البث المباشر

الشيخ محمد جواد البلاغي

الإثنين 25 فبراير 2019 - 09:16 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 499

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. ومن مفاخر الصادقين وهو ثمرة من ثمرات مدرسة الامام امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، نابغة دهره المفسر والفيلسوف المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي قدس سره، هذا العالم الجليل من مواليد النجف الاشرف عام 1285 هجرية، نشأ وبرع في الفقه والعلم واطلع على الكتب السماوية واتقن اللغات المختلفة بما فيها اللغة العبرية، الملاحظ انه في ذلك العهد يعني قبل 150 عاماً ما كانت تتيسر لا المصادر ولا الوسائل ولا طرق تبادل المعلومات وكان من الصعب الحصول على وثيقة او مصدر فكان امراً شبه مستحيل ان يتحرك عالماً بهذا المستوى وبهذه القدرات لذلك تسلطت الاضواء على هذه الشخصية العظيمة لقابلياتها يعني عمره لم يتجاوز الاربعين عاماً كان يتقن لغات مختلفة واصبح في طليعة المفكرين الذين اكتشفوا الالعابيب والمداخلات التي ادخلت الى الاناجيل والتوراة، هو يعني من الاوائل الذي اكتشف هذه اللعبة وكيف ان هذه الاناجيل والتوراة الموجودة الان في الكنائس والصوامع هي ليست الكتب السماوية الحقيقية التي انزلت من السماء وانما رجال الاكيروس اضافوا وبتروا وغيروا.
المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي هو احد الذين دونوا البشارات التي وردت في كتب السماء مبشرة بشخصية الرسول صلى الله عليه واله وصفاته وعظمته، في الواقع هذا الرجل العظيم ابدى خدمات متعددة ومتنوعة وبالخصوص على المستوى الحضاري والتراثي، هناك لهذا العالم الكبير اكثر من ثلاثين مؤلفاً وابرزها تفسيره الضخم المسمى بآلاء الرحمن وان كان يبدو تفسيراً مختصراً ولكنه بمضمونه وبمحتوياته يعتبر من التفاسير المهمة، ثم ضمن مؤلفاته المهمة كتابه المشهور بالرحلة المدرسية، يعرف هذا الكتاب بالمدرسة السيارة، كان اساتذتنا في النجف الاشرف يؤكدون على ان هذا الكتاب لايمكن استيعابه بقراءته مرة واحدة بل يحتاج الطالب، طالب العلم الى قراءته عدة مرات وكانوا ايضاً اساتذتنا في النجف الاشرف يؤكدون على ان من يفهم هذا الكتاب فهماً دقيقاً فأنه يصبح عالماً، هذا كتاب الرحلة المدرسية موجود في المكتبات و هو من النفائس في الواقع، ايضاً من نفائس مؤلفات هذا العالم الكبير كتابه الهدى الى دين المصطفى هذا ايضاً الكتاب كتاب قيم واستطيع ان اقول قليل النظير ان لم يكن عديم النظير وهذا الكتاب هو لمحتويات مناظراته مع رجال الاديان من احبار واكيروس، مسيحيين، يهود وغيرهم وقد سمعت من بعض الاساتذة المسنين ان له مؤلفات اخرى مهمة اما غيبت او اتلفت.
اما على مستوى الادب فالمرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي شاعر فحل قرأنا له مثلاً قصيدة تشتمل على مئة واثني عشر بيتاً نظمها جواباً على اسئلة واستيضاحات حول الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه ويعالج فيها بعض الشكوك التي اثارها المتخرصون فهو يرد عليها من خلال هذه القصيدة بأدلة وجدانية وعقلية ومطلع هذه القصيدة هو: 

اطعت الهوى فيهم فعافاني الصبر

فها انا مالي نهي ولا امر

ثم يصف اهل البيت روحي لهم الفداء بقوله:

انست بهم سهل القفار ووعرها

فما راعني منهن سهل ولا وعر

فكم في ينابيع المودة

هذا جميل البيت، كأنه ضمن القصيدة يشيد، لأكمل البيت:

فكم في ينابيع المودة منهلاً

نميراً به يشفى لواردها الصدر

بهذين البيتين يشيد بما كتبه المرحوم القندزي البلخي في كتابه ينابيع المودة والذي اورد في كتابه هذا فضائل اهل البيت وجمعها من مصادر غير شيعية، تلاميذه كانوا يؤكدون على ان هذا العالم الكبير من صفاته ومن اخلاقه احترامه للوقت، كان ينئى عن الحديث الغير لازم ويتجنب أي كلام لاجدوى فيه وهذه ملكة وليس من السهل الالتزام بها، ان الانسان يقنن كلامه من اجل ان يستفيد من الوقت فلا يتحدث الا في مسألة علمية او فقهية او حديث نافع.
اما بالنسبة الى حياته الخاصة، كان هذا العالم الجليل جاهداً في حياته بسيطاً في معاشه وفي ملبسه وسكنه، عشر سنوات اقام في سامراء يتلمذ على يد المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي ثم عاد الى النجف الاشرف وكان من ابرز تلامذة المرحوم الشيخ محمد طه نجف والمرحوم الاغا رضا الهمداني والملا كاظم الاخوند الخراساني.
اما على المستوى السياسي كان المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي علماً بارزاً في الجهاد السياسي يعني مقاومة الاحتلال البريطاني، الغزو البريطاني للعراق وكان يعتبر عنصراً ناشطاً في الحركة الجهادية الى جانب الميرزا الشيرازي رضوان الله عليه وطبعاً المجال لايسع، نشر العلم، مثلاً كان يسافر سفرات عديدة لبعض الاقطار الاسلامية وادى رسالته وقدم عرضاً وافياً وفياً عن اهل البيت والاسلام الاصيل وكان اذا دخل الى بلد التلاميذ الخاصين به يقولون اذا دخل بلداً او قرية لايخرج الا بعد ان يحدث تغييراً في طبيعة اهلها الاجتماعية وخصوصاً الناشئة الجديدة.
نهاية المطاف ان هذا العالم الجليل بعد هذه الخدمات وهذا العمر المليء والثري بالحسنات ابتلي بمرض عضال وبالتالي نادته السماء فلبى ندائها وتوفي رحمه الله في شهر رمضان المبارك عام 1352 وقال عنه المرحوم السيد ابو الحسن الاصفهاني اعلا الله مقامه حينما رثاه بأن المرحوم البلاغي ترك فراغاً لايستطيع ان يسد هذا الفراغ احد وحمل جثمانه من مدينة الكاظمية الى النجف الاشرف و وري الثرى في الصحن الحيدري في الحجرة الثالثة على اليسار من باب الطوسي للصحن الشريف.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة