البث المباشر

احمد بن عبد الله التنوخي بأبي العلاء المعري

الإثنين 18 فبراير 2019 - 09:20 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 377

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن مفاخر الصادقين رجل الادب والزهد والحكمة شاعر اهل البيت ومحبهم هو احمد بن عبد الله التنوخي المشهور بأبي العلاء المعري نادراً ما يسمع احد بأحمد بن عبد الله التنوخي ويعرف بأبي العلاء المعري نسبة الى معرة النعمان في سوريا، هو من مواليد هذه المنطقة عام 363هـ وقد ملأ الدنيا ذكره وشعره وطبعاً هذا الرجل تعرض الى التشكيك والهتك وحتى اتسم بالالحاد والزندقة وهذه شنشنة يرددها خصوم اهل البيت في كل من يهتدي بهداهم ولا ينخرط في مدح الطغاة، يعني لو كان قال بيتاً في مدح الاموية او العباسية صار شاعراً لايتجاوزه احد بالايمان لكن لا، المرحوم كاشف الغطاء يعتبر ان اكبر دليل على اخلاص ابي العلاء المعري لاهل البيت هو بيتان له في آل الرسول يقول:

لقد عجبوا لآل البيت لما

اتاهم علمهم في جلد جفر

ومراة المنجم وهي صغرى

تربه كل عامرة وقفر

وهو يشير بهذا الى حديث للامام الصادق(ع) حيث قال عندنا الجامعة وعندنا مصحف جدتي فاطمة الى ان قال وعندنا الجفر وهو جلد حيوان تكتب عليه المعلومات المهمة لانه مقاوم للتلف ووجدت ايضاً ان له بيتين يكشفان اكثر عن ولاءه لآل النبوة ‌وهو قوله:

ارى الايام تفعل كل نكر

فما انا في العجائب مستزيد

اليس قريشكم قتلت حسيناً

وكان على خلافتكم يزيد

ومن يقرأ ترجمة ابي العلاء يدرك انه فلتة من فلتات الزمن ونابغة‌ من نوابع العالم، وقرأت له في نسمة السحر قوله في الحكمة وفي ولاءه لامير المؤمنين يقول:

ايها الملحد لا تعصي النهى

لقد صح قياس واشتهر

وهي الدنيا اذاها ابداً

زمراً واردة اثر زمر

يا ابا السبطين لا تحفل بها

اعتيق ساد فيها ام عمر

وابو العلاء المعري هو عربي الاصول وفي السنة الثالثة من عمره كف بصره اثر مرض عضال الم به وكان ذكياً جداً يحفظ المادة في مرة واحدة وعكف على دراسة العلم والادب القديم والحديث ونظم الشعر وهو ابن احد عشر عاماً، كان زاهداً منقطعاً عن الناس متمرداً على مقاييس دهره الباطلة والتي لا تراعي الحقوق ومكانه الرجال وكان يجيب على من يعتب عليه لا عتزاله عن الناس فيقول:

ما رأيت الجهل في الناس فاشياً

تجاهلت حتى قيل اني نائل

فيا عجبا كم يدعي الجهل عالم

ويا عجبا كم يدعي العلم جاهل

هو يحكي الناموس الحاكم آنذاك وحتى في زماننا، اشتهر ابو العلاء المعري بأنه نباتي في مأكله فأجتنب اكل اللحوم والدهون وغيرها وقالوا انه مرض في شبابه فصنعت له امه مريقة فرخ حمام فلما عرض ذلك عليه رفض اكله وكان يخاطب الحمام المذبوح بتأثر يقول:

استضعفوك فقتلوك

فلو كنت قوياً ما ذبحوك

لم لا يقتلوا شبل الاسد

وتروى عنه الكثير من النوادر مثلاً منها انه كان يتردد على الشريف المرتضى وذات مرة وهو بصره مكفوف عثر عند دخوله برجل فصرخ الرجل منزعجاً من هذا الكلب اجابه ابي العلاء فوراً الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً فتعجب الرجل من سرعة الجواب واستحضار المعنى ومن نوادر شعره في الحكمة‌ قوله في قصيدة طويلة وهي غنية بالحكمة والموعظة غير مجد في ملتي واعتقادي:

نوح باك ولا ترنم شاد

ابكت تلكم الحمامة او غنت

على فرع غصنك المياد

الى ان يقول: 

تعب كلها الحياة فما

اعجب الا من راغب بازدياد

والقصيدة تتجاوز الخمسة عشر بيتاً وفيها الكثير من العبرة والفوائد والنصائح وله ايضاً في عالم التأليف مؤلفات تتجاوز السبعة واشهرها كتاب رسالة الغفران واعود واذكر نكتة عن شدة ذكاءه ابو العلاء المعري كان يحب قصيدة ابو الحسن التهامي والتي مطلعها:

حكم المنية في البرية جاري

ما هذه الدنيا بدار قرار

كان ابو العلاء كلما يزوره شاعر من العراق يسأله هل تحفظ قصيدة التهامي فأذا قال احفظها قال اقرأها فكان يقرأها ومن طريق الصدفة ذات يوم زاره ابو الحسن التهامي بنفسه وهولا يعرفه فسأله ابو العلاء المعري انت من العراق قال نعم قال هل تحفظ قصيدة ابي الحسن التهامي قال بلى قال انشدنيها فلما انشدها ابو الحسن وسمعها ابو العلاء فسأله فجأة اظنك انت ابو الحسن التهامي فأجهش بالبكاء قال بلى وكيف عرفت قال سمعت القصيدة من عشرات الناس فما قرأها احد بحرقة كما قرأتها انت فعرفت بأنك صاحبها هذا يدل على قوة الفطنة ومن اجمل شعر ابي العلاء في الحسين(ع) قصيدة طويلة يشير فيها الى حمرة السماء في اليوم العاشر من المحرم ويقول فيها:

وعلى الافق من دماء الشهيدين

علي ونجله شاهدان

فهما في آخر الليل فجران

وفي امسياته شفقان

يقول:

يا بن مستعرض الصفوف ببدر

ومبيد الاحزاب من غطفان

احد الخمسة الذين هم الاعراض

في كل منطق والبيان

توفي ابو العلاء المعري في بلدته عام 449 هـ في الثاني من ربيع الاول ورثاه عند قبره اكثر من تسعين شاعراً ومنهم علي بن همام في قصيدة‌ رائعة‌ قال فيها:

ان كنت لم ترق الدماء زهادة

فلقد ارقت اليوم من جفني دما

ونرى الحجيج ان ارادوا ليلة ذكراك

اوجب فدية من احضما

تغمده الله برحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة