ويشير التقرير، الذي نشر اليوم الأربعاء، إلى أن الحكومة الألمانية أنكرت مراراً استخدام أسلحة وتكنولوجيا ألمانية في حرب اليمن من قبل السعودية والإمارات، ومؤخراً وعلى هامش مؤتمر ميونيخ للأمن لهذا العام الذي عقد منتصف الشهر الجاري، صرح وزير الاقتصاد الألماني بيتر آلتماير لـ (DW) أنه "ليس على علم بالأسلحة المصدرة من ألمانيا في النزاع اليمني"، مضيفاً: "لم أسمع بأي أخبار عن هذا الأمر حتى الآن".
لكن "DW"، وبالاشتراك مع إذاعة "بايريشر روندفونك" الألمانية، ومجلة "شتيرن"، ومكتب التحقيقات الاستقصائية الهولندي "لايتهاوس ريبورت"، وشبكة "بيلينغكات" للتحقيقات الاستقصائية، تمكنت من اصطياد لقطات مفتوحة المصدر من مواقع "تويتر" و"يوتيوب" و"جوجل إيرث"، بالإضافة إلى تقارير إخبارية وصور من الوكالات، ظهر فيها وجود أسلحة ألمانية.
ورصد التقرير وجود مركبة أوشكوش أمريكية الصنع يقودها مرتزقة سودانيون، وهي عربة مصفحة تصلح لجميع التضاريس، ومزودة بمنصة سلاح آلية من نوع "Fewas" من إنتاج شركة "ديناميت نوبل الدفاعية"، وهي شركة تتخذ من مدينة بورباخ في الشطر الغربي من ألمانيا مقراً لها.
ويسمح موقع منصة السلاح "Fewas" على المركبة المدرعة بـ "تسهيل" التتبع التلقائي للهدف، وهو ما يعني أنه بمجرد أن يحدد المشغل هدفاً، فإن منصة الأسلحة تلاحقه تلقائياً.
في عام 2009 وافقت الحكومة الألمانية على تصدير منصات "ديناميت نوبل" وقطع غيار بقيمة 81 مليون يورو إلى الإمارات. وتعد المشاهد والصور التي أمكن الحصول عليها للقوات الإماراتية العاملة في جنوب اليمن شائعة، وكذلك مركبات أوشكوش، وقد جٌهِّز أغلبها بمنصات "Fewas".
كذلك عثر الفريق بالصدفة على مدافع "هاوتزر" بهياكل ومحركات ألمانية الصنع، وهي تطلق النار على منطقة سيطرة الحوثيين عبر الحدود السعودية، وذلك على الرغم من المبادئ التوجيهية للأسلحة الألمانية التي تحظر صراحةً تصديرها إلى الدول المشاركة في نزاعات مسلحة، إلا إذا كانت في حالة دفاع عن النفس.
وفي مواقع أخرى من اليمن كانت هذه شاحنات من نوع "MAN"، من المحتمل أن تكون قد أُنتجت وصدرت إلى الإمارات من قبل "RMMV"، وهي مشروع مشترك بين شركة الدفاع الألمانية العملاقة راين ميتال وشركة "MAN" النمساوية المصنعة للشاحنات.
في اللقطات التي شاهدها الفريق شوهدت شاحنات "MAN" في اليمن تحمل الدبابة الفرنسية الصنع ليكليرك، المجهزة بمحرك ألماني الصنع.
كما تعرف الفريق على دبابة ليكليرك مغطاة بطبقة إضافية من الدروع، على الأرجح "درع مجمع خفيف الوزن تفاعلي قابل للتعديل"، والمعروف اختصاراً بـ "كلارا"، وهو نوع من الدروع التفاعلية التي تحمي من المتفجرات، والتي صممتها شركة "ديناميت نوبل" الدفاعية الألمانية.
في الحرب الجوية أيضاً تؤدي التكنولوجيا الألمانية دوراً هاماً وربما حاسماً، فقوام القوة الجوية السعودية هو طائرات مقاتلة حصلت عليها من الولايات المتحدة وأوروبا، ومن ذلك طائرات "بانافيا تورنادو" التي بناها اتحاد شركات ألمانية وبريطانية وإيطالية.
الكثير من مكونات تورنادو، ومن بينها جسم الطائرة المركزي ونظام الوقود والمحرك، هي صناعة ألمانية، إذ تشكل طائرات "تورنادو"، ونموذجها اللاحق لها "يوروفايتر تايفون"، جزءاً كبيراً من طائرات سلاح الجو السعودي.
كما أن سلاح الجو السعودي يستخدم طائرة نفاثة للتزود بالوقود، وهي طائرة رمادية ضخمة يمكنها تزويد الطائرات الأخرى بالوقود في الجو، ما يسمح لتلك الطائرات بتنفيذ مهام قتالية وعمليات قصف لوقت أطول: طائرة الإيرباص "A330 MRTT"، وهي النموذج العسكري المحور من الطائرة المدنية طراز "A330"، والتي بنتها إيرباص، وهو كونسورتيوم أوروبي متعدد الجنسيات.
تحتوي الطائرة على الكثير من المكونات الهامة ألمانية الصنع، وسبق أن طلبت السعودية ست طائرات منها؛ فيما طلبت الإمارات ثلاثاً.
يشار إلى أن الائتلاف الحاكم بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل وقَّع اتفاقاً ائتلافياً في أوائل 2018، حظر تصدير الأسلحة إلى أي دولة ضالعة "بشكل مباشر" في الحرب باليمن.
ومع ذلك، استمر اعتماد صادرات الأسلحة إلى كل من السعودية والإمارات في الأشهر التسعة الأولى من 2018، كما وقع مجلس الأمن الاتحادي المكون من المستشارة وقيادات وزارية سراً صفقة أسلحة تبلغ قيمتها نحو 416 مليون يورو إلى السعودية.
لكن الحكومة الألمانية أجبرت، عقب الغضب العارم الذي سببه مقتل الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر الماضي، على تعليق جميع الصادرات العسكرية إلى الرياض.