البث المباشر

تفسير موجز للآيات 56 الى 60 من سورة الذاريات

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 971

 

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله حمد الشاكرين ثم الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أحبتنا المستمعين الأفاضل سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. تحية طيبة لكم أينما كنتم وأهلاً ومرحباً بكم الى هذه الحلقة من سلسلة حلقات برنامج "نهج الحياة" حيث سنقدم لحضراتكم تفسير ما تبقى من آيات سورة الذاريات المباركة..

بداية، أيها الأكارم، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات السادسة والخمسين حتى الثامنة والخمسين من سورة الذاريات فكونوا معنا على بركة الله...

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{56} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ{57} إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ{58}

حول إشارة الآية السادسة والخمسين الى غاية الخلق يقول مولانا الإمام الحسين عليه السلام: إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة سواه".

ولكن، أيها الأحبة، إذا كان الهدف هو العبادة، فلماذا لا نجد أنه يتحقق بصورة كاملة، وعند جميع الجن وبني البشر؟

الجواب هو أن القرآن الكريم قد أكد مراراً أن الله قادر على إرغام أنوف المخلوقات على العبادة لو أراد، ولكنه شاء أن تكون عبادة العباد نابعة من حرية إرادتهم.

ومن تعاليم هذه الآيات المباركات أولاً: المعرفة من اللوازم القريبة للعبادة؛ ولذلك يمكن القول إن معرفة الله والسير نحوه من الأهداف المرادة من الخلق لملازمتها وكونها مقدمة للعبادة.

ثانياً: الإنسان في معرض الغفلة والنسيان، ومن هنا كان من المناسب تذكيره بالغايات المرادة من خلقه بشكل دائم.

ثالثاً: الرزاق ليس بحاجة إلى الرزق من أي مخلوق.

رابعاً: توجد الكثير من الوسائل والمقدمات التي يتوقف عليها وصول الرزق إلى الإنسان؛ ولكن الرزاق هو الله سبحانه.

وخامساً: لا يعجز الله عن إيصال أي رزق يريد إيصاله الى عباده.

أما الآن، إخوتنا الأكارم، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين التاسعة والخمسين والستين وهي آخر آيات سورة الذاريات المباركة..

فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ{59} فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ{60}

أيها الأكارم، كلمة "ذَنوب" في الآية الخامسة والتسعين، معناها النصيب والسهم.

وكما أن هذه السورة بدأت في آيتها الخامسة بكلمة "توعدون" فهنا ختمت بكلمة "يوعدون" وهذا يدل على أن هدف السورة موضوعها الأساس هو (المعاد).

وتلفت هذه السورة إلى أن لبعض الناس من هذه الأمة نصيبهم من العذاب، كما لسائر العصاة والجبابرة من الأمم السابقة، فلماذا استعجال ذلك ومطالبتهم بسرعة نزول العذاب عليهم؟

كما تشير هاتان الآيتان الى أن الشرك والكفر، في منظومة القيم القرآنية، من أشكال الظلم. هو ظلم لله تعالى بجعله في مصافّ خلقه، وظلم من الإنسان لنفسه بالسعي في رضا المخلوق بدل السعي في رضا الخالق، وظلم من الإنسان لأسرته بحرمانها من الهداية وتقديمه المثل السيئ لها.

ويرى العلامة الطباطبائي، في كتابه "الميزان" أن المراد من الظلم في هذه الآية هو الشرك والكفر، وليس ظلم الناس والإعتداء على حقوقهم.

كما قيل إن المراد من اليوم الذي يوعدون في الآية هو يوم بدر، ولكن يحتمل بقوة أن يكون المراد منه يوم القيامة.

ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان الكريمتان أولاً: من لا يضع نفسه في طريق الهدف الذي خلق من أجله، وهو العبادة، يكن ظالماً لنفسه ولحقوق الله سبحانه وتعالى، بل لا يكون ظالماً فحسب بل يكون كافراً أيضاً.

ثانياً: تاريخ الأمم الماضية شاهد على المصير الذي سوف يصير إليه الظالمون.

ثالثاً: الأعمال المتشابهة لها جزاءات متشابهة، كما أن بين المتشابهين في السلوك نوع من التقارب والصحبة.

رابعاً: الغضب والقهر الإلهي له أوقاته المحسوبة تبعاً لحكمة الله وإرادته المنزهة عن العبث والعجلة.

خامساً: مصير الإنسان مرهون بأعماله خيراً كان أم شراً، والظلم والكفر من أسباب الإبتلاء بالعذاب الإلهي.

وسادساً: التفكير في المستقبل يصون الإنسان من سوء العاقبة.

إخوة الإيمان، مع ختام تفسير سورة الذاريات المباركة وصلنا وإياكم الى نهاية حلقتنا هذه من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر وتفسير سورة أخرى من سور القرآن العظيم نستودعكم الباري تعالى والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة