عسكريا انتصرت غزة على إسرائيل، إذ لم تستطع بقوتها المرعبة الهائلة واسلحتها المدمرة الفتاكة وبعتادها المبيد وجوانبها المفتوحة، ان تستبيح غزة في ليلة وضحاها.
نعم لو احتاجت إسرائيل ليوم كامل لاجتياح غزة، لكانت هزيمة لها بالسياقات العسكرية، لعدم المقارنة بين القدرتين.
وانتصرت غزة عسكريا على قوى الظلام والعدوان التي ملأت آفاق السماء واقطار الأرض ولجج البحار.
وانتصرت إعلاميا، فقضية فلسطين صارت حديث كل بلد وشارع وحي وبيت وطفل وقريب وبعيد. بعد ان نسيت او كادت.
وربما تنتصر انسانيا إن تحركت ضمائر قد ماتت.
وانتصرت غزة على اقلامنا، فالنصر ادواته اليد واللسان والقلم.
تكتب اقلامنا، غالبا، لوما لحر ابى الذل فانتفض مع عدم قدرته على ظالمه، فشتان بين القدرتين، وهنا نعود الى كربلاء مرة اخرى، فمئة مقاتل قبال ثلاثين الفا، هو انتحار او كالانتحار، وكذلك غزة.
وتكتب لوما لمن شجع غزة على الانتفاض، وأنه ورطها لتواجه الذبح والنحر، وكذلك الحسين عرض نفسه وورط غيره للذبح والنحر.
وربما، لو كانت اقلامنا في كربلاء، لأضافت الى مقولة (قتل الحسين بسيف جده) مقولة (قتل الحسين واصحابه بسيفه). نسيت اقلامنا الأمرين (السلة والذلة).
اقلامنا، متى وكيف تنتصر؟
تنتصر حين يكون التركيز والضجيج على المعتدي الهمجي فاقد أدنى ذرة من الإنسانية والرحمة.
تنتصر حين يكون التركيز على أضحوكة اسمها الأمم المتحدة.
تنتصر حين تعمل على إفاقة النفوس من غفوة اكذوبة اسمها العالم المتحضر المتطور، وهو يسند المستبد القاتل الذابح القوي، ويعينه على مجزوره الضعيف المنحور.
تنتصر اقلامنا حين تستنهض الضمائر الميتة في البشرية عموما، وعند المسلمين خصوصا، وعند العرب على الأخص.
تنتصر أقلامنا حين تركز على البعثيين، الذين ملأوا الدنيا عواءا باسم فلسطين وتحريرها، وخططوا واعدوا واستعدوا وعبأوا من اجل العودة الى كرسي حكم العراق، والآن لم يسمعوا بمجازر غزة ولم يكتبوا جملة واحدة، ولم نقرأ لهم اسم فلسطين.
انهزمت اقلامنا حين انشغلت بسجال بينها، بين يائس ولائم وعاتب على غزة ومن يقف مع غزة.
تنتصر اقلامنا حين تقف مع غزة ومن يناصرها بالقول والفعل، ضد إسرائيل ومن يناصرها بالقول والفعل.
بقلم / الدكتور جواد فاهم العبودي
نائب الامين العام لحركة الدعوة الإسلامية/العراق