الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
ومن الذين يستحقون صفة الصادقين مضموناً ومعنيً ومحتويً هو شاعر وعالم اهل البيت وهو الناشئ الصغير، هناك ناشئ صغير مقابله الناشئ الكبير، الناشئ الكبير ابو العباس الانباري ولست بصدد الحديث عنه الشاعر الناشئ الصغير هو من علماء اهل البيت ومن فطاحل تاريخ اهل البيت واسمه علي بن عبد الله البغدادي المكنى بأبي الحسن اما تسميته بالناشئ الصغير مقابل الناشئ الكبير وهو في البداية كان حلاء يعني صائغ يعمل الحلي التي تتحلى بها النساء لكن سبحان الله ولا يدرى ما هو السبب من الله عليه بذهنية حادة وحافظة ومواهب خلاقة وابداعات فمن طفولته كان يلاحق الادباء والشعراء ومصادر المعرفة واذا بهذا الشاب الذي هو ولد من ابوين عاديين وابو ابوه كان عبداً مملوكاً لكن اصبح من علماء الكلام ومن فطاحل الادباء والمحدثين والشعراء وهذا الرجل وظف حياته كلها لخدمة اهل البيت (ع) يوصفه المتنبي وهو المتنبي نواة شعره من بركات الناشئ الصغير فكان يكتب المتنبي في وصف الناشئ الصغير- كأن سنان ذابله ضمير- فليس من القلوب له ذهاب- وصارمه كبيعته بخم مقاصدها من الخلق الرقاب- صاحب معجم الادباء عن الخالع يروي قوله كان الناشئ الصغير من المدافعين عن الامامة ويناظر عليها بأجود عبارة واستنفذ عمره في مديح اهل البيت حتى عرف فيهم واشعاره في اهل البيت لا تحصى، هو بغدادي ولانه سنة 271هـ فعلى هذا هو من شعراء القرن الثالث الهجري ولعب دوراً كبيراً وهنا اروي قضية وهي جداً ملفتة للنظر معجم الادباء يروي هذه القصة عن الخالع الذي سبق ان ذكرته قال كنت مع والدي عام 346 وانا صبي في مجلس ضخم في المسجد ببغداد بين سوق الوراقين والصاغة وكان المجلس غاصاً بالناس واذا برجل دخل وكأنه مسافر وبيده عصا يتكأ عليها وعليه آثار الغبار والتعب فسلم على الناس بصوت عال سلام عليكم ثم صاح ايها الناس انا رسول اليكم من قبل مولاتي فاطمة فتعجب الناس - الزهراء(ع)- فقال اتعرفون احمد المزوق - الخطيب في ذلك المجلس- قالوا نعم هذا جالس واشاروا اليه قال الرجل مخاطباً الخطيب يا احمد رأيت في المنام مولاتي فاطمة الزهراء وهي تقول اذهب الى احمد المزوق وقل له نح على ابني بشعر الناشئ الصغير الذي - من حسن الصدقة ان الناشئ الصغير كان جالساً في المجلس - الذي يقول- بني احمد قلبي بكم يتقطع - بمثل مصابي فيكم ليس يسمع- الناشئ لما سمع اخذ يلطم على رأسه وعرف انه مقبول عند الزهراء (ع) ومن كان مقبولاً ومرضياً عند فاطمة نتبرك بتراب اقدامه فلما لطم وجهه المجلس ضج بالبكاء واخذ الخطيب يردد بقية الابيات - عجبت لكم تفنون قتلاً بسيفكم- ويسطو عليكم من لكم كان يخضع - كأن رسول الله اوصى بقتلكم- واجسامكم في كل ارض توزع - ظلمتم وقتلتم وقسم فيئكم- وضاقت بكم ارض فلم يحمى موضع- والمجلس والنياحة على قدم وساق حتى صلى الناس الظهر ثم جهدوا بالرجل ان يأخذ مالاً - الناشئ الصغير على هذا الرثاء- فأبى وقال لو اعطيت الدنيا بأسرها ما اخذت هذا المال، العلامة السماوي رحمه الله جمع في مثل ديوان شعر الناشئ الصغير في ثلاثمئة بيت وحوالي اكثر كله في اهل البيت وآل الرسول من جملتها - يا آل ياسين من يحبكم- بغير شك لنفسه نصحا- انتم رشاد من الضلال- كما كل فساد بحبكم صلحا- هنا انبه الى ملاحظة، من بين قصائد الناشئ الصغير اشتهرت هذه القصيدة، قصيدته البائية وهي من روائع شعره ومطلعها:
بآل محمد عرف الصواب
وفي ابياتهم نزل الكتاب
هم الكلمات والاسماء لاحت
لآدم حين عزله المناب
محبتهم صراط مستقيم
ولكن في مسالكه العقاب
ولا سيما ابا حسن علي
له في الحرب مرتبة تهاب
هو البكاء في المحراب
اذا لم تبرء من اعدا علي
فمالك في محبته ثواب
البعض انغفل او سهى ونسب هذه القصيدة الى عمرو بن العاص وانى له ان ينظم هذا الكلام وطبعاً بعض المؤرخين اشتبه ونسبها لابن الفارض والحال ان القصيدة تلقى في دواوين قبل ما يولد ابن الفارض، العلامة الاميني اعلا الله مقامه يعالج هذا الغلط يقول ان الذي احسبه جملة من الشعراء قصائد مشابهه لهذه القصيدة وتجاريها في الوزن وفي القافية وربما اختلطت بعض ابياتها او حرفت فأستعيرت ابيات الناشئ الصغير في تلك القصائد عموماً هذا الشاعر ابرز مضمون من مضامين الصادقين، المتنبي الشاعر يقول- سجلت مرة له هذه الابيات في امير المؤمنين(ع) - ابا حسن سيدي انت انت- صراط المهيمن لو انصفوكا- ولو آمنوا ببني الهدى- وبالله ذي الطول ما خالفوكا - وانت جعلت قريشاً عبيداً- ولولا حسامك كانوا ملوكا- وانت المقدم في النائبات - فعند الخلافة لم اخروكا- ولو آمنوا نبي الهدى - وبالله ذي الطول ما خالفوكا- ولو ايقنوا بمعاد لما - ازالوا النصوص ولا مانعوكا- ولكنهم كتموا الشك- في اخيك النبي وافدوه فيكا - ولكنهم اخروا حظهم- ولو قدموا حظههم لقدموكا - اي دفاع عن اهل البيت وعن امير المؤمنين اقوى من هذا الدفاع، هذه المقطوعة من شعر الناشئ جهاد من اروع انواع الجهاد لان حربهم لعلي حرب على الله ورسوله، السيف الذي يشهر بوجه علي يشهر بوجه رسول الله وبوجه الله سبحانه وتعالى فعاش الرجل حياته كلها خدمات لاهل البيت على صعيد البيان والمنبر والقلم والحديث وعلم الكلام ومختلف الميادين توفي الناشئ الصغير ببغداد عام 366هـ ودفن هناك نسأل الله ان ينور ضريحه ببركة ما اسداه وهو شهيد وفي بعض الروايات جاء ان احرقوه حياً ثم بعد مدة نبشوا قبره واستخرجوا عظامه وايضاً احرقوه مرة ثانية هذه مواقف اصحاب اهل البيت أسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******