البث المباشر

تفسير موجز للآيات 50 الى 55 من سورة العنكبوت

الأحد 29 أكتوبر 2023 - 10:08 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 726

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم لك الحمد حمد الشاكرين وصل وسلم على المصطفى الأمين وعلى آله الأطهرين.

إخوة الإيمان سلام من الله عليكم ورحمته.. يسرنا أن نلتقيكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة وتفسير آي من آيات الله البينات.

في هذه الحلقة نتابع تفسير سورة العنكبوت المباركة ونستهله بالآيتين الخمسين والحادية والخمسين:

وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ{50} أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{51}

حفلت الحلقة السابقة بآيات عن حقانية القرآن الكريم والرسالة النبوية الشريفة فيما تبين هاتان الآيتان أن كفار مكة طلبوا أن يأتيهم الرسول (ص) بآيات غير القرآن تعريضاً منهم أنه ليس بآية وزعماً منهم أن النبي يجب أن يكون ذا قوة إلهية غيبية تكنه مما يريد فقولهم "لو لا أنزل عليه" بدل أن يقولوا "لو لا يأتينا بآيات" وهو نوع من السخرية كقولهم "يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين" الآية السابعة، سورة الحجر. فأمر سبحانه نبيه الأكرم (ص) أن يقول لهم "إنما الآيات عند الله" ينزلها ويظهرها بما يفيد عباده وينزل على كل نبي ما هو الأصلح منها له ولأمته.. أهذا لم تتفق آيات الأنبياء كلها وإنما جاء كل نبي بما شاء الله، ثم زاده بياناً بما تتطلبه مهمة النبي (ص) في الإنذار والهداية الى الصراط المستقيم.

ثم رد سبحانه قائلاً "أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم" أي كل ما في القرآن يشهد بأنه من عند الله وقد تحداهم جل وعلا أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، وكشف لهم عن الكثير مما أضمروا وخبأوا، وقص عليهم قصص الأقدمين، وشهد بصدقه المنصفون من أهل الكتاب، وفي ذلك حجة كافية شافية لمن يطلب الحق من معدنه، والمشركون الذين كابروا وعاندوا رسالة محمد (ص) على يقين من ذلك، وما منعهم من اتباع الحق إلا المطامع والمنافع أما قوله عزوجل إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون" ففيه إشارة الى القرآن وأنه رحمة ونعمة لمن يعمل به، وتذكير وموعظة لمن يصدقه ويؤمن بشريعته وآياته.

ما توضحه الآيتان:

  1. معجزة النبي كلام مكتوب خالد للعالمين كلهم.
  2. القرآن، كتاب جامع كامل واف يلبي كل حاجات الإنسان المعنوية والمادية، وتدركه الأجيال كلها وفي العصور كلها.
  3. والقرآن ينأى بالإنسان عن الغفلة وهو الى جانب أهل البيت (ع) خير وسيلة للفوز بألطاف الله ورحمته الواسعة واللامتناهية.

والآن نبقى مع الآيتين الثانية والخمسين والثالثة والخمسين من السورة:

قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{52} وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُّسَمًّى لَجَاءهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ{53}

قوله تعالى مخاطباً النبي الخاتم صلى الله عليه وآله "قل كفى بالله بيني وبينكم شهيداً" أي يشهد سبحانه ويعلم إني قد بلغت رسالته وإنكم كذبتم وأعرضتم وهو "يعلم ما في السموات والأرض" ولا تخفى عليه خافية. لكنكم آمنتم بالباطل وكفرتك بالله فعاقبتكم الخسران أما قوله عزوجل "ويستعجلونك بالعذاب ولو لا أجل مسمى لجاءهم العذاب" ففيه إشارة الى رسول الله (ص) قد دعا ويشار الى التوحيد والعدل وحذرهم عاقبة الشرك والظلم فقالوا تعصباً لباطلهم ائتنا بعذاب أليم.. وكان في قريش من يفضل الهلاك على الخضوع للدعوة المحمدية كرهاً وحقداً لرسول الله – صلى الله عليه وآله – وكم من الناس ينكصون عن دعوة الحق كرهاً بالداعي لا بالحق.. فأجاب سبحانه المستعجلين عذاب الله بأن الله قضى وقدراً أمداً معيناً لعذابهم، ولولاه لأتاهم العذاب في الحال ثم قال "وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون" أي العذاب يأتيهم لا محالة ولكن فجأة ومن غير إشعار ليزدادوا ألماً على ألم، ألم الدهشة وألم الحريق.

دروس الآيتين:

  1. انتهاج الكافرين طريق الكفر والباطل وعدم إيمانهم بالله يجب أن لا يفلا عزيمة المؤمنين ولا يكونا سبباً ليأسهم فإن الله شاهد على ما يفعلون وعاقبة هؤلاء الكافرين الخسران المبين.
  2. إن الله شاهد على صدق رسوله الأمين (ص).
  3. إن غضب الله وسخطه يتسم بالحكمة والدراية والصبر وطول أناة، وإنهما تابعان لإرادة الله ومشيته سبحانه وتعالى لا لإرادة الجاهلين والمعاندين.

والآن نستمع للآيتين الرابعة والخمسين والخامسة والخمسين من سورة العنكبوت المباركة:

يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ{54} يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{55}

تبين الآيتان أن المستعجلين للعذاب غافلون عن أنهم في حصار من عذاب أشد وأعظم وأنه سيطبق عليهم وهم في غفلة معرضون "يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعلمون" هذا اليوم حق لا ريب فيه والحق كائن ومتحقق بالفعل أو يكون ويتحقق في العاجل أو الآجل وإلا لم يكن حقاً، أما نيران هذا اليوم فنعوذ بالله من لجبها تحيط بالمغضوب عليه من جميع جهاته، وتلتحم بلحمة وعظمة حتى إذا صار هباءً منثوراً عادت إليه الحياة من جديد، وعادت النيران الى سيرتها الأولى وهكذا الى ما شاء الله اللهم إني أعوذ برحمتك من غضبك واستشفع إليك بما انطوى عليه قلبي من النصح وحب الخير لجميع عبادك وأنت أعلم بالسرائر.

أفادتنا الآيتان:

  1. تأخير هلاك الكافرين في الدنيا فرصة للتوبة والإنابة إلا أنهم يستفيدون من هذه الفرصة.
  2. لكل عمل باطن يظهر في الآخرة وجهنم الحياة الأخرى صورة أو تجسيد لأعمال الإنسان وما فعله في الحيوة الدنيا.

انتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحيوة، موعدنا أيها الإخوة والأخوات الكرام في حلقة جديدة قادمة إن شاء الله نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة