البث المباشر

تفسير موجز للآيات 40 الى 49 من سورة الطور

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:45 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 976

 

بسم الله والحمد لله إذ هدانا للإيمان والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. إخوتنا المستمعين الأكارم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم حيث ما كنتم إذ تستمعون الى حلقة أخرى من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" وتفسير ميسر من آي الذكر المبين حيث سنكمل في هذه الحلقة ما تبقى من آيات سورة الطور المباركة..

بداية أيها الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة مرتلة من الآيات الأربعين حتى الثالثة والأربعين من سورة الطور..

أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ{40} أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ{41} أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ{42} أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ{43}

كلمة "مغرم" تعني الخسارة المالية من غير سبب أو مبرر، و"المثقل" هو من يحمل الثقل. وتشير الآيات، أيها الكرام، الى أنه لا محل للشريك في دائرة القدرة الإلهية.

كما لا ينبغي أن ننتظر الجواب عن بعض الأسئلة، وذلك لأن السؤال في بعض الأحيان يحمل رسالة. وفي هذه الآيات يطرح الله تعالى شأنه مجموعة من الأسئلة لا يشفعها بجواب؛ وذلك لأن الغاية من السؤال هي أمر آخر غير تحصيل الجواب، بل الغاية هي إيقاظ المعارضين لرسالة الله عزوجل.

ومما نتعلمه من هذه الآيات المباركة أولاً: لا يطلب الأنبياء الأجر المادي من الناس.

ثانياً: في الإرشاد والدعوة الى الحق، يجب على الداعي أن يتجنب الحديث عن القضايا المالية لما فيها من إثارة للشبهات وتشويش الأذهان.

ثالثاً: لا يستند معارضو الأنبياء وأعداؤهم، إلى حجة منطقية، ولا إلى بينة من عالم الغيب.

رابعاً: السؤال والجواب، من الأساليب التي يستخدمها القرآن في الإقناع والدعوة الى الحق.

وخامساً: عاقبة الحيلة والخداع ترتد على المخادع نفسه.

أما الآن، مستمعينا الأكارم، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات الرابعة والأربعين حتى السادسة والأربعين من سورة الطور المباركة..

وَإِن يَرَوْا كِسْفاً مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ{44} فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ{45} يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ{46}

"الكسف" أيها الأفاضل، هو القطعة، والمقصود من هذه الكلمة في هذه الآية هو القطعة من الحجر أو غيره تنزل كعذاب سماوي. و"مركوم" متراكم بعضه فوق بعض. و"يصعقون" من الصعق وهو بمعنى الإغماء وشبهه الذي يصيب الإنسان إثر الصاعقة. وقد استعملت بصيغة المجهول للدلالة على الإضطرار والعجز.

ومما نستقيه من هذه الآيات الشريفة أولاً: العناد يدعو الإنسان الى الخطأ في تقدير الموقف والتحليل.

ثانياً: لا ينبغي للداعي الى الله، أن يسارع الى اليأس من استجابة الناس، فالقرآن لم يدع النبي (ص) الى الإعراض عن القوم إلا بعد طرح الأسئلة.

ثالثاً: ليست العجلة من السنن الإلهية في التعامل مع المعاندين والكافرين.

ورابعاً: عندما يحل الغضب الإلهي لا ينفع كيد أو خطط سرية، ولا صداقات ومساعدة من الخارج.

في هذه اللحظات، إخوتنا الأفاضل، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات السابعة والأربعين حتى التاسعة والأربعين وهي آخر آيات سورة الطور المباركة..

وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{47} وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ{48} وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ{49}

أيها الكرام، يستفاد من الآية السابعة والأربعين وما قبلها، أن رفض دعوة الأنبياء ظلم، وربما يكون المراد، تقسيم الكافرين الى فئتين إحداهما تتصف بالكفر وحده، والثانية تتصف بالكفر والظلم في آن معاً، وهذه الأخيرة يشدد عليها العذاب.

كما افتتحت هذه السورة بالقسم بمحل المناجاة وهو الطور، فختِمت بالدعوة الى المناجاة والتسبيح في الليل.

وأما "إدبار النجوم" هو وقت الفجر عندما تغيب النجوم قبيل طلوع الشمس، ويرى المفسرون أن المراد من التسبيح في الآية هو صلاة الليل ووقتها في السحر. وورد في الحديث تفسير عبارة "إدبار النجوم" أنهما "ركعتان قبل الصبح".

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الشريفة أولاً: يجمع الله على الظالمين عذاب الدنيا مضافاً الى عذاب الآخرة.

ثانياً: على الداعي الى الله أن يتحلى بالصبر والثبات في مواجهة المعاندين.

ثالثاً: الأحكام الإلهية تصب في النهاية في خدمة تربية الإنسان ورعاية الله له.

رابعاً: ذكر الله وتسبيحه من الأمور المعينة على الصبر والثبات.

خامساً: تسبيح الله مقدم على حمده، فعلينا أن ننزه الله عزوجل أولاً ثم نحمده ونثني عليه.

وسادساً: للدعاء والمناجاة أوقات خاصة، يترتب على المناجاة فيها آثار ربما لا تترتب في غيرها.

إخوتنا الأكارم، مع نهاية تفسير سورة الطور المباركة وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" حيث قدمناها لحضراتكم من إذاعة طهران صوت الجهمورية الإسلامية في ايران، فحتى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة