الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. من اعيان الصادقين ومن وجهاء المخلصين لخط أهل البيت وأحد اركان الدفاع عن مظلومية اهل البيت هو العالم والحكيم والفيلسوف واستاذ المتكلمين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي المشهور بالخواجة نصير الدين الطوسي (رحمة الله عليه)، عندما يزور الزائر حرم الأمامين الجوادين (صلوات الله وسلامه عليهما)، في الرواق من الجوانب الاربعة مليء بمشاهد ومراقد الكثير من العلماء الكبار ومن شخصيات أهل البيت كالحسين بن الحجاج، كالشيخ المفيد اعلا الله مقامه، كالخواجة نصير الدين الطوسي، حياة المرحوم الخواجة نصير الدين الطوسي مشوبة بعدة شوائب صنعتها الحملات المسعورة ضد أهل البيت ومن يخدم أهل البيت ويكون في خط أهل البيت عليه ان يتحمل أمثال هذه التهم وحتى الضربات وحتى قطع الرؤوس وهو ما نشاهده اليوم في العراق وفي باكستان وفي افغانستان، على كل ولاء أهل البيت ومحبة الرسول وآل بيت الرسول له ثمن.
الخواجة نصير الدين الطوسي هو من مواليد طوس، طوس مشهد بايران ولادته 597 هجرية يعني هو يعتبر من شخصيات التاريخ، تاريخ الإمامية في القرن السابع الهجري، أبوه من كبار الفقهاء، نشأ في البداية في كنف والده، مباديء العلم ومباديء الفلسفة اخذها من والده وأبوه أوصاه ان لا يبقى راكداً وان يتحرك الى مراكز العلم والمعرفة وفعلاً بعدما توفي والده تنقل في عواصم ومدن علمية عديدة وكان يغترف بشكل خارق العادة وصار شخصية يشار اليه بالبنان، العلامة الحلي كما في أعيان الشيعة يقول كان هذا الشيخ أفضل أهل زمانه في العلوم العقلية والنقلية وهو استاذ البشر والعقل الحادي عشر. الخواجة نصير الدين الطوسي علا نجمه وأصبح منفرداً في زمانه بما تعرف بالحركة النهضوية يعني هو تبنى حركة النهضوية في العالم الاسلامي ولن ينحصر علمه وعطاءه على الفقه او الاصول او الامور الكلاسيكية كما نقول، لا وإنما كان هو متفوق في كل الأصعدة، في الجبر، في الهندسة، في الرياضيات، في الفيزياء، وكل هذه العلوم اتقنها في ريعان شبابه، انا من خلال هذا البرنامج المبارك وهذه الدقائق وان كانت معدودة وقليلة أود ان اشير الى نقطة وهذه النقطة هي طبعاً توفر فرصة للحاقدين على أهل البيت وهو مسألة علاقة الخواجة نصير الدين الطوسي مع هو لاكو الدكتاتور المشهور، هذا المقطع من حياة الشيخ نصير الدين الطوسي حساس وبالغ الأهمية، تعاونه مع هولاكو في اسقاط الدولة العباسية هذا لا أساس له، راح من يحقد على الاسلام وعلى آل البيت يتهم الشيخ خواجة نصير الدين الطوسي والوزير محمد العلقمي (رحمه الله) بهذه التهم، بأن هذين الشخصين مهدا للحاكم المغولي هولاكو، لا، الدولة العباسية سقطت بسبب دواعي متعددة وآخرها هو إنفلات وإنحلال الخليفة المستعصم والخ...، اما الخواجة نصير الدين الطوسي شاهد حملات الإبادة للشيعة التي قادها هولاكو ولما هجم هولاكو على بغداد والمدن الاخرى، عشرات الآلاف من الشيعة قتلوا، مئات من الخطباء والعلماء قتلوا الا ان الخواجة نصير الدين الطوسي بفضل التروي والمتانة وخلقه العالي وايقاعه في حديثه حيث انبهر به هولاكو واعجب به واخذ ينفذ الشيخ خواجة نصير الدين الطوسي الى نفس هولاكو فكان يصغي لإقتراحاته ومن جملتها كما هو مذكور في التاريخ ومدون، انشاء مرصد مراغة،مركز فلكي نجومي يشكل ظاهر حضارية للعالم الاسلامي وأوّد ان اركز بكل دقة بأن من نجا من العلماء الشيعة ووجهاء الشيعة، نجوا من حملة الإبادة هذه بفضل علاقة الخواجة نصير الدين الطوسي بهولاكو، لهذا حديث طويل وكلام كثير، كان يصغي وان كانت هناك خطط كيدية كثيرة وخبيثة كانت تعمل على زرع الفتنة والعداء بين الخواجة نصير الدين الطوسي والحاكم المغولي وكذلك ابنه وكذلك حفيده اما بدوافع الحسد او بدوافع الحقد الطائفي، المرحوم الخواجة نصير الدين الطوسي اغنى الحضارة الاسلامية بمؤسسات ومراكز ومؤلفاته زادت على الخمسة وثمانين مؤلفاً في مختلف الفنون، حقول خدمات الخواجة نصير الدين الطوسي بخط اهل البيت وتراث اهل البيت هو موقفه او مساهماته الأدبية لان صحيح الرجل بداية هو من طوس لكن هو عربي التربية اسلامي النشأة وتأثر بالثقافة العراقية ‌والأدب العراقي ونظم الشعر، يعني لما نقف على ديوان الخواجة نصير الدين الطوسي نقرأ شعره الفارسي لا نعقل انه ينظم العربي مثل هذا، ولما يأتي القاريء العربي ويقرأ قصائده العربية‌ فلا يعقل ولا يصدق انه له اشعاراً باللغة الفارسيه يضاهي هذا الشعر، في الواقع هذه ملكة عالية وقدرات نادراً ما توجد عند البشر، لم يكن شعره كلاماً رخيصاً في مدح هذا وذاك والاطناب،‌ حصر شعره وادبه في نشر فضائل آل الرسول في مديح الامام علي بن ابي طالب، مثلاً‌ اذا فاض طوفان المعاد فنوحه، من هو نوحه؟ يعني يوم الغرق، يوم الخوف، اذا فاض طوفان المعاد فنوحه علي واخلاص الولاء له فلك.
فلك يعني سفن امام اذا لم يعرف المرء قدره فليس له حج وليس له نسك، فعلاً لو يعبد الانسان بين الصفا والمروة مليون سنة وهو لا يحمل في قلبه ولاءاً لأهل البيت ولعلي ولآل علي لأنّ عباراته لا تحمل روحاً لأنّ الأعمال، الضمان في صحتها وصلاحها ان يؤخذ روحها ومضمونها من تراث النبي وآل النبي، تراث النبي وتراث إلاسلام لا يؤخذ إلا من علي وآل علي، مثلاً عنده من مقاطع شعره الذي ذهب نسبه الى الغير:

لو ان عبداً اتى بالصالحات غداً

وود كل نبي مرسل وولي

وعاش ما عاش آلافاً مؤلفة

وصام ما صام وقام ما قام

هذه مذكورة في كتب الأدب، آخر القصيدة يقول الخواجة نصير الدين:

فليس ذلك يوم الحشر ينفعه

الا بحب امير المؤمنين علي

اما وفاة الخواجة نصير الدين الطوسي (رضوان الله عليه) في عام 672 هجرية في الكاظمية وقد اوصى ان يدفن بجوار الامامين الجوادين وقبره الآن موجود في الرواق ومكتوب عليه هذه الاية، «وكلبهم باسط ذراعيه بالوسيط» اراد ديكتاتور العراق اخزاه الله، كان ينوي ان ينبش قبر الخواجة نصير الدين الطوسي ومرة‌ في تصريح وفي مقابلة ‌صحفية شتم الخواجة نصيرالدين الطوسي، ومن شرف الخواجة نصير الدين الطوسي ان يشتم على لسان هؤلاء السفاحين القتلة اذن دفن بجوار الامام موسي بن جعفر وخلد له ذلك التاريخ المشرق بخدماته.
رحم الله الخواجة نصير الدين الطوسي بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******