موضوع الحلقة:
• الاعمال ينبغي فعلها والتي يجب اجتنابها للفوز بحسن العاقبة
• الشيخ محمد السند يجيب عن أسئلة المستمعين
• من رواية مسيرة الارواح بعد الموت (القسم التاسع)
• أشعار قيس بن عاصم في أن العمل يرافق الانسان في القبر
*******
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على صفوته من خلقه محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الافاضل ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم ومرحباً وانتم تتابعون هذا البرنامج في حلقته التاسعة.
نفتتح هذه الحلقة اعزاءنا بحديث عن الاعمال التي ينبغي اجتنابها لانها تؤدي الى العديلة عن العقيدة الحقة عند الموت، وفي الفقرة الثانية سيجيب سماحة الشيخ محمد السند عن بعض اسئلتكم بشأن موضوعات البرنامج فيما نتابع في الفقرة الثالثة القسم التاسع من رواية (سياحت غرب) وفيه اشارة مهمة للعواقب الاخروية لمتابعة الجهل والعمل على غير علم او يقين.
*******
اعزاءنا المستمعين في الحلقة السابقة نقلنا مجموعة من اعمال الخير التي ذكرتها الاحاديث الشريفة كوسيلة لحسن العاقبة والختم بالخير والنجاة من خطر السقوط في اكيدة الشيطانية الهادفة الى حرف الانسان عن الدين الحق عند حلول الموت لكي يخرج من هذه الدنيا كافراً وهو المعبر عنه بالعديلة عند الموت.
وفي مقابل ذلك هناك مجموعة من الاعمال تؤدي بالانسان الى الوقوع في هذه العديلة الشيطانية والعياذ بالله فأجتنابها ضروري للنجاة من ذلك، وهذه الاعمال لا ترتبط بزمن حلول الموت بل تسبقه.
اجل فحديثنا لازال في دائرة ما ينبغي للمؤمن عمله وما ينبغي له اجتنابه للفوز بحسن العاقبة قبل ظهور علامات حلول الاجل.
لو سمحتم قبل ان ننتقل الى ما ينبغي اجتنابه اود ان انقل رواية وجدتها في كتاب الكافي عن رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرنا فيها بالتختم بخاتم من العقيق ويخبرنا وهو الصادق الامين بان لهذا العمل التعبدي تاثيراً في حسن العاقبة.
تفضلوا بتلاوة هذا الحديث الشريف فأنني اتذكر ان الشيخ عباس القمي رحمه الله ذكر في كتابه منازل الآخرة ان مما ينفع في حسن العاقبة التختم بخاتم من عقيق خاصةً اذا نقشت عليه عبارة (محمد نبي الله وعلي ولي الله) لعل هذا الحديث هو مستنده رحمه الله فيما قال.
هذا الحديث هو احد مستنداته وثمة احاديث اخرى بعضها يصرح بهذه العبادة التي تنقش على الخاتم اما الحديث المشاد اليه فهو مارواه الطيني مسنداً عن الامام الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «تختموا بالعقيق فانه مبارك و من تختم بالعقيق يوشك ان يقضى له بالحسنى».
سبحان من جعل لهذا الحجر الكريم مثل هذه الآثار على اي حال المهم هو التعبد لله تبارك و تعالى فهو عزوجل مسبب الاسباب وعالم الخفيات يخلق ما يشاء وله الامر اولاً وآخراً، طيب وما هو الحديث الذي يصرح باستحباب نقش تلك العبارة المباركة التي تذكر بالعقيدة الحقة الكاملة باستمرار ولعل هذا احد اسرار استحباب نقشها.
توجد عدة احاديث في هذا الباب منها المروي في كتاب جامع الاخبار عن الباقر عليه السلام قال: «من صاغ خاتماً فنقش عليه (محمد نبي الله علي ولي الله) وقاه الله ميتة السوء ولم يمت الا على الفطرة».
*******
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم مستمعينا الافاضل ورحمة الله وبركاته اهلاً بكم ومرحبا في هذه الفقرة في فقرات البرنامج نستضيف فيها سماحة الشيخ محمد السند. الذي يجيب عن الاسئلة التي وردت للبرنامج. سماحة الشيخ محمد السند اهلاً بكم ومرحباً.
الشيخ محمد السند: اهلاً وسهلاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المحاور: وعليكم والسلام ورحمة الله وبركاته، سماحة الشيخ من الاخ انور الاحمد وصلت للبرنامج رسالة يقول فيها او يعرض فيها هذا السؤال ما هو سر التأكيد آلايات الكريمة والاحاديث الشريفة على وجود عوالم الاخرى للانسان قبل مجيئه الى عالم الدنيا ثم ماذا تنفعنا معرفة هذه العوالم؟ تفضلوا.
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على افضل الانبياء والمرسلين محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وبعد ان تركيز المعرفة في العوالم السابقة في الحقيقة يعطي للانسان بعد من المعرفة انه ليس محتبس ومقتصر وجوده على نشأة المادية ودار الدنيا وانما هو متـصل الابـعاد بعـــوالم اخـرى له وثيـق الصـلة والكينـونة والكنه بتلك العوالم. فذاته وهويته اذن متوفرة على تلك الابعاد ومن ثم يجب ان ينشد الى تلك الابعاد فحينئذ تلك الابعاد لابد ان يراعيها ويغذيها مما يناسبها من كمالاتها كما ورد عن امير المؤمنين عليه السلام انتم ابناء الآخرة منها أتيتم واليها تعودون فاذا ادرك ووعى وتنبه الانسان الى تلك الابعاد فيه هويته وذاته من ثم حينئذ سوف يكون عالي الهمة، عالي النظر وسيع الافق وبالتالي سيحذو نحو كمالاته الارفع دون ان يرعى كدابة البهيمة في ظل النشأة المادية وهذا من مهام المعارف في ذلك.
المحاور: سماحة الشيخ هل يمكن القول بان معرفة هذه الحقائق ومعرفة وجود الانسان لا يقتصر على عالم الدنيوي يمكن ان يبعث فيه حالة من المقاومة والتحصين من ان يشعر بان الامر يقتصر بان هي الا حياتنا الدنيا نموت فيها ونحيا يعني عدم الشعور بمعنى وهدف من وجود هذا الامر تنفيه هذه المعرفة يعني تنفيه معرفة بان له عوالم اخرى قبل الدنيا و بعد الدنيا؟
الشيخ محمد السند: نعم في الحقيقة غالب او جلل ازمات التي يعانبيها البشرية لاسيما الغرب ذوالطابع والفلسفة المادية الغرب بما يشمل حتى الشرق البعيد عن النشأة الاسلامية يعيش افراد مجتمعه غالب الازمات والمشاكل النفسية لأحتباس الرؤيا في ضمن فقط ماذا النشأة المادية والحياة المادية فمن ثم ما ان تنتابه وتعتبره مشكله مدلهمة مادية في المعيشة ما ان تراه ينهار نفسيا ويتحطم وتتبدد آماله واذا ما نراه على اية حال في كثير من المشاكل العقلية والروحية التي هم يعانون منها بخلاف الحالة الاسلامية وبالذات الحالة الايمانيه نراه ان هناك ربيع روحي يعيش المؤمنون والمسلمون وكل لسبب ذلك لما يتمتعون به من نظرة الافق العالية الى تلك النشآت التي يربيها فيهم القرآن الكريم والسنة النبوية وسنة اهل البيت؟
المحاور: سماحة الشيخ على ضوء ما تفضلتم به يمكن القول بان معرفة هذه الحقائق في الحقيقة تحصن الانسان مما عرف بالتيار الفلسفات التشاؤمية التي انتشر في القرون الاخيرة في الغرب وايضاً انتقلت بعض سيوله الى عالم الشرقي؟
الشيخ محمد السند: نعم في الحقيقة ان الانسان يعيش كما يقال بالامل والاحتباس والانسداد الطريق وانسداد الافق وانسداد الحلول طبعا كلا من ضيق النشأة المادية نشأة التصاد يهبط بها الارض بعضكم لبعض عدو نشأة التزاحم هي نشأة الارضية اما فسحة الروح وعوالم النشأة الاخروية. فلا اصطكاك ولا تزاحم ولا تناقض ولا تدافع.
المحاور: هذه ايضاً نقطة جميلة سماحة الشيخ اشرتم اليها وهو انه التأثر بضغوطات الحياة الدنيا هو بحد ذاته يسبب له حالة من الشعور بتفاهة وجوده مثلاً؟
الشيخ محمد السند: نعم، فاذا كان على غفلة من بقية ابعاد ودرجات وجوده فسوف يحصل لديه نوع من الحضور الحبط والهبوط والانهيار النفسي والذاتي.
المحاور: اذن سماحة الشيخ في الواقع انتم ايضاً اجبتم على شرط الآخر من سؤال الاخ انور الاحمد بماذا تنفعنا معرفة ذلك واضحاً معرفة هذه العوالم تحصن الانسان من هذا الامر.
الشيخ محمد السند: هي حالة امن روحي وضمانة روحية للسلامة الروحية.
المحاور: وسر تأكيد القرآن الشطر الاول من سؤال لهذه الثمار ثم ثمار اخرى قد لا نعلمها؟
الشيخ محمد السند: في الواقع لا نختصر على الثمار من السعادة الدنيوية بل ثمارها اشرف واثمن في منطق القرآن انا لله وانا اليه راجعون كما في قول النبي وتلميذه علي بن ابي طالب عليهم السلام انتم ابناء الآخرة منها اتيتم واليها تعودون.
المحاور: سماحة الشيخ محمد السند ثمة اسئلة الاخرى وردت من الاخت رقية كاظم والاخ سامي كريم ان شاء الله نعرضها على سماحتكم في لقاء مقبل شكراً جزيلاً.
*******
نتابع احباءنا تقديم هذه الحلقة بحديث شريف يعرفنا باحد اهم الامور التي ينبغي اجتنابها للنجاة من ميتة السوء والعديلة عند الموت وبالتالي للفوز بحسن العاقبة.
الحديث الشريف رواة جملة من العماء منهم الشيخ المفيد في اماليه وكذلك الطوسي وابنه روضان الله عليهم اجمعين في الامالي والمجالس، وهو مسند عن الامام الصادق عليه السلام قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله حضر شاباً عند وفاته فقال له: قل: لا اله الا الله.
فاعتقل لسان الشاب ولم يستطع ان ينطق بشهادة التوحيد رغم ان رسول الله صلى الله عليه وآله قد كرر عليه هذا الطلب مراراً. وعندها قال صلى الله عليه وآله لأمراة كانت واقفة عند رأسه: هل لهذا ام؟
اجابت المرأة: نعم انا امه فقال صلى الله عليه وآله: افساخطة انت عليه؟ قالت: نعم ما كلمته منذ ست حجج فقال صلى الله عليه وآله: ارضي عنه قالت: رضي الله عنه برضاك يا رسول الله!
وعندها قال رسول الله صلى الله عليه وآله للشاب قل: لا اله الا الله فنطق بها الشاب فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ما ترى؟
قال الشاب: ارى رجلاً اسود قبيح المنظر وسخ الثياب منتن الريح قد وليني الساعة يأخذ بكظمي فقال له النبي صلى الله عليه وآله: قل: يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير اقبل مني اليسير واعف عني الكثير انك انت الغفور الرحيم.
فقالها الشاب، فقال له النبي صلى الله عليه وآله انظر ما ترى؟ قال: ارى رجلاً ابيض اللون حسن الوجه طيب الريح قد وليني وارى الاسود قد تولى عني
ثم طلب صلى الله عليه وآله من الشاب ان يعيد تلاوة ذلك الدعاء فلما اعاده قال: ما ترى؟ قال: لست ارى الاسود وارى الابيض قد وليني.
ثم قبضت روح الشاب التائب وهو على هذه الحالة رحمه الله.
يستفاد من الرواية المتقدمة بوضوح ان اسخاط الوالدين خاصة الام هو من اسباب ميتة السوء وان الفوز برضاهما هو من اسباب حسن العاقبة.
*******
سياحت غرب (القسم التاسع)
ثمة امور اخرى تؤدي الى العديلة عند الموت والعجز عن الاقرار بالدين الحق نوكل الحديث عنها الى الحلقة المقبلة اما الآن فنتابع معاً القسم التاسع من رواية (سياحت غرب) ورحلة بطلها في منازل ما بعد الموت.
لا ننسى ان نذكر هنا ان أية الله القوجاني النجفي رحمه الله قد كتب هذه الرواية بالاستفادة مما ورد في النصوص الشريفة فهي لون قصصي يعتمد معطيات حقيقة.
ولا ننسى ان نذكر مستمعينا الاكارم ايضاً بان بطل الرواية يتابع في هذا القسم حكاية مسيرته البرزخية المعبرة عن الصورة الملكوتية لسنوات تكليفه الاولى التي كان الجهل يحكم تصرفاته ويوثر على سلوكياته ولذلك فان رفيقه في منازل هذه المرحلة اسمه جهل ذو منظر قبيح وبليد، وهو اسير اللحظة الراهنة بعيد عن التفكير بالعواقب.
تابعت المسير ورفيقي الجهول يسايرني فوصلنا بعد برهة الى ارض مزروعة بالبطيخ الاحمر فاقتطف واحدة وكسرها وراح ياكلها ودعاني لمشاركته قائلاً: كل فانها تروي العطش.
فأجبته وقد مرت في ذهني العواقب الاليمة لاستجابتي السابقة لدعواته: لابد ان لهذه المزرعة صاحباً ولا يجوز لي الاكل من ثمرها بغير رضاه. سخر جهل من جوابي وقال: ان العطش قد اضر بك فانت مضطر، والمضطر غير باغ ولاعاد فلا إثم عليه كل بافتى وآرو ظمأك.
غلبني الجهل مرة اخرى، فاقتطفت واحدة من ذلك البطيخ وكسرتها، لكني ما ان وضعت قطعة واحدة في فمي حتى شعرت بنار تلهبه لقد وجدتها امر من العلقم فرميت بها وصرخت بجهل: ويحك هذا حنظل وليس بطيخاً احمر فكيف تأكل منه؟
اجاب: بل هو بطيخ حلو لعل التي اخذتها انت كانت حنظلاً فخذ غيرها.
استجبت لجهلي مرة اخرى واخذت اخرى فكانت مرة كالاولى وهكذا الحال مع الثالثة والرابعة بينما كان رفيقي مستمراً بالاكل وبنشوة وهو يقول: ما احلى مذاقها؟!
فاخذت قطعةً من البطيخة التي كان ياكل منها واذا بها اشد مرارة من الاخريات فصرخت به شاتما: احرق الله بيتك كيف تأكل المر وتقول: انه حلو ما اكذبك؟!
فقال: انا صادق في قولي، فهذا طعام حلو المذاق جداً في فمي لانه يناسب طبعي!!
وفجاة هجم علينا كلب صيد ضخم وخلفه رجل بيده عصا وهو يرعد بالسباب قاصداً ضربنا فهرب رفيقي جهل الاغبر، ووصل في طرفة عين الى الجادة اما انا فقد لحق بي الكلب رغم سرعتي في الفرار فوقعت على الارض من شدة الخوف وجاء الرجل واهوى على بدني بعصاه واستمرت ضرباته الموجعة تنهال على ولم يجد شيئاً صراخي باني لم آكل شيئاً من بطيخه فقد رد على قائلاً: لا فرق بين ان تاكل مال غيرك وبين ان تتلفه فقد مددت اليه يد العدوان.
جررت نفسي بمشقة بالغة الى الجادة وانفجرت بالبكاء لما اصابني من جروح وقروح ولبعدي عن رفيقي الهادي ذاك الشاب الطيب الذي انقذني من اهوال القبر في بداية نزولي اليه وقد عرفت انه الصورة البرزخية لمودتي لاهل بيت البنوة عليهم السلام استغثت بالهادي الذي وعدني انه ينتظرني في المنزل الرابع بعد ان اطوي هذه المنازل الثلاثة لبداية التكليف.
لما سمع رفيقي الجهول استغاثتي بالهادي علت وجهه ابتسامة الشماتة وقال: ما الذي يستطيع ان يفعله لك الهادي في هذه المنازل؟ لقد اسعنت بي انت في الدنيا وبذرت بنفسك بذور الاذى الذي تشاهده الآن، فلن يستطيع ان يفعل لك الهادي شيئاً.
منعني قوله هذا من البكاء والاستغاثة بالهادي، فاخرجت من الخرج تفاحة من التفاح الذي وصلني ببركة سورة الفاتحة التي قرأها ذلك الغريب الذي مر على قبري، وهو لا يعرفني. وما ان اكلتها حتى التامت جراحي فتمكنت من متابعة المسير.
ايها الاخوة والاخوات في الحلقة المقبلة نتابع هذه الرحلة ان شاء الله ونختم هذه الحلقة بابيات جميلة انشاها قيس بن عاصم عندما وفد مع جماعة على النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وطلب منه موعظة بالغة.
كانت تلك الموعظة البالغة قوله صلى الله عليه وآله: «لابد لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي وتدفن معه وانت ميت فان كان كريماً اكرمك، وان كان لئيماً اسلمك ثم لا يحشر الا معك ولا تبعث الا معه ولا تسأل الا عنه فلا تجعله الا صالحاً، فانه ان صلح انست به وان فسد لا تستوحش الا منه وهو فعلك».
فانشا قيس بن عاصم الابيات التالية:
تخير خليطاً من فعالك انما
قرين الفتى في القبر ما كان يفعل
ولا بد بعد الموت من ان تعده
ليوم ينادى المرء فيه فيقبل
فان كنت مشغولاً بشي فلا تكن
بغير الذي يرضى به الله تشغل
فلن يصحب الانسان من بعد موته
ومن قبله الا الذي كان يعمل
الا انما الانسان ضيف لاهله
يقيم قليلاً بينهم ثم يرحل
*******