البث المباشر

تفسير موجز للآيات 38 الى 46 من سورة الذاريات

الأربعاء 7 ديسمبر 2022 - 11:58 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 969

 

بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين والصلاة والسلام على خير الأنام خاتم الرسل الكرام سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الأطهار العظام.. مستمعينا مستمعاتنا في كل مكان سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات وأهلاً ومرحباً بكم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" وتفسير ميسر آخر من آي الذكر الحكيم .. حيث نواصل في هذه الحلقة، تفسير سورة الذاريات المباركة بدأً بالإستماع الى الآيات الثامنة والثلاثين حتى الأربعين منها فابقوا معنا مشكورين..

وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ{38} فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ{39} فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ(40)

أيها الأكارم، السلطان المبين، في الآية الثامنة والثلاثين، هو البرهان القاطع الذي يلزم الخصم، ويقطع حجته بالدليل الواضح.

وكلمة "نبذ" بمعنى رمى، ويستعمل لإلقاء الأشياء الحقيرة، و"مليم" من اللوم والملامة.

أما الركن في الآية: القوة والجيش، وكل العناصر التي كان يستقوي بها على غيره من الناس؛ أي إن فرعون أعرض عن دعوة موسى (ع) وشرع في مواجهته معتمداً على كل عناصر القوة التي كانت متوفرة له.

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات المباركات أولاً: يحتوي تاريخ الأنبياء على الكثير من العبر.

ثانياً: إحدى طرق الإصلاح في المجتمع التوجه الى رأس الفساد لإصلاحه.

ثالثاً: الغضب الإلهي لا يأتي إلا بعد إتمام الحجة.

رابعاً: يعاني المنحرفون، مضافاً الى العذاب الظاهري، الندم والإحساس باللوم الباطني.

وخامساً: عندما يحل الغضب الإلهي يصيب الظالمين وأعوانهم، ولكن اللوم الأكبر يتوجه الى رؤوس الظالمين بقوله تعالى "وهو مليم".

أما الآن، ندعوكم، أيها الأفضل، الى الإستماع الى تلاوة الآيتين الحادية والأربعين والثانية والأربعين من سورة الذاريات المباركة..

وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ{41} مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ{42}

إخوتنا الأفاضل، تشير هاتان الآيتان الى تحويل قوم عاد الى ما يشبه العظم الرميم، بعد نزول الغضب الإلهي عليهم، بعد ما كانوا عليه من القوة والمنعة. و"رميم" من (الرم) وهو الفتات من الخشب والتبن، والرم إصلاح الشيء البالي، ومنه الترميم.

ومما نستقيه من هاتين الآيتين الكريمتين أولاً: الظواهر الطبيعية كلها، بما فيها من نفع أو ضرر للإنسان، بيد الله سبحانه.

ثانياً: قد تكون البلاءات والكوارث الطبيعية، كالقحط والجفاف، من نتائج الغضب الإلهي.

وثالثاً: الماء والهواء من جنود الله التي يحارب بها الظالمين.

حضرات المستمعين، أما الآن، وقبل تفسيرها، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة مرتلة من الآيات الثالثة والأربعين حتى السادسة والأربعين من سورة الذاريات المباركة..

وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ{43} فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ{44} فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ{45} وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ{46}

المراد من قوله تعالى (حتى حين) أيها الكرام، هو مهلة الأيام الثلاثة التي أعطيت لقوم ثمود لعلهم يتوبوا ويندموا على ما اقترفت أيديهم. ولكنهم أصروا على ما فعلو ولم يبادروا إلى التوبة، فنزل عليهم العذاب بعد ثلاثة أيام، كما يخبرنا الله عزوجل في الآية الخامسة والستين من سورة هود (...تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب)

ومما تعلمه إيانا هذه الآيات الشريفة أولاً: إمهال المجرمين من السنن الإلهية.

ثانياً: منشأ الأوامر الإلهية هو ربوبية الله تعالى، بهدف تربية الإنسان وتهذيبه.

ثالثاً: تكشف إشارة القرآن الكريم إلى رؤية العذاب والعجز عن الفرار منه عن أقصى حالات الذل التي يبتلى بها المجرمون.

رابعاً: الإستمرار على الفسق أقبح من الفسق نفسه.

وخامساً: في بعض الحالات يتحول الفسق إلى ظاهرة إجتماعية عامة، ومثل هذا الفسق هو الذي يؤدي إلى نزول العذاب الإلهي.

إخوة الإيمان الى هنا نصل وإياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر دمتم سالمين وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة