البث المباشر

شرح فقرة: "وأنت ... عصمة من اعتصم بك، ناصر من انتصر بك"

الثلاثاء 26 مارس 2019 - 09:24 بتوقيت طهران

الحلقة 35

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ"يستشير" وهو دعاء علمه النبي (صلى الله عليه وآله) الامام علياً(ع)واوصاه بقراءته طيلة العمر، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه في لقاءات سابقة ونتابع ذلك في مقطع جديد بدأ بقوله (صلى الله عليه وآله): (تكفي من عبادك من توكل عليك، وانت جار من لاذ بك وتضرع اليك)، ثم يقول: (عصمة من اعتصم بك ناصر من انتصر بك) والعبارة الاخيرة أي قوله(ص): عصمة من اعتصم بك ناصر من انتصر بك، هي ان النبي(ص) يحدثنا عن الله تعالى من حيث التوجه اليه عند الشدائد والظواهر هي ان الله تعالى جار من لاذ به وتضرع اليه وهذا ما حدثناك عنه في لقاء سابق، واما الظاهرة الثانية فهي انه تعالى عصمة من اعتصم به والثالثة هي انه تعالى ناصر من انتصر به، والان فان ما نستهدف لفت نظرك اليه هو ان الجار والعصمة والناصر هي صفات خاصة حضرها الدعاء واكدها في سياق خاص هو لجوء العبد الى الله تعالى في الشدة حيث انتخب النبي(ص) هذه الصفات دون سواها لنكات خاصة والا فان الصفات الاخرى المرتبطة بلجوء العبد الى الله تعالى في الشدة من الكثرة بمكان ولكن النكتة هي ان هذه الصفات الثلاث هي الطروحة هنا مما يتعين علينا ملاحظتها حيث حدثناك كما قلنا عن الصفة الاولى وهي انه تعالى جار من لاذ وتضرع اليه؟ وفي حينه اوضحنا لك معنى جار وانها تعني المجير او المنقذ كما اوضحنا النكتة الدلالية في ذلك وقلنا ان من آداب الدعاء شروطه عند الشدة ان يبدأ قارئ الدعاء اولاً بذكر الصفة المرتبطة برفع الشدة الا وهي صفة المنقذ او المجير ثم يتبعها بانكسار القلب وخضوعه لله تعالى حتى يعطي الدعاء نتيجته وهي رفع الشدة لان الدعاء دون ان ينكسر قلب الداعي يظل مجرد عبارات لا فاعلية لها والان بعد ان اتضح ذلك نتقدم ونحدثك عن صفتين آخريين ترتبطان ايضاً باللجوء الى الله تعالى عند الشدة وهما انه تعالى وعصمة وناصر للعبد حيث قالت عبارة الدعاءعصمة من اعتصم بك وناصر من انتصر بك والسؤال المهم الان هو ما هي النكات الكامنة وراء هاتين الصفتين دون سواهما أي صفة انه تعالى عصمة من اعتصم به وناصر من انتصر به؟ هذا ما نحدثك به الان. مما لا شك منه ان احدنا اذا وقع في الشدة فان تطلعنا الى الله تعالى في التخلص من الشدة يقترن بظواهر من اللجوء تعد الاقوى من غيرها في تصورنا للموضوع والاولى من هذه الظواهر هي عملية الاجارة او الانقاذ ذاتها من حيث كوننا نحتاج الى من نحتمي به للفرار من الشدة وهذا ما ينطبق على صفة الجار او المجير الذي نحتمي به ثم نحتمي الى سياج او حاجز مانع شديد بحيث لا نتعرض خلاله الى أي خطر محتمل الوقوع وهذا ما يتمثل في صفة العصمة حيث قال الدعاء عن الله تعالى بانه عصمة من اعتصم به أي الجهة المنيعة التي تمنع من هجم الخطر علينا، وهذا كمن لجأ الى حصن منيع ليتقي به من الاخطار الخارجية اذن الصفة الثانية في هذا المقطع من الدعاء هي الاعتصام بالله تعالى بعد اللجوء اليه بنحو عام.
بعد ذلك تبقى الصفة الثالثة التي يستكمل بها العبد رحلة توجهه الى الله تعالى وطلبه رفع الشدة الا وهي ان الله تعالى ناصر من انتصر به، فما هي دلالة ذلك؟
هنا نلفت نظرك الى نكتة جديدة وهي انك عندما تلتجيء اولاً الى الله تعالى بقلب منكسر ثم عندما تعرف تماماً من جهة ثانية بان من التجأت اليه هو العصمة او الجهة المنيعة التي تقيك من وصول الخطر اليك، عندئذ تتوقع ثالثاً بان هذه الجهة سوف تنصرك ولا تخذلك ولذلك ورد في الدعاء هذا المعنى عندما قالت العبارة او الصفة الثالثة لله تعالى بانه تعالى ناصر من انتصر به حيث ان لجوءك الى الله تعالى ودخولك الى حصنه المنيع، وان تترتب عليه نتائج كبيرة وهي نصرة الله تعالى لعبده فلا يعقل ان تتجه الى الله تعالى بقلب منكسر وندخل الى ساحته المنيعة ثم لا نخرج بنتيجة بل لابد وان ينصرنا الله ويخلصنا من الشدة التي رفعناها الى الله تعالى وتوسلنا به تعالى لازالتها.
اذن امكننا ان ندرك النكات الكامنة وراء هذا المقطع من الدعاء فمع وضوحه ووضوح معانيه الا انه وضوح يقترن بعمق الوعي وبعظمة الله تعالى ورحمته وآداب الدعاء والتوسل به عند الشدائد ومن ثم ضرورة ان نتمسك به تعالى بعامة من حيث الالتزام بمبادئه التي رسمها أي ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة