبيده فحمة وهو يكتب بها على جدار قصر قد خرب الابيات التالية:
يا خاطب الدنيا الى نفسها
ان لها في كل يوم خليل
ما اقبح الدنيا لخطابها
تقتلهم عمداً قتيلاً قتيل
اني لمغتر وان البلى
يعمل في نفسي قليلاً قليل
تزودوا للموت زاداً فقد
نادى مناديه الرحيل الرحيل
كما روي عن ابي عطاء البناء قال: كنت ابني قصراً فاشرفت من بعض الجدران فاذا انا بسعدون يكتب بقطعة فحم على جدار هذه الابيات
ما حال من سكن الثرى ما حاله
امسى وقد رثت هناك حباله
امسى فلا روح الحياة تصيبه
ابداً ولا لطف الحبيب يناله
امسى وقد درست محاسن وجهه
وتفرقت في قبره اوصاله
واستبدلت منه المجالس غيره
وتقسمت من بعده امواله
ما زالت الايام تلعب بالفتى
والمال يذهب صفوه وحلاله
نسأل الله لنا ولكم - احباءنا- ان يجعلنا واياكم من العاملين بالباقيات الصالحات المعمرين لدار البقاء الفائزين بسعادة الدارين ببركة التمسك بولاية احب خلقه اليه محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم الجمعين اللهم آمين والى لقائنا المقبل نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******