البث المباشر

عبد الكريم الحائري اليزدي

الإثنين 25 فبراير 2019 - 09:14 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 496

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين. ومن اعمدة الصادقين ومشاهير الصادقين هو مجدد الحوزة العلمية في قم المقدسة المرحوم المرجع الديني الكبير الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي تغمده الله بواسع رحمته.
طبعاً هذا الرقم المبارك هو من مواليد مدينة يزد في ايران عام 1276 هجرية ومبدأ تحصيلاته العلمية كان في مدينة يزد شب من صغره محباً للعلم وانتهال المعرفة وساقه هذا الشوق الى الهجرة والتنقل عبر اوطان متعددة فمن يزد الى العراق، الى سامراء، الى كربلاء يعني هو يعرف بالحائري، قطن مدة في كربلاء، الى كربلاء، الى سامراء، الى النجف الاشرف ثم الى كربلاء ثم الى مشهد المقدسة ثم الى قم المقدسة ليستقر فيها اخيراً ويودع الحياة.
شاء الله لهذا الرجل ان تكون له هذه السمعة والشهرة في احياء الحوزة العلمية في قم وطبعاً انا اوضح هذا الامر او هذه النكتة ان مدينة قم هي من مراكز دعم الامامة منذ القدم يعني تواجد الحوزة العلمية في قم ليس محدوداً او مربوطاً في زمن وفترة المرحوم الشيخ عبد الكريم الحائري لا، قم لها دور غراء ولها مكانتها منذ القرن الثاني الهجري او قبل القرن الثاني وما هو معروف من موقفهم من الائمة، من الامام الرضا، موقف اهل المدينة، دعبل بن علي الخزاعي والقاءه القصيدة هنا في مدينة قم ثم بعد ذلك كانت من المراكز الصيرفية التي تمول اهل البيت، كان فيها شخصيات علمية وحوزة علمية غنية وفيها اقطاب اهل العلم كالقطب الراوندي، كزكريا بن ادم القمي او ابن بابويه الصدوق الاول وغيرهم ولكن بسبب الهجمات والفتن وغارات النواصب تعطل وضعها ثم هناك صارت حالات، اقدار ادت كالسيول، كالزلازل بعثرت وضع المدينة وغاب التواجد الحوزوي او الوجود العلمي لفترة طويلة من الزمن لكن بوصول وجهود المرحوم الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي رحمه الله والذي استوطن فيها اعاد هذا الكيان فصار يعرف المرحوم الشيخ عبد الكريم الحائري بأنه مؤسس الحوزة، طبعاً المرحوم الحائري قلت هو انتقل من يزد الى العراق وبقى في سامراء فترة درس ثم انتقل بعد ذلك الى كربلاء وبعدها الى النجف الاشرف واصبح من المتفوقين من بين تلاميذ المرحوم صاحب الكفاية الملا محمد كاظم الاخوند الخراساني وفي كربلاء ايضاً ربى جيل من الطلبة وهو كان متعلقاً بشدة بزيارة الحسين عليه السلام فربى مجاميع كبيرة من الطلبة وبعد ذلك استقر في نظره العودة الى ايران، كأن الفتن ازدادت ايام الحرب العالمية الاولى ووصل الى ايران وايران ايضاً تعج بالمشاكل السياسية وبالفتن فجاور حرم الامام الرضا عليه السلام وبقى في مشهد ايضاً هناك يدرس ويباحث وصار له شأن علمي كبير ثم بعد ذلك قرر ان ينتقل او يعود الى مدينته وهي يزد لكن مر في الطريق بمدينة قم المقدسة فأهل الاطلاع ينقلون يقولون ان لما مر بقم مر زائراً لها، اهل المدينة لما علموا بوجود هذا العالم المعظم في المدينة تمسكوا به على ان يبقى عندهم للتدريس ولشغل المرجعية فبعد الحاحهم وافق ان يبقى في قم وهنا شاء الله ان تكون البركة في اقامته بحيث تستعيد قم المقدسة دورها ومكانتها العلمية فأصبح مشتغلاً بالتدريس وصار الطلاب يتقاطرون على مدينة قم من كل صوب ومن كل حدب فكتبت برامج دراسية ومدارس تغص بالطلبة واصبحت هناك مراحل للدراسة وتنظيم جداً دقيق وكان المرحوم يقوم بأعباء اعاشتهم واعالتهم وتربيتهم اخلاقياً وعلمياً وهو قرر انذاك يعني في ذلك التاريخ مناهج الامتحان السنوي كي يشوق المتفوقين من الطلبة اما مرجعية المرحوم الحائري اليزدي طبعاً بعد وفاة المرحوم الميرزا محمد تقي الشيرازي والمرحوم شيخ الشريعة عامة الناس في ايران رجعوا الى تقليد المرحوم الشيخ عبد الكريم الحائري، صارت تجبى اليه الاموال من سائر البلدان وكان رحمه الله يتصف بصفات عجيبة وهي اقرب ما تكون من صفات الاقتداء بالائمة سلام الله عليهم مثلاً فتح باب بيته نزلاً للضيوف العابرين والوافدين وكان هذا العالم الكبير لايتصرف بالاخماس الشرعية لمصرف بيته وعائلته الا حسب الضرورة وكان لايتصرف الا بنفس المبالغ التي كان يعطيها للطلبة العاديين واشتهر بلباسه البسيط حتى ان البعض من التجار كان يعرض عليه الملابس الجديدة الراقية كان يرفض لبسها تأسياً بالطلاب العاديين فيذكرون هنا طريفة او حالة من الحالات الطريفة انه كان يتوضأ في يوم من الايام فأحد الطلبة استغفله وبدل عباءته بعباءة المرحوم الشيخ الحائري والشيخ بعد ما اكمل وضوءه ومشى قليلاً ولبس العباءة لاحظ بأنها مرقعة ممزقة تحير وعرف ان هذه ليست عباءته فرجع الى نفس المكان واطلع على الامر فخجل ذلك الطالب واعاد له العباءة فسأله الشيخ فقال له لماذا فعلت هذا فأجابه بمزحة وقال مولاي انا عبائتي ممزقة وانا لما البسها لااحد يأتي لي بعباءة جديدة لكن انت لما تلبسها فوراً يبادر هذا وذاك ويأتي لك بعباءة جديدة فتأثر المرحوم الحائري اليزدي ونزع عباءته وقدمها لذلك الطالب واصبحت هذه هي الحالة يقولون سبب بأن يوصي الشيخ زوار النجف من التجار ان يأتوا له بعباءات من النجف الاشرف ويوزعها على الطلاب في حوزة مدينة قم المقدسة.
تصرفه المالي ووضعه الخاص، طبعاً وقت البرنامج لايسمح لكن نترك الحديث هنا للمرحوم السيد محسن الامين العاملي والذي يقول عنه في كتابه اعيان الشيعة، يقول المرحوم، طبعاً كلام المرحوم الامين طويل لكن اخذت منه هذا اجمالاً، يقول عام 1353هجرية مررنا بقم، زرنا الشيخ الحائري ونزلنا في داره ولاحظنا تلاميذه وهم ما يقارب الالف طالب وقد انحصرت به الرئاسة العلمية ووجدنا اسلوبه في التصرف في الاخماس فقد عين لجنة من اخيار التجار وحصر عندهم الاخماس وامرهم بتسنيد حاجات الطلبة وكان يأخذ منهم يعني من التجار ما يأخذ الطالب العادي ولم يسمح لأي احد ان يأخذ من هؤلاء بأسمه، منعهم كتبياً من اعطاء اي مبلغ لأي احد من منتسبيه وهذا يدل على خوفه من الله.
يقول السيد الامين بأن سيلاً عظيماً في تلك السنة داهم مدينة قم وخرب حوالي ثلاثمئة منزل فتحرك الشيخ الحائري رحمه الله واهاب بأهل الخير فأنهالت عليه المساعدات واعاد بناء هذه المنازل بهمته العالية.
هذا الرجل العالم تخلد اسمه هذا الرجل العظيم الشيخ عبد الكريم الحائري بأنه مجدد الحوزة العلمية في قم المقدسة وطبعاً انا هنا اذكر انه لم يسلم من التهم والافتراءات من الحساد من بعض اقرانه.
توفي المرحوم الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي في عام 1355 هجرية وكان لوفاته صدمة وفراغ كبير احدثها في اجواء الحوزات العلمية وفي ذلك الزمن لم يشاهد تشييعاً يماثل تشييع هذا العالم الجليل وقلت المخلد بهذا العنوان انه محي الحوزة العلمية.
دفن هذا العالم المعظم بجوار السيدة المعصومة سلام الله عليها، تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة