موضوع الحلقة:
• أجوبة الشيخ محمد السند على أسئلة المستمعين
• القسم (القسم التاسع عشر) من رواية (سياحت غرب) واستراحة في إحدى قرى دار السرور
• حسن الظن بالله وحب لقائه (اشعار وقصة بهذا المعنى)
*******
الحمد لله الذي الخير بين يديه الذي سبقت رحمته غضبه والغني عن عباده غافر الذنب وقابل التوب الغني الحميد.
والصلاة والسلام على مظاهر رحمة الله وبشائر عفوه وشفعاء خلقه محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم اعزاءنا المستمعين ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم ومرحباً في الحلقة التاسعة عشرة من حلقات هذا البرنامج.
نفتتح هذه الحلقة احباءنا بحديث عما تبينه لنا الاحاديث الشريفة بشان معنى حسن الظن بالله وكيف الحصول عليه وهو احد مفاتيح حسن العاقبة.
ونختم هذه الحلقة برواية عن احد احباب الله عز وجل تبين اثر حسن الظن بالله في بعث حب لقائه عز وجل.
ونستضيف خلالها سماحة الشيخ محمد السند ليجيب عن بعض اسئلتكم بشأن موضوعات البرنامج.
كما نتابع فيها القسم التاسع عشر من رواية (سياحت غرب) ومنازل سير الارواح بعد الموت.
*******
ونذكركم اولاً بان بامكانكم ارسال اسئلتكم واقتراحاتكم بشأن فقرات البرنامج وموضوعاته على عناوين الاذاعة البريدية ومنها عنوان (٦۷٦۷/۱۹۳۹٥) وكذلك على برينا الالكتروني وهو [email protected] ونلفت انتباهكم الى ان بامكانكم الرجوع الى حلقات البرنامج على موقع الاذاعة في شبكه الانترنت وهو Arabic.irib.ir.
*******
اما الآن فالى الفقرة الاولي وعنوانها هو:
حسن الظن بالله وحسن العاقبة
نقلنا لكم مستمعينا الافاضل في الحلقة السابقة طائفة من الاحاديث الشريفة التي عرفتنا بان حسن الظن بالله عزوجل من اهم آداب الاحتضار، فهو من مفاتيح النجاة من كبرى هجمات الشيطان في تلك اللحظات الحساسة.
ان اهم وساوس الشيطان في ساعات الاحتضار هي التي تسعى الى بعض الياس من رحمة الله في قلب الانسان فتذكره بذنوبه وتقول له: انها اعظم من ان يغفرها الله فتنسيه ان رحمة الله اعظم وتغلق امامه باب التوبة وتجديدها في تلك الساعات.
ونعرف وتعرفون ايها الاخوة والاخوات ان الياس من رحمة الله عزوجل هو من اكبر الكبائر وهو الثمرة الخبيثة لسوء الظن بالله عزوجل، فاذا اغلق الانسان على نفسه باب التوبة التي فتحها الله امامه وتوهم ان ذنوبه اكبر من رحمة الله فهذا يعني انه سيموت وهو كافر باحدى امهات صفات الله عز وجل وهي صفة سعة الرحمة.
وحسن الظن بالله عز وجل والايمان بسعة رحمته هو الذي ينقذ الانسان من هذه المكيدة الشيطانية فيكون معنى حسن الظن بالله هو ان يملأ الانسان قلبه من الرجاء والثقة برحمة الله ومغفرته وقبوله التوبة ورأفته بعباده المتوجهين اليه والمؤملين لعطفه واحسانه.
من هنا اعزاءنا المستمعين حثت النصوص الشريفة على ان يملأ المحتضر قلبه من الرجاء بالله عز وجل بان يتذكر سعة رحمة الله ولطيف صنعه بعباده، كما ينبغي لمن يحضر عنده ان يذكره بذلك ترسيخاً لحسن الظن بالله في قلبه فهذا من آداب الحضور عنه من اقترب اجله.
قال العلامة الجليل الشيخ ابن فهد الحلي في كتابه القيم عده الداعي: روي عنهم عليهم السلام (انه) ينبغي في حالة المرض - خصوصاً مرض الموت- ان يزيد الرجاء على الخوف.
وروى القطب الراوندي رحمه الله في كتاب الدعوات عن اب عباس قال:
اذ حضر احدكم الموت فبشروه يلقى ربه وهو حسن الظن بالله، وان كان في صحة فخوفوه.
والسر في التركيز على الرجاء في حالة الاحتضار انها حالة ضعف وانقطاع الاسباب والقدرة على العمل والتدارك فينبغي تاكيد التوجه الى الله عزوجل بالرجاء لسعة رحمته، اما في حالة الصحة فينبغي تغليب حالة الخوف والخشية من الله لكي تكون آلة التقوى تردعه عن المحارم.
ولعل هذا مستمعينا الافاضل هو احد الاهداف الاساسية من استحباب تلاوة دعاء الفرج عند المحتضر فهو دعاء يرسخ حالة الرجاء في القلب ويذكر بمظاهر الرحمة الالهية الواسعة.
وقد اكدت كثير من الاحاديث الشريفة على تلاوة هذا الدعاء منها ما روي عند الامام الصادق عليه السلام قال:
كان امير المؤمنين اذا حضر من اهل بيته احداً الموت قال له: (قل) لا اله الا الله الحليم الكريم لا اله الا الله العلي العظيم سبحان الله رب السموات السبع ورب الارضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين.
قال الصادق عليه السلام: فاذا قالها المريض (الذي حضره الموت)، قال امير المؤمنين عليه السلام: اذهب ليس عليك بأس.
*******
أما الآن نتابع تقديم برنامج عوالم ومنازل بهذا الاتصال الهاتفي مع سماحة الشيخ محمد السند اهلاً ومرحباً بكم:
محمد السند: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ الاخ كاظم ابوعبد الله من السعودية بعث رسالة اشتملت على سؤالين في السؤال الثاني منها يقول كيف تحصل العديلة عند الموت وهل تقع سكرات الموت عندما يموت الانسان فجأة او قتلاً او حوادث تناظر ذلك هل يحدث احتمال العديلة واحتمال سكرات الموت ام لا؟ تفضلوا سماحة الشيخ.
محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين الحقيقة ان العديلة هي عبارة عن مرور النفس البشرية بمخاض واضطراب نفساني ربما اقرب مثال ما نتصوره لذلك هو فيما اذا اصيب الانسان بمرض شديد حيث انهارت قواه وخارت عذائمه واحاط به المرض والعلل والاسقام من كل صوب وجانب وتوالت عليه البلايا والمصائب من كل جانب ويرى الانسان نفسه في بحر من بركان وزلزال من الاضطراب حيث اذن اذا كانت علاقته بربه وطيدة وحبل متين من الايمان لا تهزه تلك الزلازل ويمر عليها جبلاً اشماً ثابتاً واما اذا كانت معرفته بربه ويقينه بربه وعلمه بصفات ربه وبمقام ربه كان والعياذ بالله في الحضيض فبالتالي سوف يحصل منه قنوط وسوء الظن بالله عزوجل وسرعان ما يضطرب وربما يزول عنه ايمانه فهذه الحالات تمثل حالة العديلة واما بالنسبة الى حالات الموت المفاجىء فحينئذ يعتبر الانسان فتنته الامتحان العديدة ام لا؟ ففي الحقيقة اذا عرفنا بأن الموت وان كان فجأة الا انه انقطاع الانسان عن بدنه وعن تعلقات بدنه وتعلقات الدنيا ليس بالامر الدفعي الى ان يوغل في اعماق البرزخ هناك مراحل ودرجات حيث تبدأ بالانقطاع بالانسان عن بدنه شيئاً فشيئاً الى ان تتوغل اكثر فأكثر في عالم البرزخ اذا عرفنا ذلك في الواقع مشارف ما بين البرزخ وعالم الدنيا وهي التعلقات يظل حالة مفتوحة للفتنة والامتحان.
المحاور: بأعتبار ان هذه حالة الفتنة والامتحان متوجهين الى الروح؟
محمد السند: نعم ولذلك يحدثنا القرآن الكريم عن فرعون انه لما عاين الموت (قال الآن آمنت بالذي آمنت به بني اسرائيل)، في الواقع ينتاب الانسان ويعتبره من الحالات الضاغطة فتعتمد على ثباته وقوة عزيمة ارادته من حيث وضوح الصراط والرؤية التي ينتهجها ويسلكها.
المحاور: سماحة الشيخ يمكن القول ان قوانين نزع الروح وانفصال الروح عن الجسد غير محكومة بالزمن الطبيعي يعني لا يمكن القول بأن رصاصة اتت الى شخص فمثلاً توقف القلب وبدنه مات هذا لا يعني ان الروح انفصلت بالكامل عن البدن؟
محمد السند: بالضبط حيث انه الآن ما يعرف بعلم الارواح وعلم النفس الحديث التجريبي في تجربة الموت، هذه تجربة الموت يمر بها الكثير من الاحياء الذين تحصل عندهم حالة الموت وسرعان ما يعودون بعد فترة فحين اذن يتحدثون عن ما شاهدوه وما كشف لهم من حالات وبيئة وما مروا به روحياً فهم يتحدثون ان هناك جملة من درجات العلائق بين الروح والبدن ليست تلك دفعية في الانفصال وسرعة الزوال بل تبقى تدريجياً بل قد نقل وربما ويستشفوا من جملة الروايات ان جملة من الموتى لا يتصاعدون في عالم البرزخ بسرعة بل بسبب تعلقاتهم المادية يظلون حبيسي الارض وحبيسي العالم الارضي والنشأة الدنيوية الى ان ينفكوا شيئاً فشيئاً عن تلك الاغلال التي تربط قلوبهم بنشأة الدنيا.
المحاور: شكراً جزيلاً سماحة الشيخ محمد السند اذن الامر ممكن ان يحصل والعديلة وسكرات الموت لمن يقتلون ويتوفون فجأة سماحة الشيخ هناك اسئلة اخرى لو سمحت نوكلها الى حلقات مقبلة نشكركم على مشاركتنا هذا البرنامج رغم انكم تحضرون الآن احد المجالس الدينية نعتذر عن هذه المزاحمة في هذا الوقت ولكم جزيل الشكر.
محمد السند: اهلاً وسهلاً.
المحاور: ولكم ايضاً مستمعينا جزيل الشكر ونبقى مع فقرات البرنامج.
*******
ما تستمعون له اعزاءنا هو الحلقة التاسعة عشرة من برنامج عوالم ومنازل والحديث فيما تقدم منها كان عن حسن الظن بالله عزوجل الذي اعتبرته النصوص الشريفة من اهم آداب الاحتضار.
ونذكركم بان من اهم وسائل ترسيخ الظن بالله عزوجل هو تذكر سعة رحماته عزوجل العامة والخاصة العامة التي تشمل الناس جميعاً والمذنبين والتائبين والخاصة التي ينزلها على خاصة اوليائه.
وقد روي ان الامام زين العابدين عليه السلام كان يقول عند احتضاره: "اللهم ارحمني فانك كريم اللهم ارحمني فانك رحيم فلم يزل يرددها حتى توفي صلوات الله عليه"
*******
سياحت غرب (القسم التاسع عشر)
حان الآن مستمعينا الاكارم موعد تقديم القسم التاسع عشر من رواية (سياحت الغرب) التي اخترناها كاحدى الفقرات الثابتة في هذا البرنامج لما تمتاز به من لون قصصي جميل في استعراض مسيرة الارواح في عالم البرزخ.
وترجع اهمية هذه الرواية الى كون ما رسمه خيال مؤلفها استند فيه الى النصوص الشريفة قرآنا وسنة المتحدثة عن هذا الموضوع خاصة وان كاتبها هو احد العلماء الاخيار والمجتهدين الافاضل من خربجي حاضرة النجف الاشرف العلمية وهو آية الله الشيخ القوجاني النجفي رضوان الله عليه.
فلنتابع معاً هذه الرواية التي اخترنا لها عنوان:
مسيرة الارواح بعد الموت
كنت احب كثيراً تلاوة سورة الانسان وانا في الحياة الدنيا ولذلك ملات البهجة قلبي وانا اصغي الى ذلك الصوت الروحاني الملائكي الذي كان يتلوها في تلك القرية المباركة من قرى داد السرور التي دخلناها نستريح من نصب عبورنا لأرض الشهوات اللسانية ولكن تعلقي الشديد بذلك الصوت لم يكن اثراً لحبي لتلك السورة المباركة فقد وجدت في نبراته القدسية شداً روحياً اخذ بمجامع قلبي وفجر في شوقاً لا يوصف للتعرف على صاحب هذا الصوت الملائكي سألت عنه رفيقي الوفي في سفري اعني الهادي اي التمثل البرزخي لمودتي لأهل بيت العصمة عليهم السلام فقال:
لعلنا نراه مع كبير دار السرور لابد ان اذهب اليه لكي احصل على توقيعه على بطاقه عبورنا المنزل الآتي وفجأة اثير في ذهني سؤال جعلني في حالة بين الخوف والرجاء، وزاد من شدة هذه الحالة جواب رفيقي الهادي عن هذا السؤال قلت: ماذا سيكون مصيرنا لو امتنع كبير دار السرور عن توقيع البطاقة؟ هل من الممكن ان يمتنع عن توقيعها؟
اجابني الهادي: الامر ممكن عقلاً واذا امتنع فعلاً فسوف تسوء امورك جداً ولكن الرحمة في اولياء الله سابقة على غضبهم وعلى اي حال فارجع الى قلبك لتعرف منه الاجابة عن سؤالك!!
هزتني كلمات الهادي من الاعماق ورجعت الى قلبي فوجدته هو الآخر متردداً بين الخوف والرجاء لكن الرجاء كان اسبق اليه اخذت اردد ذكر (لا حول ولا قوة الا بالله) وانا اقدم رجلاً واوخر اخرى، الى ان حسمت الامر عندما تذكرت قول امير المؤمنين عليه السلام: اذا هبت امراً فقع فيه.
عندما خرجنا ذاهبين الى قصر كبير دار السرور كان الشوق لرؤية هذا الولي الرباني قد غلب الخوف والرجاء اللذين هيمنا من قبل على قلبي...
لما اقتربنا من القصر سمعنا فجأة اصواتاً تنادي من داخله: العجل العجل فانطلق الحراس اثرها سالنا احد الخارجين من القصر عن الخبر فقال:
ان مولانا ابا الفضل العباس غاضب على احد علماء السوء لخروجه من محبسه في ارض الشهوات اللسانية فامر بارجاعه الى حفوة «الويل» التي آل اليها في برزخه جزاءً وفاقاً على اضلاله الناس بلسانه في الحياة الدنيا، وقد انطلق الحراس لارجاعه... لا بأس عليكما تفضلاً الى داخل القصر.
سرحت مع افكاري وانا ادخل القصر، حاولت ان اتذكر فيما اذا كنت قد اضللت احداً من خلق الله بلساني او بقولي شيئاً في دين الله بغير علم فحمدت الله انني لم اتذكر شيئاً من ذلك وشكرت الله كثيراً على توفيقه لي في حياتي الدنيا للهروب من ان اقول شيئاً بغير بينة كهروبي من الاسد.
وخرجت من هذه الافكار على صوت مولاي ابي الفضل العباس عليه السلام وهو يقول للحراس: ان هذه الارض الطيبة الطاهرة محرمة على علماء السوء كحرمتها على شريح القاضي الذي افتى بقتل سيدي الحسين عليه السلام.
ثم تقدم الهادي وانا اتبعه حتى وقفنا بين يدي مولانا ابي الفضل فسلمنا عليه ورد التحية باحسن منها وقدم الهادي ورقة العبور الى المنزل اللاحق فوقعها عليه السلام وسألني كيف كانت مسيرتكم في المنازل السابقة؟
اجبت: ان مودتكم اهل البيت كانت ملاذنا وحصننا المنيع في كل المراحل فصورتها الملكوتية المتمثلة في رفيقي الهادي هي التي انقذتني من عقبات ومزالق الطريق في كل العوالم.
فازداد اشراق وجهه عليه السلام بابتسامة تقطر بكل رحمة، وخالطت ابتسامته دمعة سالت حرى من عينه الكريمة وهو يقول ذاكراً اخاه الحسين عليه السلام: نحن معكم في منازل عوالم البرزخ كافة مثلما كنا معكم وانتم تسيرون عطاشى ومشياً على الاقدام لزيارة سيدي الحسين عليه السلام وتقيمون له مراسم العزاء.
اردت ان اسال عن صاحب الصوت الملائكي الجميل الذي سمعت تلاوته لسورة الانسان فالتفت الى فتى يبدو صغير السن جالساً جوار ابي الفضل الذي كان يحادثه بتواضع عميق يكشف عن شدة اجلاله وتعظيمه له.
كان وجه الفتى يسطع نوراً لا تطيق حتى البصائر البرزخية ان تحدق فيه لكن قلبي تفجر بالم مشفوع ببهجة عندما رأيت خطاً احمر يمر على رقبته النيرة فيزيدها جمالاً، وعندها عرفت ان من اداه هو المثال البرزخي لرضيع الحسين وحجته الكبر الذي نحره سهم شياطين الجهل يوم عاشوراء.
شعرت بعد حين ان الدموع الساجمة من عيني قد انحدرت على صدري ومست شفاف قلبي فصرخت: ما اجدرنا ان نعود من اجل الاخذ بثاره، ليتهم يرجعوننا واخذت اردد ابيات السيد حيدر الحلي التي طالما كنت ارددها في ليالي الجمعة بعد زيارة الحسين عليه السلام:
يا غيرة الله اهتفي لحمية الدين المنيعة
مات التصبر في انتظارك ايها المحي الشريعة
واشتد وجدي عندما وصلت الى قوله: ورضيعه بدم الوريد مخضب فاطلب رضيعه.
وهنا خاطبني ابوالفضل العباس عليه السلام قائلاً: سترجعون لنصرة مولانا خاتم الاوصياء عليه السلام سيحدث هذا قريباً ان شاء الله: واخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب.
وكانت كلماته هذه بشارة لي بان الله عزوجل قد استجاب دعائي الذي كنت اقراه بالحاح عند تلاوة دعاء العهد واطلب من الله ان يبعثني حياً في الرجعة لنصرة المهدي عليه السلام اذا توفاني قبل ظهوره عجل الله فرجه.
*******
حسن الظن بالله وحب لقاءه
روى ابو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب في كتابه عقلاء المجانين بسنده عن محمد بن المبارك الصوري قال: صعدت جبل لبنان فاذا برجل عليه جبة من صوف مكتوب عليها: «لا تباع ولا توهب».
قال محمد بن المبارك: وكان الرجل قد ائتزر بمئزر الخشوع وارتدى برداء الورع وتعمم بعمامة التوكل فلما رآني استخفى وراء شجرة بلوط فناشدته الله ان يظهر فظهر فقلت: كيف تصبر على الوحدة في هذه القفار، فضحك وانشا يقول:
يا حبيب القلوب من لي سواكا
ارحم اليوم مذنباًقد اتاكا
انت سؤلي ومنيتي وسروري
قد ابى القلب ان يحب سواكا
يا مرادي وسيدي واعتمادي
طال شوقي متى يكون لقاكا
ليس سولي من الجنان نعيماً
غير اني اريدها لا راكا
ايها الاخوة والاخوات الوقت المخصص لهذه الحلقة اوشك على نهايته نذكركم في نهايته بما ورد في الاحاديث القدسية من قوله عزوجل: «انا عند ظن عبدي بي»
جعلنا الله واياكم ممن يحسنون الظن بالحليم الكريم العلي العظيم فيرجون رحمته ويخشونه خشية العارفين. اللهم آمين نستودعكم الله الغفور الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******