ودعا التقرير الحكومات إلى وضع علامة واضحة على عبوات الملح، وزيادة الوعي العام بالمخاطر الصحية لتناول الكثير من الأطعمة المالحة.
ويرى مدير إدارة التغذية من أجل الصحة والتنمية في منظمة الصحة العالمية، فرانشيسكو برانكا، أن الإفراط في تناول الصوديوم يعد عامل الخطر الأكبر لنظام غذائي غير صحي، وهو مسؤول عن 1.8 مليون حالة وفاة سنوياً.
وتشير استطلاعات للرأي أجرتها الحكومة البريطانية، إلى أن أشخاصاً كثيرين يميلون إلى تناول رقائق البطاطا بدلاً من الشوكولاتة. أو بمعنى أدق، يضعون هذه الرقائق على رأس أولياتهم، ما يظهر امتلاكهم رغبة كبيرة في تناول المزيد من الملح. على سبيل المثال، يستهلك تسعة من كل عشرة أميركيين أكثر من كميات الملح الموصى بها في الأنظمة الغذائية.
ويتسبب فائض هذه الكميات في ارتفاع ضغط الدم، ما يزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وبينها النوبات القلبية والسكتة الدماغية، بحسب تقارير أصدرها المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وتشير أرقام أخرى لمنظمة الصحة العالمية إلى أن معظم الناس يستهلكون حوالي 10.8 غرامات من الملح يومياً، أي أكثر من ضعف المعدل الموصى به. ويعد تناول الكثير من الملح أحد أسباب الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التي تؤدي إلى وفاة نحو 17.9 مليون شخص سنويا، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
ومن جهته، يقول اختصاصي أمراض الضغط وأمراض القلب والأوعية الدموية فادي شرف: “يعد الملح من المسببات الرئيسية لأمراض القلب والكلى، لكن أشخاصا كثيرين يتجاهلون تأثيراته السلبية، ويتعمدون وضع الملح على الطعام من أجل تحسين طعمه. وفي العادة تحتوي أطعمة الخضار واللحوم والدجاج على كميات طبيعية من الصوديوم تكفي احتياجات جسم الإنسان، لكن تطور فنون الطهي يفرض إضافة ملح الصوديوم إلى الطعام، ما يزيد رغبة الناس في تناوله، وينعكس سلبا على صحتهم”.
ويتحدث شرف عن أن “زيادة كميات الملح في الطعام، أو تناول أطعمة مصنّعة تحتوي على كميات أكبر من الملح الموصى به، يتسببان في أمراض خطرة، بينها زيادة نسبة الأملاح في الجسم التي ترفع ضغط الدم، وكذلك على حبس السوائل في جسم الإنسان، ما يزيد حجم الكتلة الدموية، ويرتفع الضغط، لذا ينصح الأطباء دائماً بضرورة تخفيف كميات الملح المتناولة”.
وينصح أخصائيو التغذية بضرورة تجنب تناول الملح لدى اتباع حمية غذائية. وهم يعتبرون أن الأطعمة الطبيعية تحتوي أصلا على كميات من الصوديوم تكفي لتزويد الجسم بالأملاح والفيتامينات الضرورية. وتقول اختصاصية التغذية سالي السيد: “من المهم جدا عند اتباع حمية غذائية تجنب تناول الأطعمة المملحة صناعيا، وأيضا الابتعاد عن إضافة الملح إلى الطعام، لأنه يزيد حبس السوائل في الجسم، وبالتالي الوزن”.
وتتحدث السيد عن أن أنواعا من الأطعمة تزود جسم الإنسان بملح الصوديوم من دون الحاجة إلى إضافة ما يسمى ملح الطعام، “فكل الخضار تحتوي على نسب منخفضة من الصوديوم، مثل السبانخ والهندباء والملوخية التي لا تحتاج إلى إضافة ملح إليها، كذلك لا تحتوي الحبوب على كميات كبيرة من الصوديوم، ويمكن تناولها من دون إضافة ملح الطعام، وبينها الكينوا والشعير والقمح والأرز البني والشوفان والفاصولياء”.
وتنصح أيضاً “بتجنب الأطعمة المجمّدة، واستبدالها بالطازجة، باعتبار أن الأطعمة المجمّدة تحتوي على كميات إضافية من الصوديوم، لذا يُنصح الناس عادة بقراءة محتويات الأطعمة المجمّدة، ومعلومات نسب الملح التي تحتويها”.
وبين التأثيرات السلبية الأخرى لتناول الملح زيادة معدلات السمنة، فتناول نظام غذائي بنسبة ملح عالية على المدى الطويل يزيد معدل الإصابة بالسمنة، ومقاومة الأنسولين ومتلازمة التمثيل الغذائي، بحسب ما تنقل مجلة “ذا ناتشور” الطبية عن دراسة كشفت أن “تناول كميات كبيرة من الملح ينشط مسار اختزال الألدوز – فروكتوكيناز في الكبد، ما ينتج الفركتوز الداخلي، كما يحفّز الملح الشهية من خلال الإنتاج الداخلي للسكر وعملية الأيض”.
وخلصت الدراسة التي حللت بيانات أجريت على 13.000 من البالغين الأصحاء في اليابان، إلى أن تناول كميات كبيرة من الملح الأساسي يمكن أن يتنبأ بتطور سمات متلازمة التمثيل الغذائي، بما في ذلك مرض السكري والكبد الدهني، حتى بعد ضبط إجمالي السعرات الحرارية المتناولة.
يذكر أن الحد الأقصى الموصى به لتناول الملح هو 6 غرامات لما فوق سن الـ11، و5 غرامات للعمر بين 7 و10 سنوات، و3 غرامات للعمر بين 4 و6 أعوام، وغرامان للعمر بين سنة و3 سنوات، وغرام واحد لأقل من سنة.