سلام من الله عليكم أيها الأطائب، طابت أوقاتكم بكل ما تحبون.. أطيب تحية ملؤها من الله الرحمة والبركات نحييكم بها في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج، فأهلاً بكم ومرحباً.
في هذه الحلقة نسعى، أيها الأفاضل، للإجابة عن السؤال التالي:
هل في المتفق عليه من السنة النبوية المطهرة ما يدل على وجود إمام منصوب من الله عزوجل في كل زمان؟
وقد عرضنا أيها الأكارم في الحلقة السابقة سؤالاً عما يدل على ذلك من القرآن الكريم، فوجدنا في كتاب الله أبلغ التصريح بأن الله جعل في كل زمان إمام هدىً يهدي إليه بأمره.
فما هو الحال في السنة النبوية الصحيحة؟ نبحث معاً عن الإجابة فتابعونا على بركة الله..
أيها الإخوة والأخوات، لقد دلتنا صحاح الأحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين على أن من رحمة الله بعباده أنه لم يخل أرضه من حجة له على عباده يهديهم إليه منذ آدم إلى يوم القيامة.
وقد دونت في ذلك كثير من الدراسات التحقيقية إستخرج فيها العلماء المحققون عشرات الأحاديث الشريفة التي تثبت الحقيقة المتقدمة وأثبتوا صحتها نظير مجلدات إحقاق الحق وموسوعة عبقات الأنوار وموسوعة الغدير وغيرها.
ونحن هنا نكتفي بإشارة سريعة إلى ما رواه حفاظ أهل السنة في كتابي البخاري ومسلم ومسند أحمد بن حنبل وغيرهم كثير عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه قال: "لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس إثنان) و(الأمر) المقصود في هذا الحديث هو الإمامة الإلهية المشار إليها في قوله عزوجل في الآية ٥۹ من سورة النساء "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
يدلنا على أن المقصود بالأمر الإمامة هو قرن طاعة أولي الأمر بطاعة الله ورسوله على نحو الإطلاق الأمر الذي يفيد عصمتهم وأنهم منصوبون من الله عزوجل.
وهذا الحديث الشريف دليل على عدم خلو الأرض من إمام قرشي يهدي إلى الله بأمره بعد رسول الله إلى يوم القيامة.
والدلالة نفسها نجدها فيما رواه حفاظ الجمهور كالبخاري في تأريخه وأحمد في مسنده وإبن حبان في صحيحه وإبن أبي شيبة والطيالسي وأبو يعلى والطبراني والبزاز وغيرهم عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه قال: "من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية".
وعلق إبن حبان في صحيحه على الحديث موضحاً معناه بقوله "قال أبو حاتم: قوله – صلى الله عليه وآله - : مات ميتة الجاهلية، معناه: من مات ولم يعتقد أن له إماماً يدعو الناس إلى طاعة الله حتى يكون قوام الإسلام به عند الحوادث والنوازل مقتنعاً في الإنقياد على من ليس نعته ما وصفناه مات ميتة جاهلية".
مستمعينا الأفاضل، أما الأحاديث الشريفة المروية من طرق أهل البيت، فهي كثيرة جداً، جمع عددها منها العلامة المجلسي في الجزء الثالث والعشرين من موسوعة البحار في باب (الإضطرار للحجة) من كتاب الإمامة، نختار بعض نماذجها، فقد روي في كتاب المحاسن عن الإمام الصادق – عليه السلام – قال: "لما إنقضت نبوة آدم، أوحى الله عزوجل إليه أن: يا آدم قد إنقضت نبوتك.. فانظر ما عندك من العلم والإيمان وميراث النبوة.. والإسم الأعظم فأجعله في العقب من ذريتك عند [ولدك] هبة الله، فإني لن أدع الأرض بغير عالم يعرف به طاعتي وديني ويكون نجاة لمن أطاعه".
وجاء في حديث قدسي آخر روي في كتاب علل الشرائع مسنداً عن الصادق – عليه السلام – قال: إن جبرئيل نزل على محمد – صلى الله عليه وآله – يخبر عن ربه عزوجل فقال له: "يا محمد، [إني] لم أترك الأرض إلا وفيها عالم يعرف طاعتي وهداي ويكون نجاةً فيما بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر، ولم أكن أترك إبليس يضل الناس وليس في الأرض حجة وداع إلي وهاد إلى سبيلي وعارف بأمري، إني قد قضيت لكل قوم هادياً أهدي به السعداء ويكون حجة على الأشقياء".
وروي في الكافي عن الإمام محمد الباقر – عليه السلام – قال: لما نزلت هذه الآية "يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ" قال المسلمون: يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من أهل بيتي يقومون في الناس، فيكذبون وتظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم فمن والاهم واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنا منه بريء".
وفي تفسير علي بن إبراهيم – رضوان الله عليه – عن إمامنا الصادق – عليه السلام – قال: (المنذر رسول الله – صلى الله عليه وآله – والهادي أميرالمؤمنين – عليه السلام – بعده والأئمة – عليهم السلام – وهو قوله عزوجل "وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ".. ثم قال – عليه السلام - : "في كل زمان إمام هاد مبين وهو [أي الآية الكريمة المتقدمة] رد على من ينكر أن في كل عصر وزمان إماماً وأنه لا يخلوا الأرض في حجة، كما قال أميرالمؤمنين –عليه السلام-: لا تخلوا الأرض من قائم بحجة الله، إما ظاهر مشهور وإما خائف مغمور لئلا تبطل حجج الله وبيناته".
إذن، مستمعينا الأطائب، ما تقدم جواب سؤال هذه الحلقة وهو أن الأحاديث الشريفة ومن طريق الفريقين في الدلالة على وجود إمام منصوب من الله عزوجل لهداية الخلق بأمره عزوجل في كل زمان من عهد آدم إلى يوم القيامة.
وهنا نسأل: ما هي صفات هذا الإمام أو الشروط التي يجب أن تتوفر فيه؟
جواب هذا السؤال نتناوله معاً بإذن الله في الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) نشكر لكم طيب المتابعة ولكم ومن إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات وفي أمان الله.